تبوأت مخاوف التجارة الدولية مرة أخرى مركز الصدارة بعد أن اشيع عزم الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على قائمة جديدة من السلع الصينية بقيمة 200 مليار دولار أمريكي مع توقع تدابير مضادة مماثلة من قبل الصين. وقد تأثرت الأسواق في كافة ارجاء العالم بتلك الانباء، بما في ذلك أوروبا وآسيا، إلا أن التوقعات الخاصة بتحسن النتائج المالية الموسمية وارتفاع أرباح الشركات الأمريكية أسهم في معادلة جزءًا من المعنويات السلبية السائدة في الأسواق. كما شهدت اسواق النفط تراجعًا على خلفية تلك الانباء وذلك نظرًا إلى ما قد يخلفه النزاع التجاري بين اثنين من أكبر اقتصادات العالم وأثر ذلك على تراجع الطلب على النفط. كما تأثرت أسعار النفط أيضا بعد أن اشيع احتمال قيام الولايات المتحدة بتخفيف حدة موقفها بشأن العقوبات الإيرانية مما قد يتيح المجال لبعض الدول باستيراد النفط منها. وفي غضون ذلك، يشاع إن إيران من جانبها أبلغت عملاءها من المشترين الاسيويين، وتحديدًا الهند، باستمرار التبادل التجاري فيما بينهما بعد الموعد النهائي المقرر لفرض العقوبات في نوفمبر2018. علاوة على ذلك، قامت إيران ايضًا بتخفيض أسعار خام النفط الخفيف التي تورده إلى آسيا للمرة الأولى منذ أربعة أشهر. بالإضافة إلى ذلك، ورد أن إنتاج ليبيا من النفط، الذي كان يعاني من ظروف قهرية في عدة موانئ مما أدى إلى خفض إنتاج البلد إلى النصف، عاد إلى معدلاته المعتادة. هذا وقد أدت العوامل المذكورة أعلاه إلى انخفاض سعر خام برنت بأكبر وتيرة يومية له منذ سنتين في 11 يوليو. أظهرت وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقرير شهري لها، التباطؤ في الطلب على النفط في الربع الثاني من العام 2018 بعد بداية قوية خلال الربع الأول من العام الجاري نتيجة ارتفاع الأسعار. ووفقا للتقرير، من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 1.3 مليون برميل يوميا خلال النصف الثاني من العام الحالي بعد أن سجل 1.5 مليون برميل يوميا في النصف الأول من العام نفسه. إلى ذلك، من المتوقع أن ينخفض النمو خلال النصف الأول من العام 2019 إلى 1.2 مليون برميل يوميا على أساس شهري وأن يرتفع لاحقا إلى 1.6 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام 2019. وشملت العوامل التي دعمت أسعار النفط في المقام الأول اضطرابات الإنتاج في الدول الرئيسية المنتجة للنفط. حيث أثر اضطراب الإنتاج خلال الشهر الماضي في المقاطعات الغربية من كندا على حوالي 10 في المائة من إنتاجها، على الرغم من أنه من المتوقع أن يعود الإنتاج مجددًا في وقت أقرب مما كان متوقعًا خلال الربع الثالث من العام 2018. بالإضافة إلى ذلك، أدت إضرابات الانتاج في النرويج إلى إغلاق حقل نفط بحر الشمال الذي يؤثر على حوالي 23 ألف برميل يوميًا من إنتاج النفط. ففي إطار منظمة الأوبك، عطلت الاضطرابات السائدة في ليبيا صادراتها ويشاع انها دفعت الانتاج للتراجع بمعدل النصف منذ بداية العام. كما تشير التقارير إلى أن عدد منصات الحفر في فنزويلا، التي لا تزال تتعامل مع صعوبات اقتصادية، قد بلغ 26 منصة بتراجع 23 منصة حفر فيما يعد أدنى مستوى لها منذ 15 عاما. ونتيجة لذلك، ظل إجمالي إنتاج الأوبك ثابتًا على الرغم من زيادة إنتاج السعودية بمعدل 330 ألف برميل يوميًا وبلغ حوالي 10.3 ملايين برميل يوميًا. وجاءت تلك الزيادة في إنتاج المملكة بعد أن أقرت الأوبك خلال اجتماعها المنعقد الشهر الماضي زيادة متواضعة في الإنتاج النفطي للدول الأعضاء وغير الأعضاء