عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائب وهبي قاطيشا، اتهم رئيس التيّار الوطني الحرّ جبران باسيل، بـ«الإمعان في توتير الأجواء مع (القوات) والحزب التقدمي الاشتراكي، عبر إصراره على محاولة تحجيمهما في الحكومة الجديدة». وعبّر عن أسفه لأن «يعيش لبنان عهد رئيس تخلّى عن صلاحياته لمصلحة شخص لا يعترف اللبنانيون بدوره». وحذّر من أن «تجيير مهمّة الرئيس لصهره، سيقود البلاد إلى أزمة سياسية كبرى»، منبها إلى أن «المُضي في عرقلة تشكيل الحكومة، سيؤدي إلى انهيار اقتصادي، لا يمكن تدارك نتائجه السلبية على لبنان».وأعلن النائب قاطيشا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كان بطلب من الرئيس عون، بهدف تبريد الأجواء بين (القوات) والتيار الوطني الحرّ (الذي يرأسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل وصهر الرئيس عون) ولم يتناول ملف الحكومة، وهذا ما حصل أيضا خلال لقاء الرئيس بالنائب السابق وليد جنبلاط، لترطيب الأجواء مع الحزب التقدمي الاشتراكي»، معتبرا أن «المكونات السياسية والأحزاب ضاقت ذرعا بتصرفات جبران باسيل»، لافتا إلى أن وزير الخارجية «لا يزال مصرّا على توتير الأجواء مع (القوات اللبنانية)، نتيجة انزعاجه من ارتفاع التأييد المسيحي لها، وزيادة عدد نوابها من 8 إلى 15 نائباً، ولم يكن يتوقع هذا التأييد الشعبي اللبناني والمسيحي».وتشهد العلاقة بين المكونين الأقوى مسيحيا «التيار الوطني الحرّ» و«القوات اللبنانية» تراجعا كبيرا منذ الانتخابات النيابية، وبات خلافهما يهدد بنسف «تفاهم معراب» الذي طوى صفحة الصراعات العسكرية والسياسية القائمة بين الطرفين منذ عام 1989.وعزا قاطيشا الأسباب إلى «سلوك باسيل الذي يحاول تدجين (القوات) بتحجيم تمثيلها الوزاري، وتدجين تيّار (المستقبل) عبر محاولة فرض وزراء سنة على الرئيس سعد الحريري، وفرض وزراء دروز على الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وتطويع كل المكونات السياسية الأخرى التي تعارض مشروع هيمنته».ولا تزال عقدة «القوات اللبنانية» تمثّل العقبة الأساس أمام تشكيل الحكومة، حيث تقول المعلومات المتداولة إن باسيل يصر على إعطائها 3 وزراء، من دون حقيبة سيادية، ومنعها من الاحتفاظ بمنصب نائب رئيس الحكومة، ليكون من حصة رئيس الجمهورية، فيما تصرّ قيادة «القوات» على 4 حقائب، بينها نائب رئيس الوزراء، وحقيبة سيادية (الدفاع)، ووزارة خدماتية.وذَكَّر قاطيشا الوزير باسيل، بأن «مهمة تشكيل الحكومة منوطة بالرئيس المكلّف بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، لكن الرئيس عون إذا أراد تجيير هذه المهمّة لصهره (باسيل)، فإن القوى السياسية لا توافقه الرأي، لأن ذلك سيقود البلاد إلى أزمة سياسية كبرى». وقال: «النواب الذين يمثلون القوى والأحزاب السياسية، انتخبوا عون رئيسا للبنان، لكنه لا يستطيع أن يوكل جبران باسيل أو أي أحد غيره بإدارة دفّة الحكم في البلاد، وليس من حقّه أن يجيّر هذه الوكالة لأي كان».ورأى أن «هذه الممارسات لا تؤخّر ولادة الحكومة فحسب، بل تضع لبنان أمام مخاطر كبيرة جداً»، منتقدا بشدّة تهاون عون حيال تصرفات صهره، وأضاف: «للأسف نحن نعيش في ظلّ عهد رئيس تخلّى عن صلاحياته لصالح شخص لا يعترف اللبنانيون بدوره، ولا يسمحون له بممارسة مسؤوليات الحكم».وأكد قاطيشا أن تيار «المستقبل» برئاسة سعد الحريري، والحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط، و«القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع «ليسوا بصدد إنشاء جبهة سياسية، لكن الرئيس سعد الحريري يتولى حماية التمثيل الحقيقي لـ(القوات) و(الاشتراكي)، من أجل الحفاظ على التوازن اللبناني، خصوصا أن الانتخابات الأخيرة أعطت نصف التمثيل المسيحي لـ(القوات اللبنانية)، والنصف الآخر للتيار الوطني الحرّ، لذلك فإن الحريري يحرص على هذا التوازن الدقيق».وأقرّ قاطيشا بأن «سياسة الإقصاء التي يعتمدها باسيل تجاه الأطراف الأخرى، وحّدت هذه القوى في مواجهته، وجعلتها أكثر تصميما على إحباط مخطط كسر التوازن السياسي في البلاد».وتشير معلومات الخبراء إلى أن كلّ تأخير في ولادة الحكومة يعرّض الاستقرار السياسي، وربما الأمني للخطر، في ظلّ رسائل يبعث بها مقربون من «حزب الله» والنظام السوري، ومنهم النائب جميل السيّد، عن خيارات بديلة، تدفع الحريري إلى التنحي عن تشكيل الحكومة، وتكليف بديل عنه، غير أن عضو كتلة «الجمهورية القوية» رأى أن «لا مصلحة لأحد في هزّ الاستقرار السياسي والأمني، لكننا نخشى على الوضع الاقتصادي؛ لأن استمرار الوضع القائم قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي يصعب تدارك مفاعيله إذا وقع، لا سمح الله». وأردف قاطيشا: «الذين يتحدثون عن بديل للحريري، سبق لهم أن شكّلوا حكومة اللون الواحد برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، لكنهم (رفعوا العشرة)، وناشدوا الحريري وقوى (14 آذار) للعودة إلى السلطة، لأنهم ليسوا أهلا للحكم، وبالتالي لن يجرأوا على تجرّع هذا الكأس مرّة أخرى».وتوقف النائب قاطيشا عن الخطاب الأخير للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله، الذي تميّز بالهدوء، ولفت إلى أن «كلام نصرالله الهادئ، يعكس التحولات التي تحصل على صعيد المنطقة، بحيث لم يعد مرغوبا به في سوريا، وأن الوضع في اليمن يميل لصالح الشرعية والتحالف العربي، خصوصا أن معركة الحديدة اقتربت من الحسم».ورأى أن نصرالله «يحاول التقاط أنفاسه لتهيئة أجواء العودة إلى لبنان، وبالتالي ليس في مصلحته خربطة الوضع الأمني داخلياً، لأن الظروف ليست لصالحه ولا لصالح لإيران، بل تصب في مصلحة العقلاء في العالم العربي والقوى الدولية».
مشاركة :