عيد المزروعي: لو أراد الله تكريم أمة لأرسل لها قائداً كالشيخ زايد

  • 7/7/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أبوظبي: رانيا الغزاوي كل من عرف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» عن قرب، لابد وأن يتعلم من شخصية هذا القائد الفذ الذي جاء في فترة زمنية، تعطشت فيها المنطقة إلى مثل هذه القيادة المميزة، فلو أراد الله أن يكرم أمة، لأرسل لها قائداً كالشيخ زايد الذي اتصف بصفات خاصة لابد وأن يعرفها الجميع عن قرب.هكذا بدأ عيد بخيت المزروعي وكيل دائرة الخدمات والمباني التجارية في أبوظبي سابقاً، رئيس جمعية كشافة الإمارات، وعضو المجلس الوطني الاتحادي سابقاً، حديثه عن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مستعرضاً رحلة القائد المؤسس والتحديات التي تغلب عليها في سبيل توفير سبل الراحة والإمكانيات المتقدمة والعيش الرغيد للمواطنين، في كافة المجالات. هم أولاً وأضاف: نشأ الشيخ زايد في الصحراء وهي جامعة كبيرة تخرج فيها، أصقلت قدراته وجعلته صبوراً قادراً على مواجهة أصعب التحديات والبدء بإمكانيات شحيحة، ففي بداية تقلده الحكم عام 1966، تمكن من مواجهة تلك التحديات التي يجهلها الكثيرون وهي إنجازات عظيمة، حيث كانت إمارة أبوظبي صحراء خالية من الطرق والخدمات والمياه العذبة والكهرباء، لا يوجد بها إلاّ مبنى الحصن الذي كانت تحيط به مساكن المواطنين المبنية من سعف النخل وكانت حياتهم صعبة وشاقة، ففي تلك الفترة حينما كان يجتمع بعدد من المواطنين عنده في المجلس بالحصن، دعاهم للخروج خارج الحصن. مساكن كما أمر في عام 1968 بتخطيط مساكن تضم غرفتين ومجلساً ومطبخاً لإسكان المواطنين، وأمر بإحضار خبراء في البناء لتنفيذ ما أراده، فأخبروه بأن أبوظبي تخلو من المياه العذبة ويصعب فيها البناء، فاقترح عليهم خلط الماء العذب بماء البحر، وأمرهم في حال لم تتوفر المياه العذبة ببناء مساكن لمدة سبع سنوات من مياه البحر، وكان ذلك تحدياً وإصراراً على تجاوز التحديات وإرادة منه بأن يسعد شعبه؛ فلم يكن يريد أن يراهم يقطنون تحت سعف النخل في حر الطقس، وفعلاً نقل المواطنين ممن كانوا يسكنون في منطقة قصر الحصن، ومن قدموا من مدينتي العين والظفرة وتم إعطاؤهم هذه المساكن، وأدخلت لهم الكهرباء بتوجيهات من المغفور له ولم يكتف بذلك، إنما قام بتأثيث هذه المساكن مجاناً وبعد 7 سنوات من بناء هذه البيوت أمر زايد بنقل المواطنين إلى فلل حديثة تضم خدمات متكاملة من الكهرباء والطرق والصرف الصحي، كما أمر بتعويضهم بمبالغ مادية لتعينهم على تكاليف المعيشة، فهذا المشروع لا يوجد له مثيل في دول العالم ويعد من مشاريع زايد الإنسانية المميزة التي رسخت الأمان والاستقرار الاجتماعي للمواطن.وتابع قائلاً: «هم أولاً»، التي كانت بمثابة النواة الأولى التي زرعها الشيخ زايد لما يسمى اليوم بالسعادة، السعادة هي شجرة كبيرة غرس أساسها الشيخ زايد، فلدينا اليوم وزارة للسعادة، ومبادرات السعادة التي تزخر بها مؤسسات الدولة، فكثيرون لا يعلمون متى زرعت بذرة الأساس وأن الشيخ زايد هو من رسخ جذورها، ولم يكتف المغفور له بما قدمه لأبناء وطنه من نقلة اجتماعية من حياة بيوت سعف النخيل إلى بيوت حديثة مجهزة تجهيزاً كاملاً، بل أمر بتخصيص مزرعة لكل أسرة وأن يزرع بها 200 نخلة ثم تمدد وتحفر لهم الآبار جميعها بالمجان، على أن