واشنطن - وكالات: أكد الباحث الأمريكي في القانون الدولي والعلاقات الدولية، ريتشارد فولك في مقال نشره على مدونته الشخصية تحت عنوان «هل الطلبات الـ١٣ المقدّمة لقطر جريمة جيوسياسية؟»، أن النظر إلى المطالب الـ١٣ التي وجهتها دول الحصار لقطر في بداية الأزمة الخليجية على أنها جريمة جيوسياسية، قد يكون مفيداً في صياغة علاقات سلمية للمجتمع الدولي ككل. وأشار الكاتب إلى أن قطر رفضت هذه المطالب كونها تنطوي على انتهاك لسيادتها وللقانون الدولي واصفة إياها بـ (غير الواقعية وغير المنطقية ولا المتوازنة وغير القابلة للتنفيذ). واعتبر الباحث الأمريكي أن النظر إلى الأزمة الخليجية على أنها جريمة جيوسياسية هو في حد ذاته فكرة مبتكرة وجدلية. وأشار إلى أن الإطار العام للمواجهات بين قطر ودول الحصار خصوصاً في كافة المحافل الإقليمية والدولية تمحور حول سلسلة من المطالب المقدّمة إلى قطر على شكل إنذار نهائي، بل وصيغت هذه المطالب على أنها غير قابلة للتفاوض بشكل يتحدى حقوق قطر السيادية وينتهك وبشكل صريح أهم المبادئ الأساسية للقانون الدولي. ضغوط وابتزاز ورفض التفاوض وذكر الباحث الأمريكي أن دول الرباعي العربي رفضت كافة العروض القطرية الرسمية والمتكرّرة بالاستعداد للتفاوض المباشر أو عبر وسيط متفق عليه لكن عوضاً عن انتهاج طريق التفاوض والحكمة رفض هذا الرباعي إيجاد حل دبلوماسي للأزمة الخليجية بل أخذ يكرّر التهديدات والتحذيرات لقطر بأن نطاق الحصار سيتسع. ورأى أنه سيكون من المضلل للغاية الإشارة إلى كل هذه الضغوط التي مُورست على قطر على أنها مجرد أزمة خاصة، في ظل منهجية الرباعي العربي الرافضة لفكرة التفاوض، بل وضرورة الخضوع للابتزاز. ولفت الباحث الأمريكي ريتشارد فولك إلى أنه بعيداً عن عدم مشروعية أي مواجهة تحت مظلة الابتزاز وتباين الحجم والقوة لدى طرفي الأزمة فإن ما يحدث في واقع الأمر ليس بالأزمة بل هو جريمة جيوسياسية يرتكبها الرباعي كجريمة منظمة وضحاياها هي قطر وشعبها والمقيمون فيها ، وأركانها الحصار والإجراءات القسرية الأخرى التي اعتمدها تحالف الرباعية بشكل منهجي ومنظم. ورأى أن جريمة هذه الدول لها بُعد أخلاقي دولي وليس دبلوماسياً فقط، وينبغي أيضاً إدراك أنه حتى من دول المطالبة بوضع تعريف للجريمة الجيوسياسية في القانون الجنائي الدولي فإن طبيعة الجريمة أمر جدلي بحيث يجب تقييمها ليس دبلوماسياً بل من حيث الأخلاق الدولية. صمت مدفوع الثمن وأشار الكاتب ريتشارد فولك إلى أن تلك هي خطوة ستكون هامة ومفيدة نحو وضع الحلول من الجهات الدولية العظمى وبالمعايير الأخلاقية الدولية المقبولة على الصعيد العالمي بأسره وكذلك ستكون الخطوة هامة لتصويب النهج الحالي لدول الحصار الساعية للإفلات من العقاب بطرق غير شرعية في الغالب. واعتبر أن هذا النوع من الصمت مدفوع الثمن سيجعل من القانون الدولي سلاحاً مسلطاً على رقبة الطرف الضعيف، على غرار إعطاء حق النقض لـ ٥ دول في مجلس الأمن، حيث تبرّر هذه الدول أن الالتزام بميثاق الأمم المتحدة أمر اختياري لها لكنه إلزامي لبقية أعضاء المنظمة. ولفت الكاتب النظر إلى أهمية الانتباه لهذا الخط الفاصل شديد الوضوح بين ما يُطلق عليه مجرد أزمة والجريمة المنظمة مكتملة الأركان كما هو حاصل في الحالة المتعلقة بحصار قطر. ورأى أن القانون الجنائي الدولي يتوجّب عليه الاعتراف بحقيقة وجود جرائم جيوسياسية، والنتائج الإيجابية لهذا الاعتراف لن تتوقف عند حصول قطر على المزيد من الأدلة السياسية والأخلاقية بالتفاعل مع شكاويها الناجمة عن الضغوط التي تمارسها دول الحصار بل ستمتد النتائج لتشكّل الاستجابة الأوسع نطاقاً لما حصل على مر التاريخ من ارتكاب جرائم جيوسياسية غير معترف بها مثل المعاناة الإنسانية والحروب المدمّرة والاستغلال الاقتصادي والانهيار الاجتماعي والإساءة السياسية. أخلاق دولية وقال الكاتب: إن الاعتراف بوجود جرائم جيوسياسية سيمنعها من الاستفحال كما يجري مع قطر هذه الأيام ومع غيرها من الدول والشعوب في المنطقة. وأضاف أن المطالب الـ١٣ انتهاك واضح لحقوق قطر السيادية ورفض التفاوض عليها وبدء تطبيق الحصار عليها قبل ظهور نتائج المفاوضات ما هي إلا جريمة جيوسياسية منظمة ومنهجية ترتكب لإرهاب دولة. واعتبر أن رؤية الأزمة الخليجية على أنها جريمة جيوسياسية ستوضّح وجهة نظر قطر للجميع ، وبالتالي وضع الدوحة في موقف واضح وعادل وكما يجب أن يكون. وخلص الكاتب إلى القول أن تقديم هذا التفسير الصحيح للأزمة هو مساهمة بنّاءة للمجتمع الدولي قاطبة من خلال سد الثغرات في القانون الدولي عن طريق تبني أخلاق دولية متعارف عليها، وبالتالي مساعدة العديد من الدول ذات القضايا العادلة ومن بينها قطر التي تتعرّض للحصار.
مشاركة :