زهراء الحكاية: أزقة قريتي ورمالها هي ما نسجت الحكاية الشعبية في مخيلتي!

  • 7/14/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

شغفها بالتراث والحكاية الشعبية أتاح لها ذات الفضول الإبداعي الجميل حيث تنوعت في رسم لوحاتها الجميلة لتقرأ قصص الماضي وحكايات الأجداد غير متناسية براءة الطفولة وبساطة الأجداد وهم يكدحون في بساتين النخيل.. وهي وسط كل ذلك اجتهدت في تجربتها الثقافية وتميزت, لهذا توجهنا لها بهذا اللقاء كي نتعرف عليها عن قرب فهي ابنة دلمون.. زهراء المبارك «حكاية» من هي زهراء الحكاية؟ زهراء المبارك سيدة وأم لأربعة أبناء خريجة ثانوية عامة، ترعرعت في بيت متواضع وأسرة متوسطة الدخل في قرية ساحلية تحيط بها المزارع من ثلاث جهات كانت متنفسا لي للعب بين أزقتها ورمال شواطئها وبحرها, ويستهويني العبث بمياه عيونها وقطف ثمار أشجارها التي تملأ المزارع. لذلك عشت ماضيها لحظة بلحظة, حفر في ذاكرتي القريبة البعيدة أجمل اللحظات، فتوقفت عند أحداث مجتمعية كثيرة، منها السعيد والمبهج ومنها المؤلم والتعيس. أحببت الجمباز والفن بأنواعه كالرسم والأعمال الفنية والأدب القصصي والمسرحي. كتبت السيناريو المسرحي وقصص الأطفال والكبار واستهوتها القصص الشعبي. رئيسة فرقة الهدى المسرحية سابقا, رئيسة فرقة قيثارة لفنون ومسرح الطفل. * كيف اتجهت زهراء الحكاية الى هذا العالم الأدبي وبالتحديد كتابة الحكاية الشعبية؟ - لم يكن اتجاهي لكتابة الحكاية الشعبية بعيدا عن تخصصي الأدبي, بل كان ذلك واضحا في تجسيدي لبعض من أعمالي الفلكلورية, ومشاهداتي لكثير من العادات والتقاليد التي تمارس آنذاك ومعايشتي لأجواء الماضي الجميل وتوظيف ذلك مسرحيا. كان أول أعمالي التراثية عملا مسرحيا باسم (يا محلا زمان أول) في عام 2002م. وبعده عمل آخر يحكي قصة الزواج في الماضي وظروفه بعنوان (واتريمبو) ثم أوبريت خراريف ويحكي القصص الاسطورية التي يقصها علينا الأجداد ثم أوبريت السبت سبمبوت, ويحكي قصة الغوص. كل هذه حكايات قصيرة اتجهت بها من الورق الى خشبة المسرح. تأثرت كثيرا بالأعمال التلفزيونية الرائعة, حزاوينا, ملفى الأياوي, فرجان لول ولكن بدايتي الحقيقية للقصص الشعبية عام 2014م, ولم تكن القصة مرتبا لها ان تكون مشروعا, بل كانت بدايتي خاطرة وكان أول أيام شهر رمضان الكريم واعتدت أن أترك بصمة من خواطري في كل مناسبة, فكتبت مشهدا من الماضي الجميل من يوميات شهر رمضان المبارك باللهجة العامية وتعمدت إبراز اللهجة والكلمات القديمة بشكل واضح, ولم يكن في الحسبان انها ستكون انطلاقة لقصص قادمة. بل فوجئت بأن ما كتبته انتشر بسرعة مهولة في أوساط المجتمع وكل ينسبه الى نفسه, وكان هذا محفزا لبداية القصص الشعبية, فتلتها قصة ليلة الختم وليلة العيد ويوم العيد. وبدأت حكايتي وشغفي مع حكايات الماضي وبلهجة جميلة جدا, وكانت بعنوان ورقة من الماضي. * ما هي إنجازاتك الأدبية حول الحكاية الشعبية؟ وهل لديك إصدارات في هذه الموضوع؟ - إنجازاتي الأدبية في القصة الشعبية الحقيقية والواقعية, حيث توزعت بين 38 قصة بين القصة القصيرة والرواية، وأعمال مسرحية تردد في الألعاب وتتداول بين الناس وإصداران صوتيان للاغاني الشعبية التي في الأحياء القديمة. والجزء الأول للكتاب القصصي «مرابع الصبا» مازال تحت الإعداد, كتبت الكثير من القصص الشعبية ومن ثم قمت بدمجها في يوميات شيقة ضمن حياة القرية. * هل ترجعين لمخزون الذاكرة هنا أم تخلقين الأحداث في مخيلتك؟ - مخزون الذاكرة هو الركيزة الأساسية وقصص الماضي من كبار السن وأخلق من شخصيات مهمة في المجتمع تراجيديا القصة حيث إن الحدث والقصة والشخوص حقيقية, وأما حبكة القصة وبعض المشاهد فمن صنع الخيال حيث كانت هذه العناصر مزيجا مهما لصناعة قصة قريبة لقلوب الناس. * زهراء.. هناك حكاية يصدقها القارئ بوصفها حقيقة وحين يتداولها يجد نفسه بعيدا عن الموضوعية معتبرا ذلك خرافة.. ما رأيك في هذا القول؟ - بشكل عام لا أعتبر هذه الأساطير والحكايات بعيدة عن الواقع, صحيح أن الأسطورة من الخيال وهذا فن امتهنه الرواة وهي أساطير من الأدب العربي, وإنما وجودها في حياتنا شيء حقيقي رغم علمنا أنها أسطورة فإننا نتعايش معها كقصة تستهوينا, ومشاهد الرعب فيها تدهشنا وتثير فضولنا, وقد صدقها الأطفال في حينها ولكن مع تقدم العمر وتداولها بين الناس من حقبة إلى حقبة جعلت الإنسان يعي ويتيقن أنها ليست إلا خرافة. أما قصص الجن فلا أجزم أنها خرافة أو حقيقة لتضارب الآراء في كونها أسطورة أو حقيقة. * عرضتِ في حكاياتك الكثير من الجوانب المتعلقة بالأسطورة المحلية ضمن نسيج الحكاية الشعبية.. ولكن هنا أين هي إبداعية الكاتب الذاتية في بناء الحكاية؟ - تنقسم الإجابة في هذا الموضوع إلى قسمين: القسم الأول أن الأسطورة كما هي ذكرتها دون إضافات وكتبتها بطريقة رواية الحكواتي, وأي تغيير فيها يعتبر تحريفا لأدب عريق لا يمكنني التغافل عنه, والغرض من كتابتها هو التوثيق لهذه الأسطورة وبقائها كما هي. أما القسم الآخر من الإجابة فهو أن الأسطورة لم تكن هي القصة, وأنها جزئية مشهدية من القصة رسمت من خلالها الجو القصصي القديم, من حيث وصف المكان والشخوص والملابس والأجواء والسلوكيات والحالة المجتمعية والظروف وصفا دقيقا حتى يخيل للقارئ أنه أحد عناصر هذه القصة. * اليوم.. تراثنا المحلي في رأيك هل نال نصيبه من الاهتمام كما يجب؟ - لم يأخذ حقه, ولم يكن له نصيب من الاهتمام، ولكن التوجه الأكاديمي في الفترة الأخيرة وظهور الكثير من المهتمين والباحثين عن جمال تلك الحقبة وأسرارها في صناعة حضارة البلد, فبدؤوا ينشطون في إبراز هذا التراث وهو حافز للارتقاء بمستوى هذا الأدب, وأنا على يقين أنها في الطريق نحو الظهور والوضوح وقد تصل الى ما نتمناه, إذا تمت العناية به من مؤسسات الدولة. * - اهتمامك بتقديم مسرح الطفل.. هل تجدين التشجيع المطلوب على صعيد الجهات التي ترعى الثقافة أم العكس؟ - التشجيع بمعنى التأييد والإعجاب نعم ولكن بشكل خجول، أما على نطاق الدعم والخدمات فلا. نفتقد روح العطاء والتشجيع الإعلامي والدعائي وتبني هذه الأعمال, وخصوصا إذا نظرنا إلى هدف مسرح الطفل تربويا وابتعدنا عن البهرجة والتهريج من أجل كسب المال, الطفل يحتاج الى قصة وهدف ونجاح, ليكون ما قدم له يصب تربويا في صناعة عقلية وفكر الطفل. * ما دور المسرح وتطلعك للحياة الفنية في مجال الحكاية والقصة الشعبية التراثية؟ - يعتبر المسرح دعامة رئيسية مهمة في تجسيد الكلمة في حركة لتكتمل القصة بالمشاهدة والتفاعل، وأيضا هو توثيق لحقبة زمنية ينتعش بمشاهدتها من عاش تلك الحقبة ويتعرف عليها الجيل بعد الجيل ليحكي قصصا وبطولات لم يشاهدها إلا على المسرح وكان يسمعها من كبار السن فقط, حيث إن الماضي يعد حقبة ذهبية فريدة من نوعها افتقرت الى التكنولوجيا لتوثيقها وللحفاظ على معالمها, إلا من بعض الصور التي شكلت أداة يستوحي منها الكاتب أجواء القصة. * أخيرا هل لديك كلمة تريدين قولها في ختام هذا اللقاء؟ - عشنا الماضي بكل تفاصيله وجماله حيث يكاد الإنسان يتلذذ بطعم الذاكرة عندما يحن للماضي, فنجد أنفسنا نتأوه لضياع تلك الحقبة رغم افتقارها إلى كثير من مقومات العيش الرغيد والترف المعيشي, ولكن الإنسان يحن للألفة وللعادات المجتمعية, للموروثات الجميلة, حتى نسيم البحر، فنتذكر اللعب قرب الشاطئ, وحتى الأصوات تذكرنا بجزئية من حياة الماضي، عندما نسمع صوت الديك يذكرنا بتربية الدجاج في فناء البيت وصياح الديكة عند الفجر، حيث الصوت واضحا بعيدا عن ضجيج المكيفات والسيارات وزحام السهر. عندما نسمع صوت المطر نتوق الى فترة نرقص وسط هذه الأجواء حتى نبتل بالكامل ونبقى تحت المطر نتقاذف رشحاته على بعضنا في سعادة وفرح.. من هنا تربعت القصة الشعبية الحقيقية وسيطرت على وجداني وأسلوب حياتي، أتمنى أن يأخذ هذا المشروع نصيبه من المهتمين ويصل إلى وزارة الثقافة والتراث بصورته الراقية وأسلوبه الجميل، ليكون ظهوره إعلاميا ودوليا ويقدم في المهرجانات والمحافل. في الختام أتقدم بالشكر والتقدير لك أخي أستاذ محمد أبو حسن ولجريدة «أخبار الخليج» التي منحتني هذه المساحة الثقافية لتسليط الضوء على تجربتي, ومنحتني فرصة التحدث لقراء جريدتكم الغراء، مقدرة لها هذه الوقفة الإعلامية الطيبة.

مشاركة :