أعلن مركز الشال للاستشارات الاقتصادية، إنه «لو افترض أن إيرادات الاحتياطي العام صفر، وأن تركيزاً سينصب على تغيير وظيفة احتياطي الأجيال القادمة ليحقق معدل 6 في المئة على مدى السنوات الخمس المقبلة، وهي الحدود الدنيا المطلوبة لصناديق التقاعد، وفقط على حجمه الحالي البالغ 500 مليار دولار، فذلك يعني تمويل المالية العامة بنحو 30 مليار دولار سنوياً، أو نحو 9 مليارات دينار».واعتبر أنه مع ضغط حقيقي لسقف النفقات العامة يوقف هدرها وفسادها، ومع بعض السياسات الضريبية، ستجد الكويت نفسها سائرة بشكل أقرب على خطى النرويج، وإن ظل الفارق كبيراً.وبيّن «الشال» أن الأوضاع الاستثنائية، مثل ضعف طويل الأمد لسوق النفط، قياساً لما كان عليه عندما كانت الأسعار فوق الـ 100 دولار بهامش كبير، والأخذ في الاعتبار بأن القادمين من المواطنين إلى سوق العمل خلال 15 سنة بعدد من فيه حالياً، أي أكثر من 400 ألف مواطن، فلا بد من تبني سياسات وإجراءات استثنائية.وأشار إلى أنه رغم كل ما ارتكبته السياسات المالية من خطايا في حقبة رواج سوق النفط، فهناك إمكانية في المستقبل لاحتواء ما هو أسوأ بكثير، كلما بكر المعنيون بتبني حلول استباقية استثنائية، مؤكداً أن حريق المالية العامة هو أخطر ما هو مقبل. ورأى «الشال» أنه في حال صدقت الأرقام المنشورة حول الاحتياطيات المالية للدولة بشقيها، أي احتياطي الأجيال القادمة والاحتياطي العام، فالأرقام التي نشرتها وكالة «فيتش» مقاربة جداً للمنشور حول حجمهما البالغ نحو 178 مليار دينار، أو نحو 590 مليار دولار. وأشار إلى أنه بات معلنا رسمياً حجم الاحتياطي العام البالغ نحو 26 مليار دينار، ما يعني أن حجم احتياطي الأجيال القادمة بحدود 152 مليار دينار، أو نحو 500 مليار دولار لاحتياطي الأجيال القادمة، ونحو 90 مليار دولار للاحتياطي العام. ولفت التقرير إلى أنه من غير المعروف، ما إذا كان ذلك هو الحجم الصافي أو الإجمالي، أي ما إذا كانت الالتزامات على المالية العامة منه قد خصمت أو لم تخصم، ولا مدى جودة مكوناتهما ودقة تقييم قيمة تلك الأصول، وما إذا كان لدى مؤسسات عامة أخرى ما يمكن أن يضاف إليهما مثل الجدل الدائر حالياً حول ما لدى «مؤسسة البترول الكويتية». وأوضح التقرير أنه قبل الدخول في بعض التفاصيل، وأنه لا بد من ذكر أن العنوان (الحالة المالية للدولة)، عنوان خاطئ، فالحالة المالية أوسع من إعطاء تقدير لحجم الاحتياطيات، فهي تتعلق باستدامة المالية العامة على المدى المنظور.وأشار إلى أن تلك الاحتياطيات تعد جزءاً من مكونات احتسابها، وأن اعتبار عرض إجماليات لقيمة تلك الاحتياطيات من دون استعراض سياساتهما ومكوناتهما قطاعياً وجغرافياً وأهداف تلك التوزيعات وتوقعات الأداء ومدى النجاح في إنجازها، لا يرقى إلى مستوى عرض حالتها.