التعليم السعودي – متابعات : هناك تحديات كبيرة تواجه التربويين والعملية التعليمية في ظل الانفجار المعرفي ومجتمع المعلومات، منها تنوع مصادر المعرفة واستمرارية التعلم، فقد غدا الابتكار فائق السرعة مما أوجد ضرورة ملحة ليتماشى المحتوى الدراسي في الغرفة الصفية مع المستجدات والمتغيرات، أي أن هناك حاجة للاتصال المباشر التعاون بين المعلمين ومصممي المحتوى الدراسي للبحث والمناقشة والتغذية الراجعة السريعة. انفجار إيجابي.. هذا الانفجار أدى إلى ظهور أشكال جديدة من نظم التعليم، والتي من بينها أنظمة التعليم الجوال أو التعليم المتنقل (Mobile Learning) والذي يعتبر شكلاً جديداً من أشكال التعليم الالكتروني، حيث يعني التعلم الجوال بالقدرة على التعلم في أي مكان وزمان، عبر استخدام الأجهزة المحمولة والتي لها القدرة على الاتصال لا سلكياً. التعلم بالجوال يهدف لتقديم بيئة تفاعلية للمتعلم من خلال العديد من التطبيقات مثل شبكات التواصل الاجتماعي والبريد الالكتروني، والمحادثات النصية ومؤتمرات الفيديو وغيرها من التطبيقات. وقد انتشرت الهواتف النقالة بصورة سريعة, وتعددت أنواعها وأنظمة تشغيلها مثل نظام Android ونظام ISO, وقد ساعد ذلك على أنتشار التعلم الجوال أو التعلم المتنقل والذي يعتمد على هذه الأجهزة المحمولة وما بها من تطبيقات، ومن هذه التطبيقات برامج المحادثات التزامنية وغير التزامنية (Chatting) مثل What’s APP، skype والتي انتشرت انتشاراً واسعاً وأصبحت سمة أساسية للتعلم الجوال ، فتعتبر تلك التطبيقات خير مثال للتوظيف ضمن التعلم الالكتروني ، وذلك لأن هذه التطبيقات ساهمت كثيراً في تطبيق فرص عملية واسعة للتعلم والتدريب عن بعد دون التقيد بالحدود السياسية والجغرافية، فهي تعمل على تحقيق تعلم الكتروني منتشر بطريقة ناجحة وفعالة لأنها تتيح عقد مؤتمرات مرئية (Video Conference) تشمل على الصوت والصورة والدردشة النصية مما يسمح للمتعلمين بالمشاركة والمساهمة في أحداث اللقاء وفعاليته وعرض وجهات النظر المختلفة وأرسال الرسائل القصيرة بل واجراء المحادثات الهاتفية أيضاً وكذلك المكالمات المجانية ومشاركة الملفات بين المشاركين في اللقاء. مميزات وإمكانيات.. يعد استخدام تطبيقات الهواتف الذكية في التعليم, من أهم أهداف التعلم الجوال الذي أشارت إليه العديد من الدراسات والأدبيات التربوية, لما به من مميزات وامكانيات تسهم في إدارة أنظمة التعلم وإدارة المحتوى التعليمي وإدارة وتخطيط المقررات التعليمية عبر تقنية الوب، والحرية في التعلم والتدريب داخل وخارج جدران المؤسسات التعليمية وقاعات التدريب، فهي تتيح المحتوى في أي مكان وفي أي وقت وتحسن عمليات التفاعل بين المتعلم والمعلم, من خلال طرح أسئلة معينه أو تبادل وجهات النظر والمعلومات بين المعلم والمتعلم من جهة, وبين المتعلمين وبعضهم من جهة أخرى قبل وأثناء وبعد اليوم الدراسي, عبر عمليات التعلم المرتكزة حول المتعلم ، كذلك يسهل التعلم التعاوني بين المتعلمين عن طريق التواصل المتزامن وغير المتزامن, مع توفير الدعم