وصف تقرير لشبكة «CNBC» الإخبارية، الاقتصاد الكويتي بـ «العملاق الخليجي النائم» والذي حان موعد استيقاظه.وأوضح التقرير أن الكويت تنتظر هذا النهوض بعد تحقيقها عددا من الإصلاحات المهمة التي ساهمت في اقترابها من مصاف الأسواق الناشئة، بالإضافة إلى خلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي.ولفت التقرير إلى أن السمعة الاقتصادية للبلاد، التي كانت من بين الأقل أهمية في المنطقة في طريقها نحو التغيير، مشيراً إلى أن وصف الكويت بالعملاق الخليجي النائم لن يكون مجرد إطراء أو مديح.وتطرق التقرير إلى الإنجازات التي حققتها البلاد على مستوى ترقية البورصة إلى وضع الأسواق الثانوية الناشئة في المؤشر العالمي «فوتسي رسل»، والذي سيبدأ تفعيله بحلول شهر سبتمبر المقبل، بالإضافة إلى إعلان مؤشر «MSCI» للأسواق الناشئة وضع السوق الكويتية قيد المراجعة لإعادة تصنيف محتمل من الأسواق ما دون الناشئة إلى الأسواق الناشئة خلال 2019.ولفت التقرير إلى أن هذه الترقيات ستكون لها أهمية كبرى في عالم الاستثمار، مبيّناً أن صناديق الأسهم التي تتبع مؤشرات الأسواق الناشئة، وأصول الصناديق النشطة التي تم قياسها مقابل مؤشرات الأسواق الناشئة، تعتبر أكبر حجماً وشعبية من محافظ الأسواق «ما دون الناشئة» وهو ما سينعكس إيجاباً على الأسهم الكويتية.وأشار التقرير إلى أن هناك 30 صندوقاً متداولاً في البورصة تتبع معايير الأسواق الناشئة، كما أن هناك 3 من صناديق المؤشرات المتداولة الكبرى تتعقب مؤشرات «MSCI» و«فوتسي رسل» للأسواق الناشئة لديها أصول بقيمة 135 مليار دولار، علاوة على وجود صندوقين متداولين في الأسواق «ما دون الناشئة» ذات قاعدة أصول تبلغ مجموعها 600 مليون دولار تقريباً، وتحظى الكويت بأكبر وزن على مؤشري «MSCI» و«فوتسي رسل» بالنسبة للأسواق ما دون الناشئة بأكثر من 21 في المئة، و19 في المئة على التوالي. وأوضح التقرير أن هذه الترقيات نحو الأسواق الناشئة تعني تدفق المليارات من الدولارات من الاستثمار العالمي إلى الكويت، حيث سيضطر المستثمرون في الأسواق الناشئة والصناديق التي تتعقب أسهم المؤشر، أو يقيسون أداءهم مقابل مؤشر الأسواق الناشئة، إلى شراء حصص من الأسهم الكويتية. وأشار إلى أن «تاريخ السوق يخبرنا بأنه على المدى القصير على الأقل، يمكن أن تعني عملية مراجعة المؤشر زخماً كبيراً يدفع نحو الأسهم إلى الأعلى، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على عملية إعادة التصنيف».وعلى سبيل المثال، شهدت كل من الأرجنتين والسعودية عمليات إعادة تصنيف مماثلة للأسواق الناشئة، والتي بدأت العام الماضي، وأسفرت عن ترقيات رسمية في يونيو الماضي. وبيّن التقرير أن سوق الأسهم السعودي كان واحداً من أعلى أسواق الأسهم أداء في جميع أنحاء العالم خلال عملية إعادة التصنيف، على الرغم من وجود أسباب متعددة ساهمت في هذا الصعود الإيجابي، منها الارتفاع القوي المستمر لأسعار النفط، بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية التي يشرف عليها ولي العهد السعودي، والتي ساهمت في زيادة ثقة المستثمرين، أما الأرجنتين ورغم أنها تعرضت للمعاناة على مستوى حصصها، فإن أسهمها كانت ذات أداء قوي في 2017، وكانت تمثل سوق الأسهم الأول عالمياً خلال العام الماضي.