وشدد على أن الهدف قطعاً ليس بلوغ مستوى عرض صندوق النرويج السيادي المتاح بتفاصيله لأي متابع، ولكن إلى حدود مستوى متواضع، مما يقرأ على موقعه هناك في كل ثانية. واعتبر أن المستوى الذي بلغه حجم الاحتياطيات، بمثابة الحسنة الوحيدة والمهمة لعصر رواج سوق النفط الذي توقف في خريف 2014، مشيراً إلى أنه ولبناء الإستراتيجيات لاستدامة المالية العامة، فلا بد وأن تكون أولى أولياته هي استغلال والبناء على عنصر القوة المتاح. ورأى أن استدامة المالية والتي تعكس الحالة المالية الحقيقية للدولة، هي في تمويل المالية العامة من مصدر مستدام، منوهاً إلى أنه في الحقبة الحالية، فإن دخل تلك الاحتياطيات هو المصدر الرئيسي المستدام. وأفاد أن تغيير وظيفة تلك الاحتياطيات يحتاج إلى جهد ضخم، وأن تحديد هدف لها بتمويل إيراداتها لنحو نصف النفقات العامة للسنوات الخمس المقبلة، يمكن أن يخلص البلد من التبعية شبه الكاملة للإيرادات النفطية. من ناحية ثانية، توقف «الشال» عند نشر الإدارة المركزية للإحصاء الأسبوع قبل الفائت، أرقام الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة للربع الأول من عام 2018، في تطور يأتي خلافاً للماضي، إذ جاء بالأسعار الثابتة، وخلال مهلة زمنية قصيرة نسبياً.واعتبر أن الأهمية تكمن في قراءة تلك الأرقام في بعدين، الأول هو متابعة تطورها، بمعنى نموها أي توسع الاقتصاد أو انكماشه، والثاني، قراءة التطور ضمن مكونات ذلك الناتج لرؤية مناحي القوة أو الضعف فيها، بينما الأهم متابعة أثر السياسات العامة في إصلاح اختلالاته الهيكلية.وبين التقرير أن تلك الأرقام بالأسعار الثابتة تقدر بأن نمواً موجباً بحدود 1.6 في المئة، قد تحقق ما بين الربع الأول لعام 2017، والربع الأول لعام 2018، بينما ما تحقق كان نمواً سالباً وبحدود 1.1 في المئة ما بين الربع الرابع من العام الفائت، والربع الأول من العام الحالي. وذكر أن النمو الموجب ما بين الربع الأول لعام 2017 والربع الأول لعام 2018، جاء في معظمه من نمو القطاعات غير النفطية التي حققت توسعاً بنحو 2.7 في المئة، بينما انخفض معدل النمو العام إلى 1.6 في المئة، بسبب ضعف مساهمة قطاع النفط في ذلك النمو والذي حقق نمواً ضعيفاً بنحو 0.7 في المئة فقط. ولفت إلى تحقيق الناتج المحلي الإجمالي لنمو سالب بنحو 1.1 في المئة، عند مقارنته بمستواه في نهاية الربع الرابع من العام الفائت، إذ جاء كل التأثير السالب من قطاع النفط الذي انكمش بنحو 2.3 في المئة، بينما حافظت القطاعات غير النفطية على نموها الموجب وإن كان هشاً وبحدود 0.3 في المئة. واعتبر التقرير أنه ما لا يبدو صحياً، هو أن سياسات الاستدامة الاقتصادية لتنويع مصادر الدخل، المعلن عنها في كل خطط التنمية وفي كل بيانات الحكومة، لم يتحقق منها شيء، مبيناً أن الواقــع يظهر أن الخلـل الهيكلـي الإنتاجـي، ومؤشـره هيمنـة قطاع النفط على مكونات الناتج المحلي الإجمالي، مستمر كما لوحظ من أثره الطاغي في الأرقام المنشورة حديثاً. وأفاد أن مساهمة قطاع النفط بالأسعار الثابتة أعلى من نصف حجم الناتج الإجمالي، فقد كانت بحدود 55.2 في المئة خلال الربع الأول من عام 2017، وأصبحت 54.6 في المئة للربع الأول من عام 2018، أي أن مساهمة كل القطاعات الأخرى في الربع الأول من عام 2018 لا تتعدى 46.4 في المئة، وهي مساهمة غير مستدامة وإنما مدعومة بشدة من قطاع النفط. وأضاف التقرير أن مساهمة أي من القطاعات الأخرى لم تصل إلى مستوى 10 في المئة، بما يعني أن البلد بلا هوية تنموية، وأقربها إلى بلوغ نسبة 10 في المئة، كان قطاع الإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي، ومساهمته بنحو 9.5 في المئة، ولا علاقة له بأي نهج تنموي.
مشاركة :