عثمان حسن من يتابع المنتج الأدبي العربي من المحيط إلى الخليج، يلحظ تشابهاً كبيراً في انشغالاته وهواجسه، فهناك الشأن المحلي في تقاطعاته الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وثانياً، هناك البعد العالمي والانفتاح على الثقافة الغربية، وما هو كوني وإنساني، تزامناً مع ما يحدث في العالم من تطورات على صعيد تقنيات الكتابة، واستفادتها من منجزات الترجمة، ومرونة الكتابة العربية في استفادتها من «التقانة» الإلكترونية التي غزت العالم، فقربت المسافات، ووفرت مادة غنية مدعمة بالتوثيق والصورة والصوت، وهو من حسنات هذه الكتابة، التي أصبحت قريبة في هواجسها وانفعالاتها من النبض الإنساني والعالمي.والحديث عن الكتابة العربية، هو حديث عن الرواية بالضرورة، سيما وأنها أصبحت اليوم سيدة المشهد الإبداعي، كما أن الوقوف عند بعض ملامحها، يطرح أسئلة عميقة يتصل بعضها بمسألة النشر والتوزيع؛ هذه المسألة المؤرقة في ظل تدني مستويات القراءة بالعموم، حيث تشير كل الإحصائيات إلى تراجعها وضعفها عربياً، مقارنة بعشاق القراءة في العالم الغربي.وفي الوقت الذي نتحدث فيه عن نجاحات إبداعية عربية في مقاربة الشأن الإنساني، فهذا لا ينفي أن هناك أعمالاً قدمت صورة نمطية ومكررة في موضوعاتها الأدبية، التي يمكن وصفها بالخجولة، أو أنها كانت تستند إلى مرجعيات قديمة، أو وجهات نظر مسبقة، لا تشير إلى عمق رؤية وثقافة متأصلة عند الكاتب، الذي ظل يدور في فلك الهامش، بما يطرح من تفريعات ليست أساسية أو محورية.من حيث العمق، هناك عدم قدرة عند بعض الكتاب على معالجة موضوعاتهم من الناحية الفنية، وذلك يعود إلى ضعف فضولهم في المعرفة والاطلاع على الثقافة في كافة تفرعاتها وحقولها، ونحن نتحدث عن الكتابة العربية، يمكن الإشارة إلى سقوط بعض الكتاب في فخ التجريب والحداثة المطلقة، وهذا حال دون تواصل القراء مع بعض الأعمال المطروحة في السوق الأدبي، وهذه من التحديات التي يواجهها الأدب العربي بالعموم على مستوى الانتشار والتلقي.البحث عن مخرج لمأزق وتحديات الكتابة العربية، يستلزم الخوض في معاناة وإشكاليات الثقافة العربية بالعموم، وهي كثيرة ولا يمكن حصرها، منها ما هو اجتماعي وما هو اقتصادي، سيما في ظل التحول الكبير الذي طرأ على المكان العربي، وهو الذي يتطلب حساسية مضاعفة من الكاتب، لمقاربة هذا التحول في علاقة الإنسان بالمكان. ohasan 005@yahoo.com
مشاركة :