الإصلاحات في هذا العهد هي الأكثر أهمية وجرأة على مدى تاريخ الدولة السعودية.. وعودة الدوحة للحضن الخليجي مرهونة بقرار القطريين الأحرار والشرفاء

  • 7/13/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عرف باهتمامه بقضايا الفكر والسياسة، من خلال مشاركاته في الفضائيات كمحلل وخبير سياسي، فضلاً عن مقالاته المتنوعة في دور الإعلام وقضايا الإرهاب وحقوق الإنسان والإسلام السياسي وصراع الحضارات والأديان. ضيفنا الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الرفاعي.. رئيس تحرير جريدة المسلمون الدولية السابق، وعميد كلية الإعلام والاتصال السابق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأستاذ كرسي اليونيسكو للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، والكاتب المعروف.. خص (اليمامة) بهذا الحوار الذي جاء شاملاً ومعالجاً - من وجهة نظر الضيف - لمختلف القضايا السياسية التي يمر بها عالمنا المعاصر، متسماً بالوضوح والشفافية التي لطالما عرف بها الضيف، عبر طروحاته الإعلامية.. فإلى نص الحوار: * كيف تنظر لواقع الإصلاحات السياسية والاجتماعية التي تم اتخاذها في المملكة مؤخراً؟، وهل تتناسب مع الطابع المرحلي لها، داخلياً وإقليمياً ودولياً؟ - إن المتتبع للخطوات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، من أول يوم تولى فيه مقاليد الحكم، يجد أنه أخذ على عاتقه تحديث المملكة وتأهيلها حتى تكون أكثر تلاؤماً وتناسباً مع دول العالم الجديد والمتغير. لاحظنا في البداية، كيف بدت الهيكلة للوزارات وللمجالس، ومن ذلك إنشاء مجلسين بدلاً من المجالس المتعددة، وبعد ذلك بدأنا في كل مرحلة نتجه إلى إحداث تغيير مطلوب ويتماشى مع احتياجات المرحلة الحالية، وكان من أهمها بالطبع إحداث تغييرات على المستوى الاجتماعي فيما يتعلق بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، وإقرار رؤية للمملكة تأخذها نحو عالم جديد ومكانة لائقة بها بين دول العالم، ممثلة برؤية 2030م. وكان لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - وفقه الله -، وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين، اليد الطولى في البدء بهذه الخطوات وبشكل تدريجي وحديث، حتى أنه في خلال ثلاث سنوات تمت إصلاحات جذرية على مستوى هيكلة الحكومة. وأيضاً حدثت إصلاحات وقفزات نوعية في الواقع والحراك الاجتماعي داخل المجتمع السعودي. وحتى على المستوى الاقتصادي، تم إجراء عديد من الإصلاحات الاقتصادية من خلال هيكلة المنظومة الاقتصادية، والعمل الجاد لمحاربة الفساد، ما ترتب عليها هذه المكانة التي تشغلها المملكة على مستوى التقييمات العالمية للاقتصاد السعودي بشكل مميز ولله الحمد. كل هذه الخطوات أخذ خادم الحرمين الشريفين بالعمل بها منذ أول يوم تقلد فيه مقاليد الحكم وإلى يومنا الحالي، يتخذ الخطوة تلو الخطوة؛ لتكون المملكة في المكانة اللائقة بها على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفي مختلف أوجه ومناشط الحياة. قرارات جريئة * ألا ترى أن جملة هذه الإصلاحات التي أقرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقام بالإعلان عنها وتنفيذها سمو الأمير محمد بن سلمان تعتبر الأكثر صعوبة في مسيرة المملكة داخلياً وخارجياً طوال سنوات تاريخها الحديث والقديم؟ - لا شك أن هذه القرارات تعتبر جريئة جداً، وأيضاً شاملة وخارجة عما اعتدنا عليه خلال سنوات طويلة، ولا غرابة في ذلك، خصوصاً إذا ما اعتبرنا أنها تأتي لتعلن عن مرحلة جديدة، تم فيها تحديث المجتمع السعودي والدولة السعودية، خلال فترة قصيرة جداً لا تتعدى السنوات الثلاث. تم خلالها عمل كبير وجبار، نقل المملكة إلى مستوى آخر على مستوى الأداء الحكومي على سبيل المثال، والتفاعل والحراك الاجتماعي بشكل لم يسبق له مثيل. إن جملة هذه التغييرات والإصلاحات، هي الأكثر أهمية وجرأة على مدى تاريخ الدولة السعودية، وإن كانت كل مرحلة تتطلب تغييرات، ولكن حجم التغييرات التي تمت في هذه المرحلة، كان كبيراً جداً، ومكملاً للإصلاحات التي اتخذت في السابق. رؤية واضحة للواقع العربي * نشرت مجلة «أويل برايس» الاقتصادية الأمريكية في أحد تقاريرها، أن التوجهات السعودية خلال عام 2017م، سعت من خلالها لعمل «توطيد قوي للمخيم العربي ضد كل من إيران وتنظيم الإخوان المسلمين».. هل تتفق مع هذا الطرح؟، وما أبرز ما تم تحقيقه؟ - كان واضحاً منذ بدء عهد ملك الحزم والعزم، أن له رؤية واضحة جداً تجاه العالم العربي، وتقييم دقيق لهذا الواقع، خصوصاً إذا ما عرفنا أن الوضع العربي في السنوات الماضية شهد على محاولات الاختراق الإيرانية، وأيضاً التمدد للجماعات الإرهابية وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين. وقد تجلى هذا بشكل واضح فيما سمي بثورات الربيع العربي، لذلك كان الأمر يتطلب مواجهة هذا الواقع غير السليم، والذي يحتاج لأن ينهض بالأمة حتى تكون أمة قادرة على حماية نفسها وحدودها وكياناتها. وأيضاً قادرة على أن تكون في مصاف الأمم كما ينبغي لها. لقد تابعنا جميعاً الزيارات الكبيرة والمتعددة والمتعاقبة من القيادات العربية للمملكة العربية السعودية، وآخرها كان مؤتمر القمة العربي الذي عقد في الظهران، وقبلها كان الاجتماع العربي والإسلامي الأمريكي في السنة الماضية. وأيضاً الخطوة التاريخية للمملكة في التصدي للمخططات الإيرانية في اليمن من خلال عاصفة الحزم؛ لإعادة الأمل للشعب اليمني الشقيق. كل هذا يؤكد على أن القيادة السعودية لديها رؤية واضحة للخروج من الواقع العربي المتأزم، لتكون أمة قوية. لذلك كان من الأهداف الأساسية للقيادة السعودية، حماية الأمن القومي العربي، وتوحيد الأمة من خلال تراص صفوفها تجاه العدو. وأيضاً هناك خطوات كبيرة قام بها خادم الحرمين الشريفين ليس على الصعيد العسكري - كما هو الحال في اليمن -، وإنما على المستوى السياسي والاقتصادي؛ لمواجهة تأثيرات هذه الجماعات وتحديداً إيران، وما المقاطعة التي تمت مع قطر بقيادة المملكة وأشقائها في الإمارات والبحرين ومصر، إلا دليل على أن الرؤية واضحة جداً للتصدي لكل ما يعكر أمن واستقرار المنطقة والعالم، من خلال مواجهة العبث الإيراني، وأيضاً التمويل القطري للجماعات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لقيادات التطرف، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية. لا شك أن هذا التحليل دقيق إلى حد كبير، وبإذن الله المستقبل سيكون أفضل في العالم العربي. نصر قريب في اليمن * برأيك.. إلامَ سيفضي الوضع في اليمن، في ظل إحكام قبضة دول التحالف بقيادة المملكة على النظام الحوثي المدعوم من إيران؟، وهل قربت ساعة النهاية؟ - أنا على ثقة بأن حسم معركتنا في اليمن على وشك التحقق، وبالتالي الأهداف التي تشكلت من أجلها عاصفة الحزم تمت وبحمد الله، إذ تم قطع الذراع الإيرانية التي تريد أن تمتد إلى اليمن، والتي كانت تستهدف أمن المملكة والأمن القومي العربي. ومما لاشك فيه، أن كل الإجراءات والتحليلات للنتائج التي تتحقق في محيط صنعاء والحديدة وصعدة كلها تؤشر على أن الحسم تم بالفعل، وكل ما تبقى هو مسألة تطهير لهذه الجيوب، والمملكة مثل ما أعلن سمو سيدي خادم الحرمين وسمو ولي عهده، أنها قادرة على الحسم العسكري في وقت قياسي، ولكن حرصها على الشعب اليمني ومقدراته ووحدته هو ما دعاها لأن تأخذ سياسة النفس الطويل لإسقاط المشروع الإيراني المتمثل بعملائها الحوثيين. * تهديد الحوثيين للعاصمة السعودية الرياض في الآونة الأخيرة، من خلال إطلاقهم للصواريخ الباليستية.. كيف تقرأه؟، وما سبل اجتثاثه والقضاء عليه؟ - الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الحوثي، بدأت حقيقة منذ بداية عاصفة الحزم، وهم بذلك يحاولون أن ينقلوا الصراع من كونه صراعاً انقلابياً داخل اليمن وصراع مع الشرعية الدولية التي تقودها المملكة من خلال التحالف العربي والدولي إلى إشكالية حدودية بينها وبين المملكة العربية السعودية، ولكن بفضل الله ثم بفضل إستراتيجية المملكة وقوات التحالف، أبطل هذا المسعى. وفي تصوري هذه الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون بين فينة وأخرى، هي محاولة يائسة لتخفيف الضغط الذي يمارس عليهم من قبل قوات التحالف، وكلما تعددت هذه المحاولات تعتبر مؤشراً إلى تزايد الضغط عليهم في أرض الميدان، وبإذن الله ستكتمل خيبتهم وستعود اليمن إلى الشرعية الدولية، وستعود موحدة لأهلها قريباً، ولم يكون لإيران أو وكلائها في اليمن أي قرار في مستقبل اليمن بإذن الله. تآمر إيراني - قطري * ماذا بشأن تداعيات الموقف القطري مع دول المنطقة بقيادة المملكة؟، وهل يمكن القول إن المقاطعة المعلنة تجاهها بهدف القضاء على تيارات الإسلام السياسي بصورة كلية، لم يؤتِ ثماره بعد؟ - بالعكس الخطوة التي قامت بها المملكة وأشقاؤها في الدول العربية الأربع التي قاطعت الإرهاب وأخذت على عاتقها مواجهة تمويل الإرهاب وتوفير ملاذات آمنة لجماعات التطرف والجماعات الإرهابية، تؤكد حقيقة نجاحها إلى حد كبير، حيث تم الحد من الأدوار الكبيرة التي كانت تعيث في أرضنا فساداً ولا شك أن المواطن الخليجي والعربي صدم بشكل كبير بحجم التدخل القطري والتآمر القطري مع إيران، ومع هذه الجماعات التي تستهدف أمننا القومي العربي. وباعتقادي أن المقاطعة كانت فعالة جداً في الحد من هذا التمويل الكبير الذي كانت تقوم به قطر لقادة هذه الجماعات الإرهابية، في تأثيرها على العرب، وأيضاً العمل بشكل مريح في المنطقة. اختلف هذا الوضع الآن مع هذه المقاطعة بشكل كبير، إذ نجحت هذه المقاطعة إلى حد كبير في الحد من تمويل الإرهاب، وآمل أن ننجح قريباً بإذن الله في تطهير قطر من أن تكون حاضنة لهذه الجماعات الإرهابية، ونحد أيضاً من التمويل القطري لهذه الجماعات التي تعمل على نشر ثقافة الكراهية والتطرف في المنطقة. * وهل هناك من بوادر أمل في عودة قطر للحضن الخليجي؟ - عودة قطر مرهونة بقرار القطريين والأحرار والشرفاء من أهل قطر. وأنا أعتقد أن الشعب القطري يقيناً ليس موافقاً على السلوك الذي يقوم به النظام القطري المعادي لحاضنه الخليجي والعربي، لذلك رأينا حراكاً سياسياً قطرياً في الخارج، تمثل في المعارضة القطرية، والتي طرحت مقترحات جريئة للخروج من هذه الأزمة، من خلال إزالة هذا النظام، وباعتقادي أن الشعب القطري سيقول كلمته قريباً وبشكل كبير. تركيا وإيران * بماذا نفسر دعم تركيا للنظام الإيراني، وتركيز تصريحات المسؤولين الأتراك في اتجاه رفض الانتفاضة الشعبية ودعم استقرار النظام في إيران؟ - تركيا لديها مشروع، ومشروعها لا يقل خطورة عن المشروع الإيراني في المنطقة، لأن هذا المشروع مبني أيضاً على الهيمنة والسيطرة على المنطقة العربية. ولاشك أن هناك تنسيقاً قوياً جداً وكبيراً ما بين ظهران وأنقرة، ورأينا هذا من خلال التآمر على القضية السورية، بدءاً من قضية حلب مروراً بالغوطة الشرقية. إن المشروع التركي كبير جداً وهم يعملون بكل جد وبكل ما أوتوا من قوة لتحقيق هذا المشروع الذي يأتي بلاشك على حساب أمننا الوطني، وبالتالي هم يتعاونون مع كل الجهات التي يمكن أن تقربهم من تحقيق أهدافهم، لذلك لا غرابة أن نجد هذا التفاهم الكبير ما بين طهران وأنقرة حول كثير من الملفات ومن ضمنها دعم الجماعات الإرهابية، ومحاولة الحيلولة دون أن يعود الوطن العربي إلى لحمته وأمنه واستقراره، والحيلولة أيضاً بأن لا تكون لديه رؤية واضحة لأمنه القومي ولعلاقاته مع الآخرين، وليس لدي أي شك في أن الأتراك سيعملون جاهدين مع الجانب الإيراني لتحقيق هذه الأهداف، ولكن بإذن الله في ظل اليقظة التي يعيشها العالم العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، لن تتحقق هذه الأهداف، وستعود عليهم بالخزي الكبير. وما يزيدنا تفاؤلاً في هذا الصدد، نتائج القمة العربية التي عقدت في الظهران، حيث رأينا إجماعاً بين الدول العربية، وهذا يؤكد على أن هناك صحوة عربية واضحة لمواجهة الأخطار التي تهدد المنطقة، وقد ظهرت بوادر هذه الصحوة بعد عاصفة الحزم تحديداً، والتي أعلنها خادم الحرمين الشريفين؛ نصرة للشرعية في اليمن، ولمواجهة المخططات الإيرانية. إن حركة المقاومة في الوطن العربي بدأت قوية جداً، وهي مستمرة، وفي النهاية سيكون العالم العربي رقماً صعباً على كل من يريد أن يخترق أمنه القومي. وهذا أحد ثمار جهود خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده على مدى السنوات الثلاث الأخيرة. الأمر الذي يشير إلى وجود معادلة جديدة في المنطقة تقوم على أساس حسن الجوار واحترام الآخر وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وهذه المعادلة سنفرضها بإذن الله نحن وأشقاؤنا في العالم العربي. فنحن لسنا دولاً عدوانية، ولكن لن نسمح لأحد أن يستهدف أمننا واستقرارنا وخيراتنا ومقدرات بلادنا. المواطن الإيراني يعاني * اتفاق الجانبين الإيراني والتركي، على أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل هم المسؤولين الرئيسين عن إثارة ما تشهده طهران من اضطرابات.. إلام نعزوه؟ - لا شك أن طهران ومن خلفها أنقرة، كانوا خلف هذا الطرح، لأن الأهداف التي تمت والتي لا تزال تتم في طهران، هي بسبب محرك خارجي، وكل من يتابع الشان الإيراني يدرك بأن هذا الحديث عار من الصحة، لأن الإيرانيين لهم الآن ما يقارب ال 40 عاماً تحت حكم الملالي، والوضع الذي يشهده الشعب الإيراني في الداخل مزر وبالغ الصعوبة، إذ تراجعت إيران كثيراً على المستوى الاجتماعي، ويشهد المواطن الإيراني ضعفاً كبيراً في دخله المادي ومقومات حياته، نتيجة ممارسات النظام في طهران، ولا أدل على ذلك من الشعارات التي رفعت في مشهد وطهران وغيرها من المدن الإيرانية، إذ أصبح الشعب الإيراني أكثر وعياً مما سبق، فهو يربط ما بين سياسات التوسع الإيراني وتصدير ثورة الخميني في البلاد العربية المجاورة، وبين الوضع الاقتصادي الذي يعيشونه اليوم. وهم يأملون بأن يكون المال الإيراني للإيرانيين، وأن يكون هناك اهتمام بالشأن الداخلي. وكثير من هذه الشعارات التي رفعت بأيدي الشعب الإيراني، كانت تطالب بتغيير النظام، وهذا يعكس