الشخصي للتعلم وتحفيزه ودفعه نحو التعلم وتقديم محتوى موجز يصل بصورة منتظمة للمتعلم في أي وقت وفي أي مكان . وعلى الرغم من حداثة استخدام الهواتف المحمولة في مجال التعليم، قدمت عدة دراسات تناولت هذا الجانب، حيث أكدت على مميزات تطبيق المؤتمرات المرئية عبر الهواتف الذكية في التعليم والتدريب، في تحقيق أهداف التعليم من بعد وتيسير عمليات الاتصال بين مؤسسات التعليم والتدريب، وتعزيز التعلم الجماعي والتعاوني داخل الهيئات والمؤسسات التعليمية، من خلال تقديم أعلى مستوى من التفاعل. كما يستطيع أي طالب أو أي متدرب متواجد في موقع بعيد، أن يرى ويسمع المعلم أو المرشد الأكاديمي في مادته التدريبية، وتقديم تغذية راجعة فورية للدارسين واجراء مناقشات مباشرة بين المدرب والمتدربين، مع تبادل الخبرات مع طلاب من مختلف الثقافات، كما باستطاعتهم مشاركة الصور ومقاطع الفيديو بين المعلم والمتدربين وبين المتدربين وبعضهم. أرقام ودراسات.. على الرغم من كثرة الدراسات وتنوعها – واختلاف الباحثين والكتاب على هذا الموضوع – والتي اتضح من خلالها انه بقدر ما يوجد مؤيدون ومتحمسين لاستخدام الهواتف المحمولة في مجال التعليم، بقدر ما هنالك رافضون ومعارضين له. 91% من الطلاب, لهم آراء ايجابية بشأن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي عبر الهواتف المحمولة, في تقوية الاتصال بينهم فهي تسهم في تدعيم العلاقات والتواصل الجيد بين الطالب والمعلم في بيئة تعلم تفاعلية ، ومساعدة الطلاب وتحمسهم على الكتابة وتكوين الآراء وتحليل المعلومات واتخاذ القرارات وحل المشكلات وتقديم الحلول, وعدم الاقتصار على مهارات الحفظ والاستظهار بل تنمي مهارات تفكير المتعلمين وفق اسس علمية, بالإضافة لتدعيم التعلم التشاركي في بيئة أمنة للاتصال والتعاون وتزيد من التدخل الفعال الذي يعزز الثقة بالنفس لدى الطلاب, و القضاء على العزلة الاجتماعية التي كانت تمثل إحدى نقاط الضعف الموجة للتعلم الالكتروني, والسرعة في بث وتحميل مقاطع الفيديو والصور والرسومات وأنزالها، وإدراج التعليقات باستخدام النصوص والصوت التي تجعل المحادثات على الشبكة تبدوا واضحة ومعبرة وسهلة كما لو كانت تتم في الفصول الدراسية التقليدية بين زملاء الصف مع إرشاد المعلم. التعلم بالجوال يطور مستوى الطلاب في اللغة الإنجليزية بالذات، وذلك عبر استغلال تكنولوجيا تطبيقات الهواتف الذكية، وقد أبدى كثير من الطلاب اتجاهات إيجابية نحو ذلك، كما اشارت عدد من النتائج إلى وجود مؤشرات ايجابية لإمكانية تطبيق النماذج المقترحة وذلك بعد تجريبه على طلاب مختلفين. وبينت النتائج إلى فاعلية استخدام أدوات التذكير بالجوال في تنظيم معلومات المتعلمين واستفساراتهم المتعلقة بموضع التعلم، بالإضافة إلى وجود أثر ايجابي على تنمية مهارات التفكير الناقد، كما اظهرت النتائج زيادة في مستوى التعلم لدى الطلاب الذين استخدموا الهواتف المحمولة وتطبيقاتها، مع ضرورة توفر مناهج الكترونية وتدريبات للمعلمين والطلاب على استخدام تطبيقات الهواتف الذكية في التعلم، وذلك كأحد متطلبات التعلم النقال مع ضمان شبكة انترنت فاعلة وقوية تساعد على تسهيل عمليات التعلم من خلالها.. أشارت بعض الدراسات في أثر تطبيق التعليم النقال، إلى أن 70% من الطلاب يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية، وذكرت الاحصائيات أن 45% من الطلاب من مستخدمي الفيس بوك و55% من مستخدمي تويتر من الطلبة، و30% من أعضاء هيئة التدريس وجدوا أن هذه الشبكات تصلح للاستخدام في العملية التعليمية في الجامعات والكليات. وصايا وكفايات أوصت العديد من الدراسات بضرورة تركيز البرامج والدورات التدريبية المقدمة للطلبة على الكفايات الخاصة باستخدام تقنيات التعليم الالكتروني الجوال, والعمل على تشجيع المصممين في تقديم تطبيقات تعمل على ذلك، مع ضرورة اقامة دورات تدريبية لكل من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس, لتدريبهم على استخدام تطبيقات الهاتف النقال على شبكة الانترنت، مع تعميم استخدام تطبيقات الهواتف الذكية في تدريس المقررات المختلفة وإجراء المزيد من الدراسات حول استخدام تطبيقات الهواتف الذكية في التعلم والتعاون مع شركات التصميم والاتصال, لوضع تصور لمزيد من تطبيقات الهواتف الذكية التعليمية، والتركيز على أنماط التواصل الالكتروني في التفاعل والتواصل بين المتعلمين مع بعضهم ومع معلميهم في أي وقت, مما يزيد من دافعيتهم وتحصيلهم لما له أثر في تنمية مهارات التفكير العلمي والمهارات المختلفة, والاهتمام بتطوير المقررات والعمل على دمج التقنيات الحديثة وموقع التواصل الالكتروني وإعادة تنظيم محتواها, بما يتماشى وطبيعة عصر المعلوماتية والتكنولوجية، مع تضمين أدوات وأنماط التواصل الالكتروني كأدوات للتفاعل والتشارك بين المعلم والمتعلمين وبين المتعلمين وبعضهم البعض في تنفيذ الأنشطة والمهام التعليمية. رأي أكاديمي.. وحول استخدام تطبيقات الجوال الاجتماعية والتعليمية في التعليم أفادت الاكاديمية بجامعة الملك سعود في كلية التربية الدكتورة ” بدرية الراشد الحميد ” والمتخصصة في تقنيات التعليم، أن دور تطبيقات الجوال بالنسبة للتعليم العام قد يكون فقط مساعد ومدرب ومحفز للدراسة والتحضير، ولا يتم الاعتماد عليه كتعليم أساسي، أما بالنسبة للتخصصّات التي تحتاج مختبرات أو معامل او تجارب فمثل هذه البرامج والتطبيقات جدا ثرية وفاعلة للإثراء والمعرفة، فالطالب ليتعلم معلومة يطلب منه البحث والسؤال وجمع بيانات. وتضيف الدكتورة بدرية، اننا يمكن أن نكثف مفهوم الطالب الباحث عن المعلومة من خلال عدة تطبيقات ووسائل تقليدية وشبكات تعليمية. في المقابل، الدكتور محمد بن سليمان الصبيحي وكيل كلية الإعلام والاتصال للدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، يرى ” أن التطور التقني الذي شهده العالم نقلة نوعية في التطور الحضاري انعكست على المعرفة الإنسانية في مختلف المجالات الاقتصادية والتعليمية والعسكرية والإعلامية، وساهمت في الوقت نفسه في تطوير القدرات الإنسانية والتواصل الكوني والتشارك المعرفي عبر بيئة منخفضة التكاليف”. ويضيف ” في الحديث عن توظيف استخدامات الهواتف الذكية في العملية التعليمية فقد برزت عدة تطبيقات ومهام تقنية كثيرة يمكن استثمارها في العملية التعليمية بأركانها المختلفة (المعلم والطالب والمنهج والبيئة التعليمية)، ويمكن النظر إلى تلك المهام والوظائف على المستوى العام المتمثل بالتعليم المباشر والتعليم عن بعد الذي كان لتقنية الهواتف الذكية دور محوري في تحقيق بيئة تعليمية تحاكي التعليم المنتظم وتتفوق عليه في بعض المجالات. ويذكر الدكتور الصبيحي، أن “أبرز ما يمكن التحدث عنه في هذا الشأن بصورة إجمالية يتمثل فيا يلي: 1- استهداف الهواتف الذكية في العملية التعليمة بصورة مؤسسية، سيوجد بيئة نظيفة وإيجابية لاستخدامات الهواتف الذكية التي يقضي أبناؤنا معها معظم وقتهم، ويربي الأبناء على تلك الاستخدامات المفيدة بدلاً من انشغالهم في استخدامات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها مضيعة للوقت. 2- تتيح الهواتف الذكية مجالات واسعة ومهمة وسهلة للمعلمين والإدارة التربوية في تسهيل المهام التعليمية والتربوية عبر تطبيقات تقنية للتحضير الإلكتروني ووسائل الإيضاح والمحاكاة والتدريب ومتابعة التكليفات والتقييم والتواصل بين المدرسة والمنزل. 3- وعلى مستوى المتعلم فإن الهواتف الذكية تتيح مجالات مهمة للطلاب في التفاعل فيما بينهم وتنفيذ الأعمال والتكاليف التشاركية وتنمي مهارات العمل الجماعي والتعلم غير المباشر وتنمية مهاراتهم في الرسم وتدوين الملحوظات بالصوت والصورة وفي الوقت نفسه فإن استخدام تقنيات الهاتف الذكي تحقق دافعية عالية وذاتية لدى المتعلمين وجاذبية لقاء وقت أطول وتنافسية بين الطلاب وشعور بالإنجاز. 4- يستطيع أولياء الأمور عبر تطبيقات الهواتف الذكية من تحقيق معدلات تعاون مثمر مع المدرسة في التواصل وحل المشكلات والاطمئنان على سير تعليم أبنائهم في العملية التعليمية. 5- على مستوى المنهج يمكن توظيف الهواتف الذكية عبر تطبيقات الكتاب الإلكتروني بمختلف صيغه الفنية، من خلال استثماره في بناء مناهج الكترونية لتوفير المصادر والمراجع العلمية والمذكرات والتكليفات والاختبارات في منصة واحدة تجعل المعرفة في متناول الطالب والمعلم. 6- على مستوى البيئة التعليمية فإن تقنية الهواتف الذكية يمكن استثمارها في الربط مع الفصول الذكية داخل القاعات والمعامل والمختبرات، لتسهيل أساليب التدريس وتنمية التعلم الذاتي والتعاوني بشكل يجسد المعرفة ويحقق درجات عالية من الوضوح والفهم والممارسة. 7- تمثل الألعاب الإلكترونية التعليمية والمهارية عبر الهواتف الذكية مجالاً آخر للتوظيف، بدلا من الألعاب الإلكترونية الأخرى التي أثبتت الدراسات والواقع تأثيراتها السلبية على الشباب خاصة أن استخدام الهواتف الذكية في هذا المجال يمضي فيه الطلاب معظم وقتهم. وفي الختام فإن استخدامات الهواتف الذكية في العملية التعليمية بشكل مؤسسي مطلب مهم وحاجة ملحة ينبغي استثمارها في تجويد التعليم وتحقيق تشارك إيجابي بين أطراف العملية التعليمية وفقاً لوزارة التعليم.
مشاركة :