قبل أيام غرّد محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء الإماراتي حاكم دبي، على حسابه في تويتر بالآتي: «اطلعت على تقارير رضا الموظفين في 40 جهة حكومية اتحادية.. تصل نسبة الرضا في بعض الجهات 93%، لدينا 5 جهات تقل فيها نسبة الرضا عن 60%! هذه النسب غير مقبولة. رضا الموظفين مفتاح لرضا المتعاملين. 6 أشهر مهلة نعطيها لمدراء هذه الجهات لتغيير بيئة العمل. رأس مال الحكومة الأغلى هو موظفيها». تغريدة مؤثرة، تسابق المغردون في عكس تلك التغريدة كل على واقعه، فجاءت التعليقات تحمل من السخرية السياسية المؤلمة الكثير والكثير! في جميع الحكومات هناك ديوان أو وزارة خاصة بشؤون الموظفين، لإدارة سجّلهم الوظيفي من ترقيات وعلاوات وعقوبات أيضا. هناك أنظمة مختلفة لقياس أداء الموظفين، لكن قلّ أن تجد حكومات تسعى لمعرفة رضا الموظفين، وإذا وُجد على الورق، قلّ من يطبّق. حكومات تسعي لمعرفة تعامل المسؤولين وإدارتهم لشؤون وزاراتهم، إن بالعدل والإنصاف والحكمة، أو بالظلم والفساد والعنترية الفارغة. فكما أن هناك موظفين أصحاب كفاءات عالية، مخلصين في عملهم وصادقين في تنفيذ مهماتهم، فهناك موظفون على العكس تماما. وكما أن هناك مسؤولين يملأون المنصب بقدراتهم وكفاءاتهم، هناك آخرون لا يستحقون تلك المناصب، التي قد وصلوا إليها بواسطة «البارشوت» أو بالحيلة والنفاق. وكما أن هناك موظفين يعملون في بيئة من الرضا الوظيفي -وهم قلة- فهناك فئات تتعرض لاضطهاد وظيفي وتعنت وتعسف، ما بين حقوق مسلوبة، وبيئة عمل بوليسية مخيفة، حيث يتجسس الجميع على الجميع، لينالوا رضا المسؤول وليس رب المسؤول! الرضا الوظيفي المفقود سببه حقوق وامتيازات ومناصب وترقيات توهب للأصدقاء والزملاء «وشلّة السهر والسمر»، بينما يحرم منها من يستحقها، لأن القسمة لا تقبل اثنين! الرضا الوظيفي المفقود سببه طاقم من المسؤولين غير عابئين أصلا لا بالوطن ومصالحه ولا بالموظفين واحتياجاتهم، لأن التركيز على الكرسي فقط لا غير، وكيفية المحافظة عليه أطول مدة ممكنة، وبكل الحيل المتاحة. طالبنا سابقا بأن يكون للحكومة نظام حقيقي لتقييم أداء الوزراء ومن دونهم، وفق معايير ومؤشرات تقيسها جهات مستقلة، بإمكانها أن تقرأ الواقع الحقيقي للإنجاز داخل وزارات الدولة ومؤسساتها، لا ما ينشر في الصحف مثلا. متى نسعد بمن يبحث عن الرضا الوظيفي لموظفي الدولة، ويبحث في أسباب التذمُّر والانزعاج من سلب الحقوق؟! برودكاست: موضوع تغوّل الأجانب وقطع أرزاق البحرينيين في البنوك والشركات التابعة للدولة، والذي نُشر قبل يومين، فتح جُرحا كبيرا لا يزال ينزف. هاتفي لم يتوقف، وحسابات التواصل تعجّ بالشكوى. نحن بعيدون عن قياس الرضا الوظيفي، فالكثيرون مازالوا يبحثون عن الأمان الوظيفي المفقود، ورزق ثابت لا يتجرأ المسؤول الأجنبي على التعدي عليه.
مشاركة :