مع انطلاق الجولة العاشرة من مسار «أستانة»، فتح الروس معبراً لتأمين خروج السكان من محافظة إدلب، تمهيداً لعملية عسكرية وشيكة وحاسمة لم يستبعد الأكراد المشاركة فيها، لتحرير الشمال السوري من السيطرة التركية المباشرة وغير المباشرة. في مقدمة لتنفيذ الرئيس السوري بشّار الأسد وعيده بحسم المعركة مع المعارضة، في أكبر معاقلها، أعلنت القوات الروسية مغادرة آلاف السكان محافظة إدلب، عبر ممر إنساني تشرف عليه في قرية أبو الظهور، موضحة أن اختصاصييها يشرفون على مركز استقبال وتوزيع وإقامة النازحين، ويساعدونهم على استعادة وثائقهم الشخصية، وأن الأطباء العسكريين يجرون فحوصات طبية لهم. وقال رئيس المركز الروسي لاستقبال وتوزيع وتنسيب النازحين في محافظة حلب، العقيد أوليغ دميانينكو: «نحن نتعاون مع الإدارة المحلية في المحافظة من أجل تشكيل لجنة، تتعامل مع عودة اللاجئين والتحقق من وثائقهم الشخصية، لأن هناك الكثير من الناس الذين حرقت وثائقهم الشخصية وممتلكاتهم خلال القتال». وأضاف: «يجري فحص جميع النازحين أيضا، وفق قواعد بيانات سورية، وتحديد أولئك الذين لديهم مشاكل مع القانون. بالإضافة إلى ذلك، قبل الشروع في الحركة على طول الممر الإنساني، يتم فحص كل شخص بعناية، بحثا عن الأسلحة والمتفجرات، لأن حيازتها محظورة». وقال الضابط الكبير في قسم الدعم الطبي، التابع للمركز الروسي أليكسي بيكوليف: «كل عابر تقريباً يعاني مشاكل صحية. والجزء الأكبر من الأمراض المصاب بها هؤلاء جلدية وتنفسية. ونحن الآن قمنا بفحص الأطفال والأمهات، وقدمنا جميع التوصيات لعلاج ورعاية الأطفال، ومنحناهم الأدوية والعلاجات الأولية». وفي وقت سابق، أفادت وكالة «سبوتنيك» الروسية بأن وحدات النظام باللاذقية بدأت قصفاً كثيفاً بالمدفعية وراجمات الصواريخ من مواقعها في جبل الأكراد، مستهدفة بلدتي بداما والناجية في ريف إدلب الغربي، موضحة أن العملية امتدت لتشمل بلدة خان شيخون في الريف الجنوبي. ومع إرسال النظام تعزيزات، وتحديداً إلى محور بلدة الظهور، توقع مصدر ميداني أن يتطور القصف خلال الأيام المقبلة إلى هجوم بري واسع يشمل الريف الغربي لإدلب، وصولا إلى جسر الشغور وأريحا، تحضيراً لبدء معركة حاسمة بالمحافظة في المرحلة القادمة. مشاركة كردية ووسط أنباء عن اندلاع اقتتال في مدينة عفرين بين المسلحين المنسحبين من غوطة دمشق الشرقية، وعناصر الفصائل المتحالفة مع أنقرة، بسبب خلافات على منازل التوطين، لم تستبعد قيادات كردية أن تقود التفاهمات مع دمشق إلى تعاون عسكري مشترك لـ «تحرير» الشمال السوري، بما في ذلك مناطق تسيطر عليها تركيا بشكل مباشر أو غير مباشر. ورغم تأكيده أن الهدف الأساسي لمفاوضات مع النظام لم يكن موجها ضد تركيا بالأساس، أشار الرئيس السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم إلى وجود إمكانية كبيرة للقبول بتعاون عسكري في هذا الإطار، مشدداً على أنه «من غير المقبول أن يظل جزء من أراضي سورية تحت الاحتلال التركي، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة». وأوضح مسلم أن «المسألة ليست أن النظام سوف يساعدنا في عفرين مقابل مساعدته في إدلب. بل العمل جنبا إلى جنب، إذا تم إنضاج التفاهمات الراهنة». الإدارة الذاتية وحول إمكانية التخلي عن مناطق الإدارة الذاتية، قال: «الجميع، وفي مقدمتهم النظام، يعلمون أن سورية لا يمكن أن ترجع لسابق عهدها، وأنه لابد من وجود سورية جديدة بدستور وقوانين جديدة»، لافتاً إلى أن القضايا الشائكة مثل مستقبل سلاح قوات سورية الديمقراطية (قسد) ومسلحيها، والنفط ستكون مطروحة للتفاوض. من جهتها، وإذ لم تستبعد التوصل إلى تعاون عسكري مع الحكومة، أكدت رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سورية الديمقراطية إلهام أحمد أن مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سورية كان لها دورها المهم منذ تأسيسها 2013 وليس من السهل التخلي عنها. والأمر يحتاج لمناقشة مستفيضة حول الوضع بأكمله وتحديداً نظام الحكم». في هذه الأثناء، انطلقت أمس، في مدينة سوتشي الروسية، جولة المحادثات العاشرة من مسار «أستانة»، برعاية وفود الدول الضامنة: الروسي ألكسندر لافرينتييف، والتركي سيدات أونال، والإيراني حسين جابري أنصاري، وحضور المبعوث الدولي ستيفان ديميستورا، والأردن كمراقب، ووفدي الحكومة السورية برئاسة مندوبها الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري والمعارضة بقيادة رئيس الحكومة المؤقتة السابق أحمد طعمة. ووفق وكالة أنباء «إنترفاكس»، فإن المباحثات تتناول 3 ملفات: الأول ملف اللاجئين، والمبادرة الروسية لإنشاء 76 مركزاً لإيواء واستقبال وتوزيع الراغبين بالعودة إلى سورية، بالتعاون مع النظام ودول الجوار، والثاني لجنة العمل الخاصة بالمفقودين والمحتجزين، والثالث إطلاق عمل اللجنة الدستورية، التي اعتبر ديميستورا تشكيلها قضية أساسية في سوتشي، بالاضافة الى مناقشة الوضع في مناطق خفض التوتر، وخاصة إدلب. هجوم السويداء لايزال مصير 30 من أصل 36 مدنياً، على الأقل، خطفهم تنظيم «داعش» خلال هجومه الدامي على محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، قبل خمسة أيام، مجهولاً. ووفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن «أربع سيدات تمكن من الفرار، في حين عثر على جثتي اثنتين أخريين، إحداهما مصابة بطلق ناري في رأسها والأخرى مسنة» رجح أن تكون «توفيت جراء التعب خلال سيرها». وتداول ناشطون شريط فيديو لسيدة برداء ووشاح أبيض، وخلفها عدد من السيدات وطفل، أعلنت فيه أنها لدى التنظيم، ونقلت مطالبه للإفراج ومنها إطلاق قوات النظام «سراح معتقلين يتم التفاوض على عددهم، إضافة إلى وقف الحملة على حوض اليرموك غرب درعا المجاورة».
مشاركة :