وفي هذا الاتجاه، أوضح الزميل الباحث في قضايا الشرق الأوسط في معهد «بيكر» للسياسات العامة بجامعة «رايس» في الولايات المتحدة الأميركية، كريستيان كوتس أولريخسن، أن الكويت تتميز بأنها تملك أقدم بورصة في الخليج، كما أن العديد من الشركات التي تتداول فيها تعتبر شركات متعددة الجنسيات في نطاقها، وستستفيد إلى حد كبير من إعادة التصنيف.وأفاد بأن الكويت لديها عائق سياسي فريد من نوعه مقارنة بدول الخليج الأخرى في محاولاتها للتنويع الاقتصادي، لاسيما مع وجود برلمان نشط، الذي منع مبادرات كبيرة للبلاد على مستوى تطوير البنية التحتية والطاقة، وهي مشاريع من شأنها تحديث وتوسيع القاعدة الاقتصادية الحالية.وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد الكويتي يعتمد مثل الكثير من دول الشرق الأوسط بشكل كبير على صادرات النفط، إذ إنها موطن لما يقارب 6 في المئة من احتياطي النفط الخام في العالم (أكثر من 100 مليار برميل) كما تتميز بأن لديها أعلى نسبة من الناتج المحلي الإجمالي المرتبط بالنفط بين دول منظمة «أوبك».وأضاف التقرير «كما هو الحال في السعودية، أصدرت الحكومة الكويتية خطة واسعة للتنمية الاقتصادية تتجاوز النفط تحت عنوان (رؤية الكويت 2035) والتي تهدف إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، وتبسيط العملية للشركات الأجنبية الساعية للعمل في البلاد، كما أجرت البورصة الكويتية تغييرات حديثة لتشجيع المزيد من عمليات الإدراج والاستثمار».وكان من الصعب بشكل كبير على المستثمر الأجنبي الحصول على ترخيص تجاري، لاسيما مع طول الدورة المستندية، واضطراره إلى الانتظار لمدة 60 يوماً في المتوسط، إلا أن الأمور تغيرت أخيراً وانخفضت العملية إلى 3 أيام خلال عام 2015، كما انخفضت تكاليف التراخيص، علاوة على ذلك يستطيع المستثمرون الأجانب الآن تملك 100 في المئة من أسهم الشركات التي يؤسسونها في الكويت، بالإضافة إلى الحصول على إعفاء من ضرائب الدخل لمدة تصل إلى 10 سنوات. وقد دفعت هذه التغييرات أداء القطاع الخاص نحو التحسّن.من جهتها، أوضحت مسؤولة الأبحاث في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، صوفي أولفير، أن «رؤية الكويت 2035» تعتبر من الخطط الواعدة، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن القطاع الخاص في البلاد هو الذي يقود عملية الانتقال إلى اقتصاد غير نفطي، لاسيما مع رؤية البلاد التي تستهدف تخفيض دور القطاع العام على مستوى تنفيذ المشاريع التنموية من 90 في المئة إلى ما يقارب 40 في المئة.ووفقاً للتقرير، فإن انتقال الكويت إلى اقتصاد أكثر توازناً من شأنه أن يقلل من تقلبات السوق، خصوصاً أن التغيرات الجذرية في أسعار النفط تؤدي إلى تقلبات هائلة في اقتصادها، وحتى مع التعافي الأخير في أسعار النفط، تتوقع الكويت عجزاً آخر في الموازنة للسنة المالية 2018/ 2019 بقيمة 21 مليار دولار (نحو 17.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) وهو عجزها السنوي الخامس على التوالي.ولفت التقرير إلى أن الحكومة اضطرت إلى تمويل العجز الأخير عبر السحب من احتياطياتها التي تبلغ نحو 600 مليار دولار بالإضافة إلى إصدار السندات.
مشاركة :