يسوقوا لمنتجاتهم في مراكز المزارعين، ثم جاء بعد ذلك مشروع المباني التجارية في إمارة أبوظبي بإنشاء مبانٍ تجارية للمواطنين دون فوائد، وتعد هذه الورقة الثالثة لكلمة «هم أولاً» التي تصب في مجال الزراعة، ثم جاء موضوع التشجير والذي سعى إليه الشيخ زايد، حيث نشر المسطحات الخضراء والتي تحققت بفضل رؤيته وإصراره، فقد كان المغفور له يطلب من المسؤولين أن تتولى الشركات المتخصصة في مجال الزراعة لاستثمار الأرض الزراعية وتوزيع جزء من المردود على المواطنين المتعسرين مادياً. إرث للعائلة وتذكر أحد أقوال الشيخ زايد فيما يتعلق بالمباني التجارية للمواطنين، قائلاً: «لقد طلب المغفور له الشيخ زايد من البنوك، بناء فلل سكنية مكونة من ثلاثة طوابق، وبعد عامين اجتمع بالمواطنين أنفسهم المستفيدين في أحد مجالسه التي حضرتها وأخبروه أنه أمر بإعطائهم مباني، لكنهم لم يستفيدوا منها، حيث كانت البنوك تحصل على فوائد وتأخذ الدخل، فقال لهم نحن بنيناها لكم وسنكلف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وكان وقتها ولياً للعهد، بأن يتولى عملية تسديد المبالغ لجميع البنوك وأن تحول المباني بأسمائهم ودون فوائد، وكانت قرارات مهمة أصدرها الشيخ زايد في 1969، إضافة إلى قراره بعدم بيع المنزل الشعبي والمنزل التجاري والمزرعة، فقد كان يريدها أن تكون مستنداً وإرثاً للعائلة وأن يستفيد منها المواطن، كل هذا لم يتعلمه زايد من الكتب، إنما نبع من حرصه واهتمامه بالمواطن وقضاء حاجاته، وبالرغم من أنه كان منشغلاً بباقي أمور الدولة وبنائها، إلا أنه وضع المواطن في أولوياته بالرغم من شح الإمكانيات في بداية عهد الدولة، إلا أنه كان حريصاً على رسم وبناء والتخطيط لمستقبل المواطنين». الزراعة ومن مقولات زايد التي كان يرددها في مجالسه «والله لو أن كفي يزرع لزرعته»، كما كان يرددها أيضاً أمام المنظمات الدولية الذين طلب اليهم زراعة المسطحات الخضراء وفحص التربة، حيث كانوا يرونها مالحة ولا تصلح للزراعة، وبالرغم من ذلك لم ييأس؛ حيث أمر بإحضار الطين الأبيض ووضعه أعلى الرمال، وأمر بزراعة الأشجار المقاومة للملوحة، ونجح في ذلك، وقال «سننشر المساحات الخضراء»، وغايته وقف زحف الصحراء وخلق بيئة مناسبة للكائنات الحية كالطيور المهاجرة وكان تحدياً كبيراً، نجح زايد في تخطيه، حيث باتت الزراعة تصل إلى أقصى حدود الدولة، من الواحات والنخيل والغابات والمزارع».وكان الشيخ زايد يقول لنا دائماً في مجالسه: «لا خير في المال إن لم يخدم الشعب»، وقصد به تأمين المسكن، والتأمين الصحي والتعليم والعمل والحياة الدستورية والطرق والبيئة، ما ساهم في رفع مستوى المواطن الاجتماعي والمعيشي، فلم يرض للمواطن أن يعمل سائقاً أو عاملاً، مع تقديره لكل أنواع العمل، لكنه ابتغى الراحة والرفاهية لمواطنيه، فقد نقلهم من حياة البداوة إلى حياة المدينة المتطورة والحديثة، ووفره لهم كل السبل لتحقيق ذلك. مواقف عربية وأكد أن الشيخ زايد لم يغفل عن المواقف العربية خلال حكمه، حيث مد يد العون إلى الدول الشقيقة المجاورة، من خلال الدور الذي كان يقوم به من خلال صندوق أبوظبي للتنمية، حيث وجه من خلاله بمساعدتهم بالقروض للتغلب على ما يواجهونه من أزمات مالية، في بداية السبعينات، كما قام بزيارة اليمن ووقف على سد مأرب لبنائه لحجز المياه بهدف حفظ الحضارة في اليمن، وقال لسكان تلك المنطقة لماذا لا تبنون السد؟ أخبروه بعدم توفر الإمكانيات لذلك، فتبرع ببنائه، ما يعد إنجازاً تاريخياً يدلل على عروبة المغفور له.وأضاف: كان المغفور له الشيخ زايد دائماً يوصي بمصر والاهتمام بها، حيث بنى مدناً سكنية كمدينة الشيخ زايد ومشاريع زراعية، كما وقف وقفة لا تُنسى مع الجيش المصري في العام 1967، حيث رفض وقتها الاتحاد السوفييتي إعطاءه قطع غيار، فأمدهم المغفور له بالأسلحة بالرغم من أنه كان قد تولى مقاليد الحكم حديثاً والتحديات التي كانت تواجهه في ذلك الوقت كبيرة، ومن مواقفه العظيمة في هذه الحرب أنه أوقف تدفق البترول وقتها وتصديره حتى انتهاء الحرب، معللاً ذلك بأن الدم العربي أغلى من البترول. أسرة واحدة وروى أحد الأحاديث التي قالها في مجلسه قائلاً: «عندما سأله صحفي بريطاني، مستغرباً من أنه أغدق على شعبه بأن منحهم المساكن والمزارع ووفر لهم كل سبل الراحة متعجباً من حرص زايد على تلبية احتياجات المواطن، فأجابه الشيخ زايد هل أنت متزوج ولديك أبناء؟ أخبره بنعم، فأخبره بأن الشعب جميعهم أبناؤه»، وهذا يعد نواة لمقولة البيت متوحد التي جاءت من فكر زايد، وكان يدعم هذا الفكر بالزيارات الشخصية التي كان يقوم بها للمواطنين في منازلهم، وشرفت بأن كنت أحد المواطنين الذين لبى زايد دعوتهم على مأدبة غداء في المنزل مرتين في 1985 وفي 1990، وخلال الزيارة الأولى كنت أعمل وكيلاً لدائرة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، مسؤولاً عن دائرة المباني في إمارة أبوظبي، والتي سميت فيما بعد بدائرة الخدمات والمباني التجارية، ومن المواقف الطريفة التي صادفتني أننا كنا نودعه قبيل سفره إلى باكستان في عام 1985 فمازحني قائلاً: «يا مزروعي نزلت البيت وما عزمتنا»، بهذه اللطف والتواضع مازحني، وعندما عاد من سفره دعوته إلى منزلي في زيارة عائلية كان وقعها طيباً بحضور أبنائي وأفراد أسرتي. لاتحاد.. التحدي الكبير أكد عيد بخيت المزروعي أن من الإنجازات الكبيرة التي تركها زايد لشعبه على مستوى دولة الإمارات، ذلك التحدي الكبير الذي واجهه لتوحيد الإمارات، ونشأة الاتحاد، كما كان يطمح إلى ضم الدول الخليجية الأخرى إلا أنه لم يوفق في ذلك الوقت، وغدا الاتحاد الإنجاز الحضاري الكبير الذي قدمه المغفور لهما الشيخ زايد والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، كهدية لشعب الإمارات، فكم من الاتحادات العالمية لم تصمد على مدى طويل منها مصر وسوريا والاتحاد السوفييتي. وختم: كان اهتمام الشيخ زايد بالإنسان والحيوان، فقد اهتم بالخيل والإبل والصقور، وكان متواضعاً يسقي الزرع بيده، كما اهتم بالثروة الحيوانية والحفاظ على الموروث الشعبي والاجتماعي، حيث كان يسأل من يجالسهم عن رصيدهم من الإبل والمواشي، سعياً منه لتنمية الثروة الحيوانية، حتى كان في بعض الأحيان يأمر بإعطاء المواطنين رؤوساً من المواشي والإبل لينتفعوا بها، و كان يقول أقوالاً ويطبقها، كان يستنتج الأمور وينفذها، وكان يجاري العالم يأخذ منه أفضل الإيجابيات ويبتعد عن السلبيات، فقد كانت عبارات «المغفور له» الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حِكَماً، ومن كان يجالسه استفاد من طموحه ونظرته البعيدة للأمور الثاقبة، فهو مدرسة، أوجد لنا اليوم الاتحاد وقيادات تسير على نهجه وتعمل على أن تكون الدولة حديثة ومتميزة.

مشاركة :