تهديدات إيران.. جعجعة بلا طحن

  • 7/15/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بات النظام الإيراني مرادفاً للازدواجية والارتباك، ففي الوقت الذي يرفض خلاله التخلي عن برامجه النووية والباليستية والتدخلات الخارجية المزعزعة للاستقرار بالمنطقة، يرفض أيضاً التوافق الدولي على فرض عقوبات اقتصادية عليه، بممارسة التصريحات البكائية والمظلومية تارة، والتهديدات الهجومية تارة أخرى. حالة الارتباك التي يمر بها النظام الإيراني دفعت الرئيس الإيراني حسن روحاني أثناء زيارته لسويسرا، للتهديد بغلق مضيق هرمز أمام شحنات النفط من الدول المجاورة، إذا تم منع بلاده من تصدير النفط، ما يشير إلى تهديد حركة الملاحة البحرية العالمية وسوق النفط الدولية، وهو التصريح ذاته الذي لاقى قبولاً من الحرس الثوري الإيراني، إلا أنه سرعان ما تدارك النظام خطورة التهديد وعدم مسؤوليته، بعد الرد السريع من قبل المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، الذي أكد خلاله «أن القوات الأميركية وحلفاءها الإقليميين مستعدون لضمان حرية وتداول التجارة الحرية وفقاً لتصاريح القانون الدولي»، ليعود بعدها رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بشه ليقول: إن إيران لا يمكنها إغلاق مضيق هرمز. وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن العقوبات الأميركية على إيران، تمثل مأزقاً كبيراً للنظام الإيراني، بسبب معاناته في الوقت الراهن من أسوأ حالاته السياسية والاقتصادية، ففي حالة فرض عقوبات تقضي بخفض تصدير النفط الإيراني سيؤدي ذلك إلى نقص شديد في العملات الأجنبية الواردة إلى إيران، مما سيزيد من انهيار العملة المحلية «التومان»، في الوقت الذي يبلغ خلاله سعر الدولار الواحد تسعة آلاف تومان إيراني، كما ستزداد نسبة التضخم التي تبلغ حالياً مستوى قياسياً 54 %، وهو الهاجس الكبير الذي يشغل النظام في الوقت الذي يرتبط خلاله بإنفاقات خارجية على دعم الميليشيات الإرهابية في اليمن وسورية والعراق ولبنان بمليارات الدولارات. خطأ استراتيجي وفي هذا السياق، قال الخبير في الشأن الإيراني محمد محسن أبو النور لـ»الرياض»: إن تصريح روحاني بشأن منع دول الشرق الأوسط من بيع نفطها يعد بمثابة خطأ استراتيجي فادح، يخرق الاتفاقات العالمية، ويهدد المصالح الدولية بإشارته إلى تلميحات إيرانية بإغلاق مضيق هرمز أو تفخيخه بالمتفجرات المائية، وتهديد مباشر لمصالح الدول الأوروبية باعتبارها أكبر المستوردين والمستفيدين من نفط الشرق الأوسط. وأكد أبو النور أن التهديد الإيراني بشأن حركة الملاحة في الخليج العربي، يؤدي إلى تخلي أوروبا عن ما تبقى من موقفها في الاتفاق النووي، ويؤدي إلى تقريب وجهات النظر بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة حول مواجهة سلوك إيران الإقليمي، موضحاً أن التقريب يأتي في الوقت الذي تحاول خلاله طهران تعريض أمن الشرق الأوسط لخطر حقيقي بشكل شامل. وأردف أن التهديد لم يصدر عن فكر روحاني ولكن بتوجيه من المرشد علي خامنئي، بدليل إشادة الحرس الثوري بالتهديد في إطار استراتيجية توزيع الأدوار. وأضاف أبو النور أن إيران تخشى من العقوبات الاقتصادية بسبب أنها منهكة سياسياً واقتصادياً، ما دفعها للمناورة بتصريح غير محسوب وخطأ فادح. كسر العظم من ناحيته، يستنتج الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي أن الإصرار الإيراني على المضي في البرنامج النووي والباليستي وتهديد دول الجوار، يؤكد أن النظام الإيراني يربط مصيره بمصير أوهامه في بسط الهيمنة الفارسية على المنطقة العربية، وأنه نظام لا فائدة من مفاوضته، مشيراً إلى أن أفضل حل هو مواجهة هذا النظام وتكسير عظامه بالعقوبات الاقتصادية والسياسية، لثنيه عن المضي في تهديد الأمن