حكايات من ذاكرة النسيان.. صديقتي

  • 7/11/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

(إلى اللقاء.. وافترقنا / نلتقي مساء غد / لنكمل النزال فوق رقعة السواد والبياض.. وبعد غد..! / وبعد غد..! سنلتقي إلى الأبد..) - صلاح عبدالصبور - ** تقول لي حين تنتابها حالة شعرية: أنت زهرة في حقل شوك، أقول لها: وما ذاك؟! تجيبني: ظروفنا الصعبة متشابهة!.. تأسرني «نا» الجمع التي تشير إلى نحن «أنا وهي».. أحياناً تقول: لضحكتك رنين شجي مختلف، حين تصافح سمعي تأخذني إلى مشارف السعادة، أشعر بأن العالم بخير، يشرق الكون بهجة، كأنما نحن في أوج الربيع.. تستغرقني عباراتها الدافئة، أسافر خلالها إلى شواطئ لا يحدها أفق ولا يغمرها ضباب أو شحوب. أغيب كثيراً ثم أعود إليها، أستعطفها بأن يبقى صوتها معي وأني طالما شعرت بالحنين إليها، تقول لي: أنا رهن ابتسامتك، عندها أوقن بأن الكلمة لا قبلها ولا بعدها وأنها لا تقولها إلا وقد شعرت بكل حرف منها.. لذا حين حطّت قدماي ووجدت فرصة سانحة هاتفتها أزف إليها خبر عودتي ولم أرها منذ ما يقارب العامين، عندها قالت إنها سوف تراني وإنها سعيدة جداً بصوتي وبحضوري.. انتظرت، قلت: غداً تأتي، هاتفتها مرة أخرى أخبرها بأنني أود إجراء عملية جراحية عاجلة لا بد منها وأني قلقة جداً وخائفة، غمرتني بفيض من دعوات صادقة.. وشدّدت كثيراً بأني لا بد أن أبلغها حال خروجي من غرفة العمليات كي تزورني في المستشفى، لذا كان من أولوياتي أن أرسل إليها في اليوم التالي رسالة عبر الهاتف المتنقّل أبشرها بنجاح عمليتي وتمامها على خير، أبلغتني بأنها في طريقها إلى إحدى قريباتها لتقديم واجب العزاء وأنها ستزورني في اليوم التالي! قلت: لا بأس. على غير المتوقع خرجت في الصباح الباكر إلى منزلي، اتصلت بي تقول إنها قريبة من المستشفى أبلغتها أنني في منزلي ولأننا في العشر الأواخر من الشهر الكريم، قالت: أوه حسناً، مؤكد سأراك خلال أيام العيد، سيحدث بإذن الله.. أقبل العيد تحفه زغاريد الفرح والأمل وأنا قيد السرير، لا زلت في مرحلة التعافي.. لم ترسل معايدة، أحدث نفسي لا بأس حتماً ستزورني وهذا أفضل.. ولم تأت، هاتفتها، كنت يومها أتوجع بشدة جراء الجرح الذي لم يندمل بعد، قالت: إنها عند قريبتها الآن وأنها سوف تأتي حتماً، لكنني هذه المرة وقد بلغ الصبر والانتظار مداه مرت عبارتها سريعاً حولي، تخيلتها خرجت سريعاً عبر النافذة الأخرى القريبة، ارتمت على الطريق عبرت إحدى المركبات واصطدمت بها، تناثرت لتصبح أشلاء من حروف ضائعة في طريق غير معبد مليء بالغبار وصرير المركبات العابرة.

مشاركة :