تغريد الطاسان : السعودية والكويت

  • 10/5/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم تكن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للكويت الشقيقة زيارة عادية، إذ إنها جاءت في ظروف حرجة تمر بها المنطقة العربية بصفة عامة والخليج بصفة خاصة، هذه الزيارة أتت لتؤكد عمق روابط الأخوة والدم والتاريخ والجذور المتشابكة والمصالح المشتركة، هي بأمر الله زيارة مباركة أكدت للعالم قوة العلاقة التي تجمع بين شقيقتين أنجبهما «الرحم الخليجي» المتراحم الولاد بأوطان الأصالة، حتى وإن شذ أحد أبنائها عن الصواب وأصاب الجسد الخليجي بجرح التمرد، ومع هذا نسأل الله أن يعيد الضال إلى رشده بعد أن يدرك أن الأمن والعز الذي يرجوه من تحالفه مع عدو غريب سيكون بمثابة «عشم» إبليس بجنة لا أمل له فيها، فيعود إلى إخوته معززاً مكرماً آمناً مطمئناً وسط حضن خليجنا الدافئ المعطاء. زيارة الأمير محمد بن سلمان الأولى للكويت منذ توليه ولاية العهد، حملت معها حزماً وعزماً قوياً لا تراجع عنه لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالإرهاب، هذا العزم والحزم نابع من الثقل السياسي الذي تتمتع به دول الخليج – نقية السيادة والانتماء- بصفه عامة والسعودية بصفة خاصة في ظل الاضطرابات السياسية التي أصابت قلب الكيان العربي، ما أسال لعاب الأطماع الإيرانية لتصطاد في مياه التصدعات السياسية العربية العكر، الإرهاب الفاجر إن لم نواجهه بعزم حازم وحكمة فسيتضاعف حجم التدخلات والتهديدات التي تُؤثر سلباً على أمن المنطقة واستقرارها، وتجعل المنطقة ساحة خالية لـ «الفايروس» الفارسي كي يصيب الجسد الخليجي بمقتل، وبذلك يتحقق حلمه بتحويل الخليج العربي إلى فارسي، وهذا المستحيل الذي لا يمكن حدوثه بأمر الله ثم سياسة القوة والحزم ورحلات ولي العهد الناجحة لإجهاض الحلم الإيراني قبل أن تنفخ فيه روح التمكن. لا عجب أن شاهدنا كرم الحفاوة غير المستغربة على كويت الأصالة حكومة وشعباً، ولا عجب من دموع سالت فرحاً ونحن نشاهد لقاء المحبة والوفاء عندما التقت حكمة الكبار المتمثلة بالشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح معانقة اتزان وحماسة وعقلانية أمير العزم محمد بن سلمان، فالعلاقة المصيرية بين البلدين ليست وليدة اليوم، بل هو تاريخ ابتدأ عام 1319 عندما احتضنت الكويت القائد المؤسس بحب ووفاء، إلى أن جاء الوقت المناسب لينطلق منها الملك عبدالعزيز إلى الرياض عازماً على استعادة ملك أجداده، مواقف الإخاء والوفاء تجددت في العقد الأخير من تسعينات الألفية الميلادية الماضية، حينما كانت السعودية ملجأ وملتجأ بعد الله للأشقاء الكويتيين عند الغزو العراقي الآثم، ليعلنها الملك فهد صراحة «يا ترجع الكويت يا تروح السعودية»، لينطلق بعدها تحرير الكويت من قلب الأراضي السعودية. وكأن الوفاء يتجدد كلما مرت عقود من الزمان لنثبت للعالم أننا إخوة في مركب واحد يرسو بثبات على موانئ الخليج القوي، وها هي زيارة ولي العهد تأتي لتؤكد عمق العلاقة بين البلدين، وحرصهما على العمل يداً بيد لفتح الملفات المعلقة في ملف القضايا السياسية ذات الأهمية العربية والدولية والمحلية المشتركة للوصول إلى نتائج مثمرة. ولأن النمو والازدهار الاقتصادي يعتبر رافداً قوياً يعزز القوى السياسية للدول، أتت رؤية 2030 السعودية و2035 الكويتية متفقتي المضمون وإن اختلفت آلية التطبيق بما يتفق مع خصوصية كل منهما، والنتيجة حرص ولي العهد على فتح قنوات للتطور والنمو الاقتصادي، بحيث أقر مجلس الوزراء السعودي في تاريخ 17 يوليو 2018 الموافقة على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي الكويتي، استجابة لحرص البلدين على تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية عبر إقامة مشاريع مشتركة تصب في نهر التكامل الاقتصادي بين البلدين الشقيقين، لتكون القوة الاقتصادية موازية للقوة السياسية، ما يعزز مكانة البلدين بشكل خاص والخليج بشكل عام أمام العالم. رؤية 2030 ليست ضرباً من خيال لو آمنا بها حقاً وعملنا من أجلها صدقاً، ففعاليتها ونتائجها الإيجابية بدأت خيراتها قبل اكتمالها، فالميزانية التقديرية المقدمة من وزارة المالية السعودية لعام 2019 وصلت إلى مستوى قياسي يجب أن يكون محفزاً لنا لنؤمن بما نعيشه أكثر، ونثق بشكل أعمق أننا تحت حماية وحكم قيادة لن ترضى لنا كدولة وشعب أن ننزل عن أعلى مراتب العز والنماء والقوة. مقالتي لهذا الأسبوع لست أنا من كتبها، إحساسي والشعور المشبع بالفخر الذي ملأني أني امرأة ذات وطن خالد الشموخ والعز والإباء هو من كتبها، وأنا أستمتع بمذاق الفخر عندما أسأل من أي وطن أنت فأجيب أنا سعودية. ————————————————– تغريد الطاسان الحياة

مشاركة :