والسلم الدوليين. واستطرد المقرحي أن النظام الإيراني هو أحد أضلاع مثلث الشر بالمنطقة، والذي أدى دوره في تخريب أربع عواصم عربية، لكن حينما تعاظم نفوذه ليمتد للسيطرة على آبار النفط في سورية والعراق وتهديد مصالح الدول العظمى والحلفاء، كان لابد من التصدي له، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. وتابع: العقوبات الأميركية المنتظرة ضد طهران، تمثل ورطة كبيرة للنظام، بسبب دورها في تجفيف اقتصادياته، وبالتالي عدم قدرته على الإنفاق على ميليشياته الإرهابية في الدول العربية، ما سيجعله يفقد كل ما أنفقه من مليارات على التوسع ودعم الإرهاب بالدول العربية، إضافة إلى معاناته من إشكالية أخرى مع المفاوضات الأميركية الروسية من أجل إخلاء سورية من أي وجود إيراني. تحجيم الحرس الثوري فيما يرى الخبير الأمني اللواء أحمد الفولي أن أميركا جادة في مواجهة إيران، وفرض عقوبات اقتصادية عليها، من أجل تحجيم دور الحرس الثوري بالمنطقة، ومنع طهران من امتلاك قنبلة نووية. وأوضح الفولي أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لا ترغب في مواجهة عسكرية مع إيران، لكنها تتبع خططاً لتكسير عظام النظام الإيراني، أثبتت جدواها في الآونة الأخيرة، في ظل الأزمات الاقتصادية التي بات يعاني منها النظام الإيراني وجعلته في مواجهة مع الإيرانيين المحتجين على سياساته، وبالتالي فلن يكون أمامه سوى خيارين اثنين إما التنازل عن برامجه النووية وتدخلاته في دول الشرق الأوسط وتحقيق المطالب الـ12 التي حددتها الإدارة الأميركية، أو الدخول في مواجهة مصيرية مع الشعب الإيراني الذي بات يعاني من انتشار معدلات الفقر والبطالة والمرض وارتفاع نسبة التضخم. زلزال العقوبات وتشكل العقوبات الأميركية مصدر إزعاج للنظام الإيراني، بعد ثقته التامة من مضي أميركا في اتخاذها خلال الفترة المقبلة، حيث أكد مدير تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأميركية برايان هوك، أن الجزء الأول من العقوبات سيتم تطبيقه في أغسطس، وسيشمل قطاعات السيارات والتجارة بالذهب والمعادن الرئيسة الأخرى، فيما ستعود العقوبات المتبقية في السادس من نوفمبر، وستشمل قطاع الطاقة والمعاملات المتعلقة بالنفط، إضافة إلى تعاملات البنك المركزي الإيراني. وما يعزز من تأثير العقوبات الاقتصادية هو إعلان كبرى الشركات الأوروبية مثل «توتال»، و»ميرسك» عن ابتعادهما عن السوق الإيرانية في الأسابيع الأخيرة، وفي وقت سابق، أعلنت شركات «بيجو» لصناعة السيارات، و»سيمنز» الإلكترونية، و»إيرباص» لصناعة الطائرات، و»جنرال إليكتريك»، و»بوينغ ولوك»، و»أويل»، و»داور كوريوريشن «وقف التعامل مع السوق الإيرانية. كما تدرس واشنطن خيار تصنيف الحرس الثوري الإيراني ضمن لائحة الجماعات الإرهابية، بما يتيح إمكانية تجميد أصوله المصرفية، وفرض عقوبات جنائية على قادته المتورطين بالفعل في ارتكاب مجازر بشعة وجرائم حرب في اليمن وسورية والعراق. وتتزامن المساعي الدولية في مواجهة التهديد الإيراني المزعزع للاستقرار، مع هشاشة النظام المصرفي في البلاد، مما يجعل المصارف والشركات الدولية تتخذ إجراءات ضمانية قبل التعامل مع المصارف الإيرانية التي لا تلتزم بالشفافية فيما يخص تعاملاتها المصرفية أو وضعها المادي، والتي سبق وأن أقرت أن 11.4 % من قروضها متعثرة، بحسب تقرير لصندوق النقد الدولي. وتعاني المصارف الإيرانية من جفاف العملات الصعبة، بسبب إقبال الإيرانيين على حيازة هذه العملات لتخوفهم من فرض عقوبات اقتصادية على النظام، إضافة إلى المعدلات المرتفعة من الإنفاق على التدخلات الخارجية في دول المنطقة، وتفشي الفساد بين عناصر النظام للدرجة التي جعلتهم يستحوذون على أكثر من 200 مليار دولار، وفقاً لما ذكرته تقارير المعارضة الإيرانية.

مشاركة :