يبدو أن دول الحصار الجائر المفروض على دولة قطر منذ أكثر من عام لا تفهم لغة القانون وأدواته، فهي تلجأ إلى التقاضي والترافع والمتابعة في الأماكن الخطأ، في سياق محاولاتها للتغطية على فضائحها الأخلاقية والإنسانية والقانونية أمام منظمات دولية لا يمكن أن تُطوّع بلغة المال. وإن نجحت تلك البلدان في شراء الذمم الإعلامية والسياسية بين هنا وهناك، فقد ظنت أيضاً أن بإمكانها اللجوء إلى منظمة دولية متمثلة في «إيكاو» لتقوم الأخيرة بالتجني على حقوق دولة قطر التي حصلت من منظمة الطيران المدني الدولي على قرار لصالحها.وكانت «إيكاو» قد وافقت على الشكوى التي رفعتها دولة قطر التي اتهمت دول الحصار بانتهاك اتفاق ينظّم حرية عبور طائرات الركاب في الأجواء الخارجية، وهو الأمر الذي تسبب بحالة من الارتباك والفوضى، وردود الفعل العشوائية في الرياض وأبوظبي والمنامة. تعثّر ولجأت الدول الثلاث، أمس الجمعة، إلى محكمة العدل الدولية لحل الأزمة التي أوقعت نفسها فيها بشأن المجال الجوي السيادي، وذلك بعد أن طلبت من المحكمة الخميس إلغاء قرار لصالح قطر أصدرته «إيكاو». وكانت المنظمة أصدرت الأسبوع الماضي قراراً بأن لها صلاحيات للبت في القضية التي رفعتها قطر، وتتهم فيها جاراتها بانتهاك اتفاق ينظم حرية عبور طائرات الركاب في الأجواء الخارجية. وتطالب الدول الثلاث المحكمة الآن بإلغاء قرار «إيكاو» بدعوى عدم اختصاص المنظمة بالنظر في ذلك النزاع. وقالت الدول الثلاث في وثائق رفعتها إلى المحكمة إن «مجلس إيكاو ليس مؤهلاً للبت في الخلاف». وتطالب باعتبار قرار المنظمة «ملغى وباطلاً وليس له أي مفعول». والغريب أن تلك الأطراف التي تدعي بأنها دول تمتلك مؤسسات ذات حضور محلي ودولي، لا تعلم كيفية التقاضي ومواقعه والجهات المسؤولة عنه، كما يبدو أن مستشاريها قد أوقعوها في حالة من الإرباك الذي أدى لظهورها بمظهر مضحك أمام المؤسسات والمنظمات الدولية. إشادة وكان سعادة السيد جاسم بن سيف السليطي، وزير المواصلات والاتصالات، قد أشاد بقرار منظمة الإيكاو؛ الخاص برفض طعون بلدان الحصار في شكوى قطر المقدمة إلى المنظمة ضد دول الحصار. وفي تصريحات صحافية قبل أيام، قال سعادة الوزير: إن دول الحصار هربت من الواقع باللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وإن كنت لا أنصحها بهذا الأمر، لأن القضية اختصاص أصيل للمنظمة، متسائلاً إذا كانوا غير معترفين بقرار المنظمة فلماذا ذهبوا إليها، وقدموا حججاً واهية؟ وأضاف سعادته: قرار «الإيكاو» الصادر مؤخراً برفض طعون دول الحصار في شكوى قطر، سيجري تعميمه على هذه الدول، ومنحها فترة معينة للإجابة عن تقارير دولة قطر، وإيداع ردودها القانونية التي أخرتها لمدة جاوزت ستة أشهر، مشيراً إلى أن مجلس «الإيكاو» منح هذه الدول نحو 11 يوم عمل للإجابة عن التساؤلات فيما يختص بملف القضية في اتفاقيتي «شيكاغو» و»العبور». نصر وتابع السليطي قائلاً: «هذا نصر حقيقي للحق والعدل، ونحن أصحاب قضية عادلة، حيث اجتمعت هذه الدول واتفقت على إغلاق الأجواء أمام الطيران القطري دون مبرر، والفقرة 4 من اتفاقية «شيكاغو» واضحة وصريحة، وتنص على أنه لا يجوز استخدام الطيران المدني لغير الأغراض التي خصصت»، مبيناً أن هذه الدول خالفت نص القانون، ومنظمة الإيكاو تعمل على استقرار قطاع الطيران المدني في العالم، وضمان حرية المرور للعالم أجمع، مؤكداً أن قضية قطر عادلة وستنصر بكل المقاييس. وأكد سعادته أن هناك تفاعلاً دولياً من العالم الخارجي بالقضيتين المقدمتين من قطر ضد دول الحصار، وقال: «هناك اتفاقيتان هما «شيكاغو» و»العبور»، وهناك دول موقعة على اتفاقية شيكاغو وغير موقعة على اتفاقية العبور، والعكس صحيح، لذلك قررنا تقديم القضيتين، والمجلس أقر بإجماع أعضائه أنهم أصحاب اختصاص أصيل للنظر في القضيتين». وأضاف: «كنا نتوقع قيام هذه الدول بتزوير الوقائع كالعادة، واللجوء إلى محكمة العدل الدولية على أساس إطالة أمد القضية التي نتأكد من عدالتها، ومن عدالة الطرح». مصداقية وكان السيد عبد الله بن ناصر تركي السبيعي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، قد أكد مؤخراً أن الهيئة اتجهت منذ بدء فرض الحصار الجائر على دولة قطر إلى المنظمة الدولية للطيران المدني «إيكاو»، حيث اتخذت الدوحة إجراءاتها برفع الشكاوى للخروقات التي تمارسها دول الحصار لاتفاقية الطيران المدني الدولي، والتي من أبرزها اتفاقيتي «شيكاغو 1944»، و»العبور للأجواء الدولية». وبيّن -في تصريحات للصحافيين- أن الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس «إيكاو» بتاريخ 26 يونيو الماضي، تم خلالها رفض الطعون التي تقدمت بها دول الحصار، والتي تدّعي فيها أن «إيكاو» ليست جهة الاختصاص للبت في شكوى دولة قطر، ولكن أخيراً أقر المجلس رفض هذه الطعون، وقبول -باكتساح من كل أعضائه- النظر في قضية دولة قطر مع دول الحصار، وقال: «إن هذا نجاح كبير لدولة قطر، بفضل اتجاهها إلى هذه المنظمة الدولية والمهنية، وفشل كبير لدول الحصار». ومنذ فرض الحصار الجائر على دولة قطر في الخامس من يونيو من العام الماضي، قامت دول الحصار بمنع مرور الطيران المدني القطري فوق أراضيها ومياهها الإقليمية، كما أقدمت على إغلاق مكاتب الخطوط الجوية القطرية على أراضيها.;
مشاركة :