زيارة صاحب السمو إلى بريطانيا ترسّخ علاقات متوازنة تواجه التحديات

  • 7/25/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أكد محللون سياسيون، لـ «العرب»، أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الحالية إلى المملكة المتحدة تأتي من منطلق السياق التاريخي الذي يجمع بين البلدين على مدار سنوات طويلة، لافتين إلى أن هناك ترحيباً بريطانياً بالتقارب القطري؛ لأن الدوحة لديها العديد من الاستثمارات داخل بريطانيا، والتي ترفع من قوة السوق البريطاني وتقويه نتيجة ضخّ الأموال القطرية بهدف الاستثمار. وأشاروا إلى أن قطر تسعى حالياً إلى تطبيق استراتيجية تنويع الشركاء في المجال العسكري والدفاعي، وتعدّ بريطانيا خياراً جيداً في هذا الشأن؛ لأنها قوة عسكرية عريقة وتمتلك علاقات ودية بدول الخليج. وأوضحوا أن بريطانيا لديها أوراق يمكن استخدامها في التعامل مع قضايا المنطقة -وفي مقدمتها الأزمة الخليجية- ويمكنها أن تلعب دوراً في سبيل حل الأزمة بما لا يمسّ السيادة القطرية. وأضافوا أنه يمكن لبريطانيا التعاطي مع القضايا الساخنة في المنطقة من منطلق تطابق الرؤي الواضح مع الدوحة. وأضافوا : أن هذه الزيارة تنطوي على رسائل عدة عن أن قطر تمتلك من هامش الحركة ما يمكنها من إقامة علاقات متوازنة مع مختلف الدول على قاعدة حماية مصالحها الوطنية وأمن شعبها. حمزة المصطفى: دبلوماسية فعالة ضد الحصار قال حمزة المصطفى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى بريطانيا تكتسب أهمية كبيرة، في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، وفي قلبه منطقة الشرق الأوسط. وأضاف: إن العلاقات التاريخية بين البلدين تعود إلى عقود طويلة ماضية، وكللت في السنوات الأخيرة بزيادة التعاون الاقتصادي والعسكري، وأوضح أن البلدين لهما مصلحة مشتركة في إدامة الاستقرار في منطقة الخليج ومحاولة احتواء التوترات المختلفة، سواء فيما يتعلق بحصار قطر والأزمة الخليجية، أو انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي مع إيران، وما رافق ذلك من تهديدات بإغلاق مضيق هرمز في حال منعت طهران من تصدير نفطها. وأضاف أن لدى الجانبيين القطري والبريطاني مخاوف مشتركة من التصور الأميركي لقضية السلام في الشرق الأوسط والتي تلغي حل الدولتين المتفق عليه دولياً، وقد تسمح بجولات جديدة من التصعيد كما يجري الآن على حدود قطاع غزة المحاصر. وأكد «المصطفى» أن زيارة صاحب السمو إلى لندن تأتي استمراراً لفاعلية ونشاط الدبلوماسية القطرية في مواجهة دول الحصار، التي سعت وما تزال إلى عزل قطر عن العالم وإشغالها بقضاياها الداخلية، لافتاً إلى أن لندن كانت قاعدة متقدمة حاولت من خلالها دول الحصار شن حملات إعلامية ضد قطر بشكل عام وضد استضافتها مونديال كأس العالم عام 2022، مضيفاً أن هذه الزيارة تنطوي على رسائل عدة عن أن قطر تمتلك من هامش الحركة ما يمكنها من إقامة علاقات متوازنة مع مختلف الدول على قاعدة حماية مصالحها الوطنية وأمن شعبها. شفيق شقير: تعاون البلدين لم يتأثر بالتطورات الدولية قال الدكتور شفيق شقير، الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، إن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى المملكة المتحدة، تأتي من منطلق أهداف اقتصادية وسياسية ودفاعية مترابطة، لافتاً إلى وجود سياق تاريخي بين قطر وبريطانيا، وأن هناك تجديداً دائماً لهذا السياق، وكانت أول زيارة لحضرة صاحب السمو في العام 2014. مؤكداً أن مسار هذه العلاقة لم تتأثر سلباً بأي تطورات وأحداث، سواء إقليمية أو دولية. وأضاف: «تأتي هذه الزيارة بعد استلام قطر راية استضافة كأس العالم 2022، لا سيما وأن هناك اتفاقية تعاون بين البلدين للمساهمة في تأمين الأجواء القطرية خلال إقامة هذه البطولة». وأكد «شقير» أن هذه الزيارة تعطي رسالة مفادها أن الحصار لا تأثير له يذكر على علاقات الدوحة مع العالم، وبطبيعة الحال مع بريطانيا، وأوضح أن لندن وقفت إلى جانب تسوية الأزمة ودعمت الوساطة الكويتية وحافظت على