اء 7 أغسطس 2018 الاختلالات المفرطة لا تزال دون تغير بشكل عام، مع ازدياد تركزها في الاقتصادات المتقدمة. وتؤدي استمراريتها إلى إذكاء التوترات التجارية بين البلدان. تركيبة الاختلالات لا تشكل خطرا محدقا، لكن عدم معالجتها يمكن أن يهدد الاستقرار العالمي فيما بعد. أصدرنا أخيرا آخر تقييماتنا لأرصدة الحساب الجاري لأكبر 30 اقتصادا في العالم، وذلك ضمن تقرير القطاع الخارجي ESR لعام 2018، وتمثل هذه التقييمات جزءا أساسيا من المهمة المنوطة بالصندوق في تشجيع التعاون النقدي الدولي ومساعدة البلدان على بناء اقتصادات قوية والحفاظ عليها. وتسعى التقييمات إلى الإجابة عن السؤال الصعب والخلافي في كثير من الأحيان، حول الظروف التي تعتبر فيها فوائض وعجوزات الحساب الجاري إما ملائمة أو نذير خطر. وقبل التسرع في الإجابة، لعل من المفيد تقديم بعض الخلفية. بداية نقول إن الفوائض والعجوزات ليست في ذاتها مشكلة بالضرورة، بل قد تكون ملائمة ومفيدة. فعلى سبيل المثال، ينبغي للاقتصادات الشابة سريعة النمو أن تقوم بالاستثمار حتى تنمو، ومن ثم فهي غالبا ما تستعين بالموارد الخارجية عن طريق استيراد سلع أكثر مما تصدر والاقتراض لتغطية العجز الضمني. وفي المقابل، قد تحتاج البلدان الغنية التي تبرز فيها ظاهرة شيخوخة السكان إلى الادخار استعدادا للوقت الذي تتقاعد فيه العمالة، ومن ثم فهي تحتفظ بفوائض وتقرض البلدان ذات العجز. غير أن أرصدة الحساب الجاري يمكن أن تصبح مفرطة، أي أكبر مما تبرره أساسيات الاقتصاد والسياسات الاقتصادية الملائمة. وتشكل الاختلالات الخارجية المفرطة، سواء كانت عجوزات أم فوائض، مخاطر على البلدان المنفردة وعلى الاقتصاد العالمي. وكما يمكن أن تغلق أبواب الاقتراض أمام الأسر ذات المديونية المفرطة، فإن الاقتصادات التي تفرط في الاقتراض من الخارج عن طريق العجوزات المفرطة في حساباتها الجارية قد تصبح معرضة لتوقف التدفقات الرأسمالية بصورة مفاجئة، ما يمكن