بالمنظمة. كما تمت الموافقة ايضًا على تخفيض مستوى الالتزام باتفاقية خفض الإنتاج إلى 100 في المائة. ويعني ذلك زيادة قدرها 1 مليون برميل يوميًا لمعدلات الإنتاج اليومي بدءًا من يوليو 2018, أي ما يعادل 1 في المائة من إجمالي انتاج النفط العالمي. ويشمل ذلك زيادة قدرها 200 ألف برميل يوميًا من روسيا وفقا لبيان صادر عن وزير الطاقة الروسي. وفيما يتعلق بإنتاج النفط الأمريكي، أبقت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية على توقعات الإنتاج للسنة الحالية دون تغيير عند مستوى 10.79 ملايين برميل يوميًا مع بلوغ الإنتاج 11.29 مليون برميل يوميًا خلال الربع الأخير من العام. إلا انه على الرغم من ذلك، قامت الوكالة برفع توقعات الإنتاج للعام 2019 بواقع 40 ألف برميل يوميًا ليصل في المتوسط إلى 11.8 مليون برميل يوميا مع توقع أن يتخطى متوسط الإنتاج مستوى 12 مليون برميل يوميًا خلال الربع الرابع من العام 2019 مما يجعل من أمريكا أكبر منتج للنفط على مستوى العالم. أما على صعيد الطلب، فقد قامت الوكالة بتخفيض الطلب المتوقع في العام 2018 بواقع 60 ألف برميل يوميًا إلا انها رفعت من توقعات الطلب في العام 2019 بمعدل 10 آلاف برميل يوميًا. وارتفع إنتاج الأوبك خلال يونيو 2018 للمرة الأولى منذ تسعة أشهر وإن كان ارتفاعًا هامشيًا بواقع 30 ألف برميل يوميًا حيث بلغ 31.83 مليون برميل يوميًا، وفقًا لبيانات الإنتاج الصادرة عن وكالة بلومبرج. فخلال يونيو 2018, وافقت الأوبك على انضمام الكونجو للمنظمة لتصبح بذلك العضو الخامس عشر، علمًا بان مستوى إنتاجها يبلغ 331 ألف برميل يوميا، استنادًا لمصادر الأوبك الثانوية، وبناء على ذلك يرتفع إنتاج الأوبك إلى 32.2 مليون برميل يوميًا في يونيو 2018, بنمو يصل إلى 40 ألف برميل يوميًا على أساس شهري. وخلال الشهر، قامت السعودية برفع إنتاجها النفطي بواقع 330 ألف برميل يوميًا في اعقاب اجتماع الأوبك الذي تم خلاله الموافقة على زيادة الإنتاج. وبلغ معدل انتاج المملكة 10.3 ملايين برميل يوميًا فيما يعد أعلى معدل إنتاج لها خلال 18 شهرًا، إلا انه على الرغم من ذلك، تم محو أثر تلك الزيادة بأكملها تقريبًا نتيجة للتراجع الحاد في إنتاج ليبيا بمعدل 0.3 مليون برميل يوميًا والذي يعد أدني مستويات الإنتاج الليبي منذ أبريل 2017. كما انخفض الإنتاج في أنجولا بحوالي 120 ألف برميل يوميًا في ظل بعض المشاكل التقنية التي اصابت حقول النفط القديمة على الرغم من تخطيطها لزيادة الإنتاج بواقع 250 ألف برميل يوميًا بحلول العام 2020 عن طريق استقطاب شركات النفط الدولية الكبرى من خلال تشريعات جديدة لقطاع الطاقة وتيسير شروط الاستثمار. من جانب آخر، استقرت توقعات النمو العالمي للطلب على النفط للعام 2018 دون تغيير عند مستوى 1.65 مليون برميل يوميًا لتصل في المتوسط إلى 98.85 مليون برميل يوميًا، وان كان هناك تغيرات لمعدلات الطلب داخل المناطق المختلفة. وقد تضمنت هذه التعديلات الداخلية في معدلات الطلب تعديل الارقام الخاصة بمنطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بحوالي 0.1 مليون برميل يوميًا في الربع الأول من العام 2018 نتيجة لتحسن البيانات التي اشارت إلى مستويات أفضل من المتوقع من قبل الدول الأمريكية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق المواد المقطرة الخفيفة والمتوسطة بدعم من قطاع البتروكيماويات القوي والتطورات الإيجابية على صعيد الأنشطة الصناعية. وتم مراجعة تقديرات الطلب خارج نطاق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتخفيضه بحوالي 0.1 مليون برميل يوميًا في الربع الثاني من العام 2018 نتيجة لمعدلات الطلب أقل من المتوقع من قبل أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط. حيث أثر إضراب سائقي الشاحنات في البرازيل الذي استمر لمدة تسعة أيام على الطلب في أمريكا اللاتينية في حين أدى تباطؤ أنشطة البناء وسياسات خفض الدعم في الشرق الأوسط إلى انخفاض الطلب خلال هذا الربع. ووفقًا لأحدث التقارير الشهرية الصادرة عن الأوبك، قامت المنظمة بنشر توقعاتها الأولية للعام 2019. ووفقًا لهذا التقرير، من المتوقع أن يسجل الطلب العالمي على النفط نموًا بواقع 1.45 مليون برميل يوميًا في العام 2019 مقابل توقعات العام 2018 البالغة 1.65 مليون برميل يوميا، حيث انه من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بواقع 0.27 مليون برميل يوميًا على خلفية ارتفاع طلب الدول الأمريكية التابعة للمنظمة بسبب زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال ونواتج التقطير المتوسطة. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب من قبل أوروبا، وإن كان بوتيرة أقل، بينما يتوقع أن تشهد دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ التابعة لمنظمة التعاون والتنمية انخفاضًا في الطلب على النفط بسبب برامج استخدام سبل بديلة للوقود. وبالنسبة للدول غير الأعضاء بالمنظمة، فمن المتوقع أن يظل نمو الطلب أفضل من اقرانها من الدول الأعضاء بنحو 1.18 مليون برميل يوميًا، على الرغم من أن نمو الطلب على أساس سنوي سيكون أقل بواقع 1.25 مليون برميل يوميًا عن توقعات العام 2018. في حين يتوقع أن يعزى ارتفاع الطلب في العام 2019 لأمريكا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط التي يقابلها انخفاض طفيف في الطلب من جهة الصين. من جهة أخرى، تم تعديل توقعات نمو المعروض النفطي للدول غير الأعضاء بمنظمة الأوبك للعام 2018 ورفعها مرة أخرى بواقع 0.18 مليون برميل يوميًا بنمو قدره 2.0 مليون برميل يوميًا ليصل في المتوسط إلى 59.54 مليون برميل يوميًا. وتعكس تلك المراجعة ارتفاع المعروض النفطي من قبل الولايات المتحدة بالإضافة إلى الزيادة المتوقعة من قبل روسيا خلال النصف الثاني من العام 2018. كما تم مراجعة المعروض النفطي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخفضه بواقع 71 ألف برميل يوميًا ومن المتوقع الآن أن يسجل نموًا بمعدل 1.88 مليون برميل يوميًا ليصل في المتوسط إلى 27.57 مليون برميل. ومن المتوقع أن ينمو المعروض النفطي للدول غير الأعضاء بمنظمة الأوبك في العام 2019 بوتيرة مماثلة في العام 2018 بحوالي 2.1 مليون برميل يوميًا. ومن المتوقع أن تأتي تلك الزيادة كنتيجة لارتفاع الإنتاج في أمريكا الشمالية وتزايد المشروعات الجديدة في البرازيل، الأمر الذي يعادله جزئيا تراجع المعروض النفطي من كل من المكسيك والنرويج والصين بسبب الافتقار إلى المشروعات الجديدة وانخفاض إنتاجية حقول النفط القديمة. ووفقًا للتقرير، من المتوقع أن يتباطأ معدل نمو إنتاج النفط الصخري خلال النصف الثاني من العام 2018 مع استمرار ذلك على مدار العام 2019 حيث يواجه الحوض البرمي عوائق مرتبطة بالطاقات الاستيعابية. بالإضافة إلى ذلك، تم تأجيل بعض التوسعات المخطط لها لخطوط الأنابيب، كما يستمر انخفاض الإنتاجية بالإضافة إلى التباطؤ في معدل منصات الحفر في الدول التابعة لمنظمة الأوبك، كما يتوقع أن تقوم البرازيل وكندا برفع معدلات الإنتاج النفطي في العام 2019.
مشاركة :