التصريح الناري الذي صدر عن الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، وقال فيه – موجهًا تحذيرات شديدة – للولايات المتحدة الأمريكية والرئيس ترامب إن البحر الأحمر لم يعد آمنًا، بعد ساعات قليلة من قيام ميليشيات الحوثي في اليمن باستهداف ناقلات نفط سعودية في مضيق باب المندب، يؤكد أن إيران بدأت الحرب مع دول الخليج وأنها اختارت النفط كشرارة للمواجهة. فقاسم سليماني الذي يعرفه الغرب جيدًا بسبب دوره الخطير في كل من سوريا والعراق واليمن ولبنان باعتبار فيلق القدس هو المسئول عن التوسع الإيراني في الخارج، وباعتبار سليماني القائد الذي أخضع كل هذه الدول للملالي وأسس فيها عصابات إرهابية وميليشيات مسلحة، تؤخذ تصريحاته على مأخذ الجد تمامًا. فهو واجهة النظام الإيراني للعالم، وهو ذراعه المسلحة المدعومة بعشرات الآلاف من العناصر الإرهابية، ومن خلاله أصبحت لإيران علاقات شديدة الخصوصية مع تنظيمات داعش والقاعدة والحشد الشعبي والحوثيين وغيرهم من مختلف التنظيمات والميليشيات المسلحة.والواقع أن تصريحات سليماني، وتأكيده أن إيران هى من كانت وراء قرار الحوثيين بضرب ناقلات النفط السعودية وما اتبعه من قرار سعودي بتعليق صادرات النفط عبر البحر الأحمر، يؤكد أن نظام الملالي الإيراني بدأ الحرب فعلًا وأنه لم ينتظر حتى تبدأ واشنطن في تفعيل عقوباتها الرهيبة عليه بحظر صادرات النفط الإيرانية تمامًا في 4 نوفمبر القادم كم هو مقررا.وهو قرار خطير من جانب طهران، ويدفع بالمنطقة في أتون ملتهب.فالنفط هو سبب حياة دول الخليج ومنع صادراته عن العالم، سيرفع سعر برميل البترول إلى مستويات خيالية من ناحية كما يثير الغرب كله ضد إيران من ناحية أخرى، لكن منع صادراته لشهور قليلة فقط قد يضرب اقتصادات الخليج العربي في مقتل. وتعليق صادرات النفط السعودية والكويتية عن الأسواق بسبب التهديد الذي تواجهه ناقلات النفط العملاقة التابعة لهما في البحر الأحمر، سيمنع إيرادات ضخمة بالمليارات عن الدولتين وباقي دول الخليج التي تصدر النفط.وعليه لن يكون هناك إلا طريق واحد، وهو الدخول في مواجهة بحرية مع الملالي في البحر الأحمر عند مضيق باب المندب والدخول معه في مواجهة أخرى مرتقبة عند مضيق هرمز، وبالطبع فإن الولايات المتحدة الأمريكية موجودة وأسطولها وحاملات طائراتها تراقب الوضع انتظارًا لأوامر بالرد أو بالضرب. والموقف الذي اختلقه النظام الإيراني وقبله دفع عناصره المسلحة لمحاصرة آبار النفط جنوب العراق في محافظة البصرة، يشير بوضوح إلى أنه الطريق الوحيد الذي تأكد للملالي أنه سيسلكه لمواجهة واشنطن ولتخطي أزماته الداخلية والانتفاضة الإيرانية الكبرى المرتقبة بسبب تردي أحوال الاقتصاد الإيراني وانهيار الريال. لكن ماذا عن الدول العربية في هذه المواجهة الوشيكة؟ ما لم يُنزع فتيل الأزمة بقرارات سياسية غير مسبوقة من جانب إيران أو واشنطن؟ الحقيقة أن دول الخليج وباقي الدول العربية في موقف صعب للغاية ووضعت بين فكي الرحي وإيران تكاد تطبق على الخليج، ومع أول صاروخ سيضرب العمق الإيراني أو يتعرض لطهران فإنها ستحول مياه الخليج إلى بحيرة من النار الهائلة عبر مئات الصواريخ الباليستية الموجهة للخليج وعبر آلاف من القوارب العسكرية التي يرتادها انتحاريون ستتعرض مباشرة لناقلات النفط والسفن الأمريكية وساحل الخليج. كما ستشعل الأوضاع في باب المندب وسيكون غلق مضيقي باب المندب وهرمز أول تداعيات هذه الحرب المجنونة. كما ستصبح كبريات المدن الخليجية المواجهة لإيران في السعودية والإمارات والبحرين والكويت في مواجهة صواريخ إيران وردات فعل نظامها المتطرف. وليس هذا فقط، فمن خلال الميليشيات والعناصر التابعة لإيران في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين، ستشتعل كل هذا الجبهات فجأة للدفاع عن النظام الأم في طهران من السقوط والانهيار كما ستكون القوات الأمريكية في مرمى هذه العناصر الإرهابية. وهذا ليس معناه أن إيران ستنتصر في حربها فهذا غير متصور على الإطلاق لأنها دولة تنتمي للعالم الثالث، وإذا واجهت أمريكا القوة العظمي في العالم وواجهت تحالفًا دوليًا عسكريًا كبيرا فستنهار ويخلع نظامها وتعود 100 سنة للوراء على الأقل. لكن الى حين الوصول للنتيجة النهائية، فسيدفع الخليج أثمانًا فادحة من الفوضى والدماء والأموال.إن الحرب المجنونة التي يجرى تسخين ماءها الآن في الشرق الأوسط ستكون الأخطر والأكبر في تاريخ المنطقة وقد تؤدي فعلًا إلى حرب عالمية.
مشاركة :