تغريد الطاسان : انتهاكات محرمة

  • 7/25/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الحديث عن مواقع التواصل (سوشال ميديا)، وما يحدث فيها من تجاوزات، حديث متجدد كانت له بداية، وعلى الأرجح لن تصل به إلى نهاية قريبة، كتبت وكتب غيري كثيراً عن نفايات أخلاقيات مشاهيرها المزيفين، التي تلقي بها أمواج زخم وجودهم البغيض في فضائه! والحديث هنا عن أبطال الشهرة الفارغة، التي تعتمد على القفز فوق حواجز المنطق والشرع والعادات والأعراف. مشاهير ابتلوا بالفراغ الأخلاقي مع الخواء الثقافي، والفقر المدقع في القيمة المعنوية والاجتماعية للمادة المطروحة، المتزامن مع العائد المادي الفاحش السريع، أفضى بهم إلى أن يدخلونا بيوتهم ببجاحة، ليقحمونا في مشكلاتهم الزوجية أو استعراضاتهم العاطفية الكاذبة، أو بخلافاتهم التي تحولت معها منابر وسائل التواصل إلى ساحات حرب واسعة، استخدمت فيها أسلحة لفظية محظورة شرعاً وعرفا وأخلاقاً، التراشق فيها مكثف بكلمات وألفاظ نابية حد قتل روح الأدب والتمثيل بجثة الأخلاق. وكل حين تصافحنا موجات من الغثاء بأسماء متغيرة، والمضمون واحد! تحديات ابتدأت بقصة الثلج لتصل اليوم إلى تمايلات «الكيكي» في الشوارع، ولا نعرف على أي تحدٍّ سنصحو في الغد؟! وهنا يأتي السؤال المهم؛ ترى كيف ستكون مخرجات جيل الهواتف الذكية، الذي نراهن عليه في تحقيق أهداف «رؤيتنا» الواعدة؟ كيف نستطيع تشكيل قوة مضادة من مشاهير ذوي عمق ديني وفكري وأخلاقي بأسلوب «معصرن» يتسرب بسلاسة داخل قلوب وعقول أطفال ومراهقي اليوم، لنبني رجالا ونساء لغد على نواصيه عقدنا الأمل؟ لم تعد الأسرة أو المدرسة وحدهما قادرتين على صناعة منتج تربوي، ولم تعد أدواتهما قادرة على المنافسة في الجذب والتأثير! لذلك فالرهان الآن على منظومة القيم والغذاء الروحي للنفس، التي من خلالها نضبط التوازنات ونمنع التجاوزات ونستطيع ضمان أمن المجتمع من بعض من فيه كل الضرر. الجهود المبذولة في ضبط المشاهير وتأثيرهم في «مواقع التواصل» ملموسة، لكنها ما تزال في بداياتها، وما تزال في حاجة إلى حزم أكبر وإعلان وتشهير بكل المخالفين، لأجل تجفيف منابعهم والحد من تسللهم إلى العقول، لا يمكن أن نرضى أن يقود مجتمعنا مثل هؤلاء، وللأسف أثبتت الأيام أنهم وباء لا بد من استئصاله والخلاص منه، فلماذا لا يكون الدواء مستخلصاً من الداء نفسه، وذلك بصناعة قوة مضادة لمشاهير هذه «المواقع» بالجاذبية والتأثير نفسها، ولكن بمحتوى يستحق؟ التحديث الذي يعيشه مجتمعنا يجب ألا يشوه بمثل هؤلاء، لذا لا بد لفريق الرؤية أن يحد من تمددهم وانتشارهم، وأن يفعّل من القوانين الصارمة التي تلغي كل سوء لهم وتحفظ مجتمعنا منهم. قد يقول بعضهم إننا لسنا بدعا من العالم، وما نراه من صرعات وتقليعات ليست خاصة بنا، ولكنها تجتاح العالم كله، فيجب ألا نتوجس أكثر من اللازم من كل تفاعل، أو نصد الباب في وجه كل فرح أو مرح. وأرد عليهم بسهولة، صحيح إننا عالم واحد، وأصبحت الثقافة تغادر المكان والزمان ليفوز بها كل أحد، لكن في المقابل، لا بد أن نعي أن هذه الصرعات لها مدلولات ثقافية واجتماعية لبعض الشعوب والمجتمعات، فلا بد من إخضاعها لعين الرقيب وفحصها وإعادة تقويمها. كوننا عالما واحدا لا يعني المشاركة في كل شيء، والحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها، وليتنا نصدر ثقافتنا وموروثنا إلى الآخر، كما نستورد منهم! ما يهمنا، ألا تنتهك خصوصيتنا من أي أحد، وما يجب أن نحرص عليه هو ألا نسمح لأحد أن يشوه التحول الذي نعيشه ونمضي فيه، بسبب ممارسات لا تمت إلى ثقافتنا ولا إلى رؤانا بشيء. كلنا راع وكلنا مؤتمن على رعيته، فالله الله في الحزم والجزم والعزم، لنظفر معا بمجتمع متماسك يعرف ما له وما عليه، ويستجيب للأفضل ويتجه إليه. ——————————————————— تغريد الطاسان الحياة

مشاركة :