يعد مصطلح الليبرالية واحدا من المصطلحات السياسية ذائعة الصيت فهو عبارة عن مذهب فكري وسياسي واقتصادي، والليبرالية نوع من الفلسفة السياسية التي تقوم على فكرة الحرية، فقد برزت كأحد أنواع الحركات السياسية في عصر التنوير في المجتمع الغربي بشكل كبير لتحرير الأفراد من السلطات المختلفة، كما أن لليبرالية ميزة أنها لا تنظر إلى الاديان ولا تلتفت الى سلوك الفرد ما دام محصورا في دائرة خاصة تحدد ما له وما عليه فهي سياسة تتيح للفرد ممارسة حرياته التي يريدها لكن ضمن الشروط والقواعد التي تنص عليها الليبرالية.ولقد ظهرت الليبرالية كحركة سياسية أثناء عصر التنوير، حيث حظيت بشعبية كبيرة بين الفلاسفة والاقتصاديين في العالم الغربي، وذلك بسبب رفض الليبرالية للمفاهيم الدارجة خلال ذلك الوقت من الملكية المطلقة والتميز الإلهي للملوك، وسيطرة دين الدولة على الشعب. كما ينسب الفضل في تأسيس الليبرالية إلى الفيلسوف جون لوك في القرن السابع عشر، حيث جادل لوك بحق الإنسان الطبيعي في الحياة والحرية والملكية، وضرورة توقف الحكومات عن انتهاك هذه الحقوق المطلقة مستغلين العقد الاجتماعي، كما سعى إلى استبدال الحكم الديكتاتوري بحكومة ديمقراطية تمثل كافة شرائح المجتمع.وتقوم الليبرالية على الإيمان بالنزعة الفردية القائمة على حرية الفكر والتسامح واحترام كرامة الإنسان وضمان حقه بالحياة واعتبار المساواة أساسا للتعاون ومنطلقا لاحترام الأفراد وضمان حريتهم ولا يكون هناك أي دور للدولة في العلاقات الاجتماعية أو الأنشطة الاقتصادية إلا في حالة الإخلال بمصالح الفرد والمجتمع.وتقوم الليبرالية أيضا على تكريس سيادة الشعب عن طريق الاقتراع العام وذلك للتعبير عن إرادة الشعب التخلص من الفساد في المجتمع واحترام مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وأن تخضع هذه السلطات للتعديل من أجل ضمان الحريات الفردية وللحد من الامتيازات الخاصة ورفض ممارسة السيادة خارج المؤسسات لكي تكون هذه المؤسسات معبرة عن إرادة الشعب.ولا تعترف الليبرالية بمرجعية ليبرالية مقدسة؛ لأنها لو قدست أحد رموزها إلى درجة أن يتحدث بلسانها، أو قدست أحد كتبها إلى درجة أن تعتبره المعبر الوحيد أو الأساسي عنها، لم تصبح ليبرالية، ولأصبحت مذهبا من المذاهب المنغلقة على نفسها. مرجعية الليبرالية هي في هذا الفضاء الواسع من القيم التي تتمحور حول الإنسان، وحرية الإنسان، وكرامة الإنسان، وفردانية الإنسان. الليبرالية تتعدد بتعدد الليبراليين. وكل ليبرالي فهو مرجع ليبراليته. وتاريخ الليبرالية المشحون بالتجارب الليبرالية المتنوعة، والنتاج الثقافي المتمحور حول قيم الليبرالية، كلها مراجع ليبرالية. لكن أيا منها، ليس مرجعا ملزما، ومتى ألزم أو حاول الإلزام، سقط من سجل التراث الليبرالي.
مشاركة :