أعلنت فصائل مسلحة معارضة، تنشط خصوصاً في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، توحدها في ائتلاف يحمل اسم «الجبهة الوطنية للتحرير»؛ لتتزامن هذه الخطوة مع تهديدات الرئيس السوري بشار الأسد، بالهجوم على هذه المنطقة. وتسيطر «هيئة تحرير الشام»، الفرع السوري لتنظيم «القاعدة» على القسم الأكبر من محافظة إدلب، في حين تسيطر على الجزء الباقي، مجموعة من الفصائل ازداد عدد عناصرها، خلال الفترة الأخيرة؛ بعد وصول مسلحين إليها ممن رفضوا البقاء في مناطق سيطرت عليها قوات النظام. وأعلن النقيب ناجي أبوحذيفة، الناطق الرسمي باسم الائتلاف الجديد «الجبهة الوطنية للتحرير» لوكالة «فرانس برس»، إن أحد أهداف تشكيل هذا الائتلاف «التصدي لكافة محاولات النظام للتقدم تجاه المناطق المحررة». وتشكلت «الجبهة الوطنية للتحرير» من فصيل يحمل الاسم نفسه، وبات يحمل اسم الائتلاف، و«جبهة تحرير سوريا» (التي تضم في صفوفها حركة أحرار الشام ونور الدين زنكي)، و«جيش الأحرار» الفاعل في منطقة إدلب، وكان في السابق متحالفاً مع «هيئة تحرير الشام»، و«ألوية صقور الشام» و«تجمع دمشق». وفي حديث إلى الصحافة الروسية، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد، قبل أيام، أن محافظة إدلب باتت الآن هدفه، دون أن تكون الهدف الوحيد. إلا أن العديد من الخبراء، يعدّون أن المناطق السورية المجاورة للحدود مع تركيا، تعد مناطق نفوذ لأنقرة، التي تدعم فصائل عدة في محافظتي إدلب وحلب؛ حيث نشرت مراكز مراقبة. في المقابل، تسعى موسكو إلى التخفيف من حدة التوتر، واستبعدت، الثلاثاء، حصول «هجوم واسع» على إدلب «في الوقت الحاضر».ورغم تكرار دمشق، أن استعادة إدلب تتصدر حالياً قائمة أولوياتها العسكرية؛ لكن كلفة أي هجوم محتمل تبدو وفق محللين باهظة؛ لأسباب عدة: أولها وجود تركيا في هذه المنطقة الخاضعة لاتفاق «خفض التصعيد». واستبعدت موسكو حصول هجوم في الوقت الراهن، معولة في الوقت ذاته على جهود أنقرة؛ للحفاظ على «استقرار» المحافظة، التي تؤوي 2,5 مليون شخص، بينهم عشرات الآلاف من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم، الذين تم إجلاؤهم على مراحل من مناطق عدة؛ إثر رفضهم اتفاقات تسوية مع دمشق.وأهم الأسباب، التي تجعل دمشق مصممة على استعادة إدلب؛ هو أن المحافظة تشكل عملياً الملاذ الأخير للفصائل المقاتلة؛ بعد طردها من غالبية معاقلها في البلاد. وتريد دمشق خصوصاً، استعادة الجزء الأخير من الطريق الدولي، الذي يمر عبر إدلب وتكمن أهميته في كونه يربط بين أبرز المدن السورية، التي باتت تحت سيطرة القوات الحكومية، من حلب شمالاً مروراً بحماة وحمص ثم دمشق وصولاً إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن. وقبل الوصول إلى حلب، يمر جزء من الطريق في مدن رئيسية في إدلب تحت سيطرة الفصائل؛ أبرزها: سراقب ومعرة النعمان وخان شيخون. وبحسب الباحث في الشأن السوري فابريس بالانش، يسعى النظام للسيطرة على هذا الجزء المحاذي للطريق السريع في إدلب.ويقول الباحث في المعهد الأمريكي للأمن نيكولاس هيراس ل«فرانس برس» «العائق الأكبر أمام حكومة الأسد في إدلب هو تركيا»، التي «لا تريد تكرار خطأ الأردن في جنوب غرب سوريا، لناحية الإيحاء بأنه من المقبول للأسد أن يمضي قدماً، وبشكل أحادي في حل عسكري». ويوضح أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «يعتمد حالياً سياسة «على جثتي» تجاه أي عمل عسكري محتمل». وتعول المعارضة السورية، وفق ما قال رئيس هيئة التفاوض نصر الحريري ل«فرانس برس» على «ضمانة» من تركيا، التي تجري «نقاشات» مع «روسيا؛ كونها اللاعب الأكبر في الملف السوري»؛ لتجنيب إدلب سيناريو الجنوب. وتعمل تركيا ميدانياً على توحيد صفوف الفصائل المعارضة في إدلب؛ استعداداً لمواجهة محتملة مع المجموعات المرتبطة ب«هيئة تحرير الشام». ويعرب الباحث نوار أوليفر، المتخصص في الشأن السوري في «مركز عمران للدراسات»، ومقره إسطنبول، عن اعتقاده بأن الدول الثلاث الضامنة ل«خفض التصعيد» «لن تسمح بأي نوع من الحرب الواسعة النطاق في الشمال». ويضيف أن مستقبل إدلب سيحدده «اتفاق على الأرجح لم يتم إنهاؤه بعد، ولا أحد يتحدث عنه».(أ.ف.ب)
مشاركة :