إلى أي حد وصل إليه المواطن الإيراني من فقد الثقة بهذا النظام، بعد أن تأكد خلال السنتين الماضيتين تحديداً، أن هذا النظام ليس من ضمن اهتماماته الاهتمام بالشأن الداخلي، وما زاده ثورة على نظامه المستبد، حصول الحكومة الإيرانية على 150 مليار دولار من الولايات المتحدة الأمريكية، وتوظيفه لهذه الأموال في تمويل وكلائه في العالم العربي، والإنفاق على الميليشيات التابعة له، في سبيل مد أفق التوسع والهيمنة في العراق وسوريا واليمن. وهذه القناعات توافرت لدى المواطن الإيراني، الذي بات على قناعة بأن لا خير يرجى من النظام الحاكم. الغريب في الأمر يتمثل في الدور التركي الداعم للنظام الحاكم في طهران، من خلال تهميش هذا الحراك الشعبي داخل إيران وعدم لفت الانتباه إليه، في سبيل تحقيق المصلحة التي ينشدها الأتراك، والتي لن تتحقق إلا بوجود هذا النظام، فهو يمثل مصلحة أساسية لهم، ويكشف إلى أي حد يصل هذا التآمر والتعاون بين النظامين، ولا غرابة في ذلك، فهما نظامان توسعيان، ولهما ذات المصالح والمطامع في المنطقة، فالأتراك يعتقدون أن النشاط الإيراني يدعم مصالحهم على المدى البعيد، وهذا التصور الذي يجعلهم يتعاونون مع هذا النظام، في حين أن وجود نظام ديمقراطي مختلف في طهران، لن يساعدهم في تحقيق مصالحهم على المدى البعيد، وهذه المصلحة هي ما تشكل أساس هذا التعاون والتحالف. * تعتبر إيران الدولة الوحيدة التي لم يختلف معها أردوغان، الذي أشتهر بدبلوماسيته العدوانية، وطموحه لتوسيع نفوذ بلاده.. إلامَ نعزو ذلك؟ - إيران تغزو للخراب وتتيح للمقاول التركي العمل ببساطة شديدة، لأن مصالح تركيا ومصالح أردوغان مع هذا النظام. نحن نعرف مثلاً أن النظام الإيراني عندما يريد أن يغزو أو يستوطن أو يسيطر على دولة ما، فهو يأتي للخراب فقط، وليس لديه أي إمكانات اقتصادية يمكن أن يقدمها، وهنا يتيح الفرصة للمقاول التركي لأن يقوم بهذا الدور، وهذا ما رأيناه في العراق، فكثير من مشاريع المقاولات وما يتعلق منها بالشأن التجاري، استفاد منها الأتراك بشكل كبير جداً، لأننا نعرف مسبقاً أن نظام طهران لا يملك إمكانات اقتصادية تمكنه من تحقيق النهوض بأي مجتمع كان، لذلك فإن الأتراك هم المستفيدون من أي حراك استيطاني عدائي تقوم به طهران في المنطقة، إضافة إلى أن هذه القضية تحكمها اعتبارات سياسية عند الأتراك، لذلك فإن المصالح التي تحققت للجانب التركي عن طريق إيران، يجعلها على وفاق مع النظام الحاكم في طهران. ولا يخفى علبنا التعاون الإيراني التركي الذي تم في سوريا على حساب أبناء الشعب السوري الشقيق، وعلى حساب التغيير الديموغرافي في سوريا، في مقابل أن يترك للجانب التركي السيطرة الكاملة على مدينة عفرين الواقعة في شمال سوريا، وبالتالي هم يبحثون عن أهداف محددة، لذلك هم لا يتورعون عن التعاون مع الشيطان ما دام يحقق لهم مصالحهم، ولا أدل على ذلك من تحول موقفهم من داعم للشعب السوري وللثوار الأحرار، إلى بائع لهم بأبخس الأثمان للإيرانيين والروس، وهذا مثال صارخ وقوي جداً، يدل على أنه لا يمكن الوثوق بهذا النظام، لأنه يعتقد أن هذه المرحلة تتطلب منه أن يتعاون مع النظام الحاكم في طهران، اعتقاداً منه أن هذا التعاون سيمكنه مستقبلاً من الهيمنة على دول المنطقة، وبالتالي هو لا يهتم حالياً بأمننا الوطني ولا بما يحقق مصالحنا، بقدر ما يهمه تحقيق مصالحه الخاصة التي تدعم الميزان التجاري الخاص بتركيا. وما يدل أيضاً، على أن تركيا تبحث فقط عن ما يحقق لها مصالحها، حتى ولو تعارضت مع منظومة القيم العربية والإسلامية، تعاونها المعلن مع الكيان الصهيوني، فهي الدولة الأكثر تعاوناً وتداولاً تجارياً وعسكرياً مع هذا الكيان المحتل لأرض فلسطين، ما يدل على أن لا أخلاق لهم، وأنهم يتعاونون مع من يحقق لهم مصالحهم بأي شكل من الأشكال. القضية السورية * ماذا بشأن الموقف المعلن من قبل المملكة مع بداية الأزمة السورية، بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد؟، ولماذا لم نعد نرى تفاعلاً من قبل القيادة السعودية مع تطورات هذه الأزمة؟ - الموقف السعودي هو الموقف الوحيد الثابت تجاه القضية السورية. فهي في البداية حرصت على أن تدفع بالنظام إلى أن يلبي احتياجات الشعب السوري، وعندما قرر هذا النظام أن يبطش بالسوريين ويستخدم آلة القتل والتدمير، وقفت المملكة مع الشعب السوري الشقيق ولا يزال موقفها داعماً له، مطالبة بتحقيق طموحاته، ورافضة المساس بوحدة ترابه، ولكن للأسف تم التآمر على هذه القضية، خصوصاً من قبل الجانب الإيراني والتركي، ورأينا كيف تراجع الموقف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً في عهد رئيسها السابق باراك أوباما، وبالتالي أصبحت الإمكانات المتاحة أمام الجانب السعودي أقل بكثير مما كان عليه في ظل هذه الظروف، ولكن مع ذلك موقفها لم يتغير، فهي كانت وما زالت مع تحقيق مطالب الشعب السوري الشقيق، في ظل حل سياسي يرتضيه غالبية الشعب، وبالتالي ليس لدى المملكة أي عداء خاص مع النظام الحاكم، وإنما هي مع إيجاد حل عادل لهذه القضية وفق مقتضيات قرار مجلس الأمن ومخرجات جنيف 1 والتي تؤكد على وجود دستور جديد، وأيضاً حكومة انتقالية، ولا أدل على ثبات الموقف السعودي، التصريحات الأخيرة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وما تم الإعلان عنه في بيان الجامعة العربية في الظهران، حيث أعلنت المملكة أنها مع الحل السلمي، وفق منظومة القرارات الدولية، ومخرجات جنيف 1. الطائفية أداة إيرانية * ألا ترى أن اضطرابات واقعنا السياسي والأمني آل إلى اضطراب الواقع المذهبي في المنطقة العربية إجمالاً؟ - إثارة الطائفية إحدى الأدوات التي استخدمتها إيران للتأثير على واقعنا السياسي والأمني في منطقتنا العربية، في محاولة منها لإعادة تشكيل المنطقة، ولكن الموقف الحكيم والشجاع للمملكة العربية السعودية، أبطل ما كان يراهن عليه الجانب الإيراني بإثارة النعرة الطائفية، ولا أدل على ذلك من تراجع الطائفية على مستوى الشارع العربي، ومع ذلك علينا أن نأخذ حذرنا، لأن الطائفية أو المذهبية، هي إحدى الأدوات التي يسعى لاستخدامها الأعداء لاختراق مجتمعاتنا ووحدة صفوفنا كدول عربية، وهذا أمر واضح وجلي في العراق، إذ ترتب عليه وجود ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). لقد تأتى للمملكة العربية السعودية أن تبطل هذا المشروع، باعتبار أنه يتطلب وجود طرفين. الطرف الأول يتمثل بإيران والجماعات الإرهابية، والطرف الثاني يتمثل بمن يقود العالم العربي والإسلامي ممثلة بالمملكة العربية السعودية، إذ هدف الطرف الأول إلى التأثير على بلاد الحرمين الشريفين بالذات، بإثارة هذه النعرات، بعد أن تمكن من تحقيق أهدافه في بعض البلاد العربية، ولكن حكمة القيادة السعودية الرشيدة، جعلت هذا المشروع يتراجع ويتوارى، بعد أن عمدت إلى إبطاله من خلال التأكيد على أنه لا مذهبية ولا طائفية في تعاملها السياسي مع الدول والمجتمعات، وبلورة نظرتها للأمور من منظور إسلامي واحد لا مجال فيه للتحيز لطائفة أو جماعة دون غيرها.

مشاركة :