علاقاتها الخاصة مع الدوحة، واعتبرت نفسها غير معنية بما سيق من اتهامات لقطر، بل أكدت أن الدوحة شريك قوي لها في محاربة الإرهاب. وتابع «شقير»: تأتي هذه الزيارة وقد انخرط البلدان في صياغة توجه اقتصادي وسياسي جديد، لافتاً إلى أن بريطانيا تبحث عن شراكات وعلاقات خاصة، اقتصادياً وسياسياً، بعد البريكست، في حين أن الدوحة تعيد بناء علاقاتها الدولية بعد أن أصبحت أكثر تحرراً بعيداً عن دول مجلس التعاون «نتيجة الأزمة الخليجية الحالية». وقال إن أبرز الدلالات التي ستحملها هذه الزيارة هي أن الدوحة قد أنجزت تصورها لطبيعة العلاقة التي ستجمعها بدول العالم في ظل تجربتها مع الأزمة الخليجية، فهي تقدم نفسها وفق المبادئ والقيم التي تمثلها، وتعتقد أن هذه المبادئ هي نفسها التي تعتنقها بريطانيا والدول الغربية. حواس تقية: تنويع الشراكة.. وأوراق ضغط لحل الأزمة الخليجية قال حواس تقية -الباحث في مركز الجزيرة للدارسات السياسية- إن زيارة صاحب السمو إلى بريطانيا تأتي في وقت يحتاج فيه البلدان إلى بعضهما، وقد تكون حاجة بريطانيا أشد في هذا الوقت، حيث تعاني من هروب رؤوس الأموال خوفاً من تداعيات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ولفت إلى أن بريطانيا بحاجة في هذا التوقيت إلى شركاء نتيجة مغادرة رؤوس الأموال؛ مما يجعلها تلتفت إلى حلفائها السابقين في منطقة الشرق الأوسط والخليج، وعرض مغريات كثيرة حتى تجذب الاستثمارات. وأكد أن قطر ترحّب بهذا التقارب البريطاني؛ لأنها تستطيع أن تحصل على صفقات جيدة بأسعار تنافسية، علاوة على أنها كذلك بحاجة إلى بريطانيا في ملفات كبيرة. لافتاً إلى أنه يمكن لبريطانيا أن تلعب دوراً في الضغط على دول الحصار للقبول بتسوية تحترم السيادة، خاصة أن لندن تمتلك أوراقاً مهمة للضغط على دول الحصار؛ فهي تصدّر لهم السلاح، وتمتلك قواعد في الإمارات والبحرين، وترتبط بعلاقات تاريخية بالمنطقة. وأشار تقية إلى أن قطر تطبّق حالياً استراتيجية تنويع الشركاء في المجال العسكري والدفاعي، وتُعدّ بريطانيا خياراً جيداً في هذا الشأن؛ لأنها قوة عسكرية عريقة، وكانت موجودة في المنطقة وتمتلك علاقات ودية بباقي دول الخليج، علاوة على أن بريطانيا شرعت بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي في لعب دور الضامن للأمن لتوطيد علاقاتها مجدداً مع حلفائها التقليديين حتى توثق روابط التعاون الاقتصادي والمالي معهم ولفترات طويلة. وأوضح أن ما يؤشر على رغبة قطر في تطوير التعاون العسكري، هو شراؤها 24 مقاتلة «تايفون» متطورة، وهي طائرات تحتاج بلا شك إلى تدريب طيارين قطريين وتعاون مع عسكريين بريطانيين، علاوة على أن القوات القطرية والبريطانية نظمتا مناورات عسكرية مشتركة، وعقد البلدان اتفاقية تشارك بموجبها بريطانيا في حماية كأس العالم المنظمة في الدوحة 2022. كل هذا الاتفاقات الجزئية تؤشر على تنامي التعاون العسكري بين البلدين. وأشاد تقية بتوفير فرص اقتصادية مهمة لقطر، وتُعدّ الدوحة الممول الرئيسي لبريطانيا بالغاز المسال بنسبة 90 % من الاستيراد في هذا المجال. وقال: «من مصلحة قطر توثيق هذه العلاقة وتنميتها، خاصة أن الولايات المتحدة تود تصدير الغاز إلى أوروبا قريباً. كما يمكن للدوحة تعزيز استثماراتها في بريطانيا للخروج من مرحلة الارتهان للنفط إلى مرحلة تنويع مصادر الدخل، والاستثمار في قطاعات اقتصادية منتجة أظهرت صلابتها في دول متقدمة مثل بريطانيا». وأوضح أن زيارة صاحب السمو فرصة لمناقشة تعزيز ما تم من قبل في هذا الشأن، وما تم يُعدّ إنجازا كبيراً، حيث استثمرت قطر في الاقتصاد البريطاني نحو 40 مليار دولار، وتعهدت في منتصف 2017 باستثمار 5 مليارات خلال السنوات الخمس المقبلة. واعتبر تقية أنه من الممكن أن تستفيد رئيسة الوزراء تيريزا ماي من هذه الزيارة في مواجهة العزلة التي تتعرض لها من أوروبا وأميركا، بالاستماع إلى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي تمكّن من التغلب على حصار أشد من العزلة التي تعاني منها بريطانيا حالياً.;

مشاركة :