العلاقة الخفية بين القوى الكبرى والإرهابيين

  • 7/18/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عاطف الغمري على طاولة حوارات المؤسسات الأكاديمية الأمريكية، طرح العديد من الموضوعات عن أهم الأحداث الراهنة في العالم، ومن بينها تساؤلات مثيرة للاهتمام، برز منها سؤالان على وجه التحديد، أولهما عن الحبل السري الذي يربط تنظيم «داعش»، ومنظمات الإرهاب عامة بقوى خارجية، والثاني هو التساؤل عما إذا كان قد غاب عن مخابرات القوى الكبرى في العالم - بكل ما نعرفه عنها من مهارات في رصد الأحداث من قبل وقوعها - المعرفة بهذه العلاقة؟ من بين هذه الدراسات تلك التي نشرتها مجلة «نيو ستيتسمان» الأمريكية التي تقول: من المثير للدهشة، أن يأتي تمدد تنظيم داعش، وكأنه مفاجأة لمخابرات الدول الغربية، وما كان لها أن تفاجأ لعدة أسباب، أولها: ما جرى من تغيير «داعش» لاسمه من «تنظيم القاعدة في العراق»، إلى «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وهو ما كان يتنبأ بتطرف متزايد لطموحات هذا التنظيم. والسبب الثاني: إنه ما كان ينبغي على الغرب أن يكون مستعداً ل«داعش» منذ اللحظة التي راحت فيها صفوف هذا التنظيم تتضخم بالمنضمين إليه من مختلف الجنسيات، خصوصاً من شباب دول غربية، يغادرونها وقد عرف أنهم مسافرون للانضمام إلى«داعش»، عن طريق تركيا. والسبب الثالث: ما جاء في التقرير الموثق الذي أذاعته مؤسسة «راند» الأمريكية، وثيقة الصلة بالدولة خاصة بوزارة الدفاع، من أن أعداد المنضمين لمنظمات الإرهاب، قد تضاعفت بنسبة 58% منذ عام 2010، وأن الأعداد خلال الفترة القصيرة الماضية قفزت من 31 منظمة إلى أكثر من 40 منظمة. الدراسات تقول: إن الولايات المتحدة لم تكن بعيدة عن هذه التحولات، بل هي في القلب منها، بحكم كونها القوة العظمى التي تمسك في يدها بزمام تسيير المشكلات والأزمات، والتي تتبعها منظمات تراقب وترصد ما يجري في العالم، ليس فقط في العلن، بل أيضا في الخفاء. المؤرخ والمحاضر في عدد من الجامعات الأمريكية ويبستر تابرلي يكمل هذه الصورة المحيرة في دراسة بعنوان «الشبكة المارقة» The Rogue netuork. ويقول إن البداية المعاصرة للعلاقة الخفية بين القوى الكبرى ومنظمات الإرهاب، كانت في استخدام الولايات المتحدة لتنظيم القاعدة، للإطاحة بحكومات مستقلة في المنطقة، وهو ما يحقق لها تنفيذ خطط تقسيم هذه الدول من داخلها، وتبقى هي بعيدة عن الظهور في هذه الأحداث. ويقول تابرلي: إن من التناقضات الكارثية للسياسة الأمريكية - في عهد إدارتَي بوش الابن، وأوباما - وللمخابرات المركزية في عام 2011، أنها عملت على إقامة تحالف ودي مع مقاتلي تنظيم القاعدة في شمالي ليبيا، في نفس الوقت الذي كانت فيه الطائرات الأمريكية تقصف بشراسة المدنيين في باكستان، تحت مسمى الحرب الشاملة ضد تنظيم القاعدة. أي أن التناقضات في المواقف الأمريكية متوافرة ومتكررة. ثم تبين أن فريقاً ممن أطلق عليهم وصف ثوار ليبيا، هم إرهابيون، ظهر منهم مؤخراً أعضاء في تنظيم «داعش». وليس خافياً ما حدث من رفع علم «داعش» الأسود فوق المباني الحكومية أثناء غارات حلف الأطلسي عام 2011، وهو ما يعني أن مقاتلي «داعش» كانوا موجودين من قبل إسقاط حكم القذافي، حتى وإن أطلقوا على أنفسهم أسماء أخرى مثل «أنصار الشريعة»، وغيرها. وعندما اشتعلت المعارك داخل سوريا، كان هؤلاء ضمن الجماعات الإرهابية، وأحد قادتهم وهو الليبي مهدي الحراتي كان يقود الإرهابيين الليبيين في سوريا، وبعدها عادوا إلى ليبيا وأعادوا تنظيم أنفسهم، ليستخدموا ليبيا نقطة انطلاق للهجوم على دول أخرى مجاورة. إن ما ظهر عبر هذه الدراسات أن الغرب اعتاد أن يركز اهتمامه على أي جرائم إرهابية ترتكب داخل حدوده، متجاهلاً جرائم من النوع نفسه، ترتكب في دول ليست غربية. وإن هذه المعايير المزدوجة كانت في مقدمة أسباب توسيع المنظمات الإرهابية لدائرة نشاطها في المنطقة، والتي كان الغرب يعتبرها في مرحلة سابقة بعيدة عن أراضيه. وهو ما أشارت إليه صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية في مقال افتتاحي: «من أن الحكومات ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة وأوروبا، تبدو غير مكترثة بالهجمات التي يسقط فيها ضحايا ليسوا غربيين في إفريقيا والدول العربية. وهذه المواقف تظهر تجاهلاً للكيفية التي استطاع بها هؤلاء التكفيريون إيجاد الظاهرة العالمية للإرهاب». الواضح - إذن - أن كثيراً من الدارسين والخبراء في الغرب والمهتمين بملاحقة ظاهرة الإرهاب وتمددها، يرون أن هناك حلقة خفية بين المنظمات الإرهابية وبعض دول الغرب، خاصة التركيز على القول بأن المخابرات الأمريكية والبريطانية - على وجه الخصوص لديها شبكات تجسس لجمع المعلومات عن «داعش»، عن طريق اختراق عملائها لهذه المنظمات.

مشاركة :