نجح مشروع الربط الكهربائي الخليجي منذ تشغيل مرحلته الأولى في 2009م، في تجنيب دول الخليج الانقطاعات الكهربائية. ولقد وصلت الأنظمة الكهربائية بدول مجلس التعاون الخليجي إلى مرحلة متقدمة من التطور والتوسع، تساعدها على أن ترتبط فيما بينها بشبكات نقل موحدة، على غرار الدول المتقدمة والصناعية. تم تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع، والتي تشمل البحرين والمملكة العربية السعودية وقطر والكويت. ولعل ما يميز هذه الخطوة هو وقوف دول مجلس التعاون جنبًا إلى جنب؛ لاستغلال الطاقة الكهربائية والاستفادة منها والتي تعاظمت أهميتها وازداد الاعتماد عليها؛ لسهولة نقلها وتبادلها بين الأقطار المتجاورة، ولهذا فقد تم في 1 أغسطس 2001م إنشاء إدارة مستقلة لهذا الغرض، تحت مسمى «هيئة الربط الخليجية»، ومقرها في الدمام؛ للقيام بإنشاء المشروع وتشغيله وصيانته. ويعتبر الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون من أهم مشروعات ربط البنى الأساسية التي أقرها مجلس التعاون. ومن بين الفوائد التي يحققها المشروع تخفيض الاحتياطي المطلوب في كل دولة، والتغطية المتبادلة في حالة الطوارئ، والاستفادة من الفائض، وتقليل تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية. وفي نوفمبر 2005م، تم توقيع مجموعة من العقود؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع بقيمة تجاوزت المليار دولار أمريكي. وقد أنجزت أعمال هذه المرحلة وبدأ التشغيل الفعلي لها في شهر يوليو 2009م، وبذلك ارتبطت أربع دول أعضاء كهربائياً وهى: الكويت، البحرين، السعودية، وقطر. أما المرحلة التالية فقد أنجز الجزء الأول منها بربط شبكة الإمارات العربية المتحدة بشبكة الربط الرئيسة في 20 أبريل 2011م، وبذلك ارتفع عدد دول المجلس المرتبطة كهربائياً إلى خمس دول. ويتمثل الجزء الثاني من هذه المرحلة بربط شبكة سلطنة عمان بالشبكة الرئيسية التي تمت مؤخراً من خلال الإمارات العربية المتحدة. وأما عن الفائدة الاقتصادية، فلقد أشار رئيس مجلس إدارة هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي الدكتور مطر النيادي، إلى أن الربط الكهربائي الخليجي جنب الدول الأعضاء أكثر من 1072 حادث انقطاع منذ العام 2009م، من خلال تقديم الدعم اللحظي بنقل الطاقة المطلوبة عبر شبكة الربط بشكل مباشر، الأمر الذي حقق توفيراً في الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الانقطاعات الكاملة أو الجزئية. وأكد النيادي أن الربط الكهربائي يعمل منذ بدء تشغيله على تقديم الدعم اللحظي بنقل الطاقة المطلوبة للدعم عبر شبكة الربط بشكل مباشر، ما أدى إلى تجنب الانقطاعات الكاملة أو الجزئية في دول المجلس أثناء الحوادث الكبيرة، وبالتالي تجنب خسائر اقتصادية كبيرة قد تسببها انقطاعات الكهرباء. وبيّن تقرير اقتصادي أعدته هيئة الربط الكهربائي، وجود فوائد اقتصادية كبيرة من هذا الربط، تصل إلى أكثر من ٥ مليارات دولار في الاستثمارات، بالإضافة إلى توفير نحو 1800 مليون دولار من تكاليف التشغيل والوقود وبذلك تصل قيمة ما يوفره الربط الكهربائي الخليجي في الاستثمارات وتكاليف التشغيل حوالي 7 مليارات دولار. ولا شك أن هناك فوائد اقتصادية أخرى، تتمثل في إمكانية تركيب مولدات كهرباء بحجم أكبر من السابق، والتوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة في شبكات دول مجلس التعاون، ما يقلل تكلفة رأس المال لكل ميغاوات من القدرة المركبة، كما قُدرت القيمة الحالية للوفر الكلي للدول جميعها من خفض القدرة المركبة على مدى 25 سنة بما يتجاوز نحو 5 مليارات دولار. ان تبادل الطاقة على الربط الكهربائي الخليجي بلغ أكثر من 800 ألف ميجاوات ساعة سنويا، فيما بلغ مجموع التبادلات التجارية على الربط الكهربائي الخليجي منذ تشغيله حوالي 45 ألف ميجاوات ساعة، وهو ما تسعى هيئة الربط لتطويره بشكل أكبر. ولا شك أن الربط القائم والمبني على أسس تجارية لهو ذو أهمية عالية؛ لتحقيق قيمة اقتصادية مضافة. وهذا ما يجعل دول الخليج تعمل وفقا لاستراتيجيات تواكب النمو الاقتصادي والسكاني؛ من أجل تطوير أنشطة وأعمال هيئة الربط الكهربائي الخليجي لتدخل بعد حوالي خمسة أعوام من إنشائها مرحلة جديدة وهي تفعيل تجارة الطاقة، وإنشاء سوق خليجي مشترك للكهرباء، تتيح للدول خيارات للاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة المختلفة. وفى الختام، يعد الربط الكهربائى من أهم مخرجات التعاون والتنسيق بين دول الخليج، ولقد أدى نجاح الربط الكهربائي للتخطيط للقيام بمشروع جديد للربط المائي؛ نظراً لأهميته لجميع دول المنطقة. لا شك أن مثل هذه الارتباطات من شأنها أن تقوي نسيج التلاحم والترابط وتوجد قاعدة اقتصادية متينة ومهمة للبناء والتطور، وخلق الروابط الواقعية العملية التي تتخطى الحدود الجغرافية بين دول يجمعها كل شيء.
مشاركة :