متحف «فيكتوريا أند ألبرت» يستقبل مصممات قطريات في إطار احتفالية «قطر ـ المملكة المتحدة 2013»

  • 9/8/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لندن: جميلة حلفيشي تشهد العاصمة البريطانية على مدار العام العديد من عروض الأزياء لمصممين من كل أنحاء العالم.. عروض تكون طموحاتها كبيرة وعطاءات العديد منها قليلة، إما لقلة التنظيم، أو شح الإمكانات، أو عدم توفر الإبداع والإبهار، لهذا عندما تحضر فعالية تتوافر فيها كل هذه العناصر، فإن المفاجأة تكون سعيدة وممتعة، وتخرج منها منتشيا. وهذا ما حصل تماما يوم الخميس الماضي في متحف «فيكتوريا آند ألبرت». الفعالية كانت عربية من بطولة ثلاث مصممات قطريات صاعدات تناولن قطعة أيقونية متجذرة في الثقافة العربية بكل غموضها وجمالياتها، موضوعا لهن، ألا وهي العباءة. ما أكدته المصممات الثلاث، إلهام الأنصاري، وحصة المناعي، وفتحية أحمد الجابر، في ذلك اليوم أن التصميم في منطقة الشرق الأوسط نضج وبات يؤخذ بجدية بوصفه فنا وصناعة وليس مجرد هواية تعتمد على التطريزات الغنية والألوان المتوهجة من دون اهتمام بالتفاصيل الدقيقة واللوجستيات التي تجعل المصمم يستمر وينجح بدلا من أن يتراجع ويختفي بعد أول تجربة. وهذا ما أشارت إليه شريفة الفاضل، واحدة من مؤسسات «مركز الروضة» والمساهمة في هذه الفعالية، بقولها إن مهمة أساسية من مهام المركز هو اكتشاف المواهب ورعايتها، ومساعدة المقاولين الصغار على فهم أبجديات أي عمل تجاري للاستمرار والنجاح. ويعتبر هذا المركز قاسما مشتركا بين المصممات الثلاث، اللاتي استفدن منه بشكل أو بآخر، سواء من خلال الدورات التدريبية أو من خلال إقامة المعارض المحلية والعالمية، الأمر الذي انعكس على عطاءاتهن. ما لا يختلف عليه اثنان أن كل قطعة قدمتها كل مصممة جاءت تحاكي الـ«هوت كوتير» بحرفيتها، وتنافس أناقة أي فستان باريسي خاص بسهرة فخمة، رغم أن التحدي أمامهن كان كبيرا، بحكم أن العباءة والجلابية من القطع التي قد تضع أي مصمم على المحك. فإمكانية التطوير أو اللعب عليها أمر صعب ومحفوف بالمخاطر، لكن كلا من حصة المناعي، وإلهام الأنصاري، وفتحية أحمد الجابر، دخلن التحدي ونجحن، حيث أثبتن للجميع أن التطوير ممكن من دون المساس بالأساسيات، وأن هذه القطعة التي ارتبطت في ذهن بعض الغربيين بإيحاءات سلبية، لها جوانب أنثوية مثيرة، لا يفهمها ويقدرها سوى العارفين. الشيخة ريا الخليفة، رئيسة منظمة «فاشون إكستشينج» Fashion Exchange التي لعبت دورا مهما في هذه الفعالية، وفي دعم المصممين الصاعدين، وتقريب وجهات النظر الغربية - الشرقية من خلال خلق فرص تعاون بينهم وبين مصممين محترفين، شرحت هذا الأمر بقولها إن العباءة جزء من الثقافة العربية مثلها مثل الكيمونو بالنسبة لليابان والساري بالنسبة للهند، وبالتالي من الخطأ ربطها باضطهاد المرأة أو أي إيحاءات مماثلة مع تجاهل تام لجمالياتها. وهذا ما وضعته المصممات نصب أعينهن. المصممة فتحية أحمد الجابر، التي افتتحت العرض بمجموعة من العباءات الأنيقة أغلبها لمناسبات السهرة والمساء بأقمشتها المترفة وتطريزاتها، لم تخف اعتزازها بهذه القطعة أو سعادتها، قائلة إنه العرض الأول بالنسبة لها «وأن يكون في متحف (فيكتوريا آند ألبرت)، فهذا أقرب إلى الخيال بالنسبة لي. صحيح أني شاركت في عدة معارض في السابق، لكني لا أصدق أني في لندن وفي هذا المكان التاريخي الرائع بالتحديد، الذي أعرف فيه بقطعة متأصلة في ثقافتنا». فتحية لم تدرس التصميم، فهي خريجة قسم التجارة والاقتصاد والمحاسبة، لكنها تتمتع بحس تجاري إلى جانب حس فني يظهر بوضوح على تصاميمها.. تقول إن قصتها مع العباءات والتصميم بدأت عندما كانت في التاسعة من عمرها، حين كانت تصمم لنفسها، لكنها سرعان ما أثارت انتباه قريباتها وصديقاتها اللاتي بدأن يطلبن منها أن تصاميم خاصة. أما عالم التصميم بشكل احترافي، فلم تدخله إلا منذ ثلاث سنوات، مركزة على العباءة، التي تريد أن تجعلها أكثر أناقة، كما تقول، مستفيدة من إرثها العريق وإمكاناته الغنية: «أحلم بتوظيفه بطريقة حيوية من خلال التلاعب على الأقمشة والتطريزات والخطوط الهندسية المحددة». بدورها، قدمت المصممة حصة المناعي مجموعة لا تقل رقيا، بعضها أقرب إلى الفساتين باللون الأسود. الإحساس الذي يغمرك وأن تتابع عرضها هو أن المصممة أكثر ثقة وخبرة، ربما لأنه سبق لها أن عرضت في باريس وروما ولندن عدة مرات، بالإضافة إلى مشاركتها في كثير من المعارض المحلية والعالمية. تقول إنها، منذ أن تخرجت في جامعة قطر بقسم الاقتصاد وتصميم الأزياء، وهي تعرف أنها تريد أن تتخصص في تصميم العباءات والجلابيات بهدف حقنها بجرعة عصرية تروق لامرأة تريد التميز. وبالفعل جاء كثير من التصاميم مزيج يتراقص على نغمات شرقية وغربية؛ فبينما كل شيء في العرض يعبق بسحر الشرق من حيث التطريزات والتفصيل الواسع والياقات العالية، مثل ياقة «نهرو» التي ظهرت في عباءة سهرة بتطريزات غنية، إلا أن نسبة لا يستهان بها من التصاميم تخللتها لمسات غربية مثل الطول القصير الذي يعلو على الكاحل، والبليسيهات التي ظهرت في قطعة بالكامل أو في الأكمام والياقة في عباءة أخرى. التأثير المغربي كان أيضا حاضرا إلى جانب التأثير الأندلسي الذي كانت جرأته تزيد كلما زاد عدد الكشاكش. أنهت الأمسية المصممة إلهام الأنصاري، بمجموعة من الجلابيات لقيت إعجابا كبيرا من قبل الحضور الأجنبي خاصة، نظرا لإيحاءاتها التقليدية وألوانها الصارخة. استهلتها بجلابية بدرجتين من الرمادي طرزت ياقتها المستديرة بأحجار الكريستال، ويمكن أن تغني عن فستان سهرة من دار أزياء باريسية عريقة بتصميمها العصري والأنيق، سرعان ما أتبعتها بمجموعة أعادتنا إلى جذور المصممة وبيئتها الشرقية.. فقد بدأت جرعة الألوان تزيد حيوية وإشعاعا، والتطريزات سخاء، وكأن هذه التطريزات لم تكن كافية، وأضافت إليها إكسسوارات من الذهب الأصفر بأحجام كبيرة، زينت بها الرأس حينا والصدر حينا آخر. رغم المبالغة وصراخ الألوان المستوحاة من الطبيعة تارة ومن الأحجار الكريمة تارة أخرى، فإنها كانت بمثابة نسمة صيف، أكدت للحضور أن للموضة العربية وجوها كثيرة؛ فخلف العباءة السوداء يمكن للمرأة أن تستمتع بشتى الألوان؛ إذ ليست هناك خطوط حمراء، كما يعتقد البعض، فيما يتعلق بما يمكنها أن تلبسه في حياتها الخاصة. وهذا ما كانت تريد إلهام الأنصاري أن توصله إلى الحضور ونجحت فيه.. فهي تعترف بأنها تستلهم خطوطها من جذورها العربية، ولا تتوقف عن الغوص في أعماق التقاليد لتصوغ منها أشكالا عصرية تخاطب كل الأعمار ولا تعترف بزمن، لأنه من دون الماضي لا يمكن أن نشكل المستقبل. تأتي الفعالية في إطار احتفالية «قطر - المملكة المتحدة 2013» التي تشهد تعاونا بين البلدين فيما يخص تنظيم العديد من الفعاليات الفنية والثقافية، وشهدت لحد الآن تنظيم العديد من المعارض وعروض الأزياء. غرايام شيفيلد، مدير المنظمة البريطانية للفنون، قال إن «هذا الحفل يعتبر منبرا للمصممات القطريات الصاعدات ووسيلة لفتح باب التعاون بينهن وبين مصممين بريطانيين معروفين من أمثال مصمم القبعات المعروف فيليب ترايسي، الذي تعاون مع فتحية أحمد الجابر في عرضها، أو دار (سوذبيز) للمجوهرات والحقائب التي تعاونت مع المصممة حصة المناعي. وهو تعاون من شأنه أن يزيد من فهم وتذوق الثقافة القطرية وفي الوقت ذاته يبحث عن إمكانات لتعاون مستمر في المستقبل، وهذا يعني أننا قد لا نستغرب إن قدم المصمم فيليب ترايسي قريبا مجموعة من القبعات على شكل عمامات، أو (الشيلات) التي تخاطب أنيقات المنطقة العربية بعد أن زين رؤوس النجمات والأميرات الأوروبيات بقبعاته، كما قالت الشيخة ريا الخليفة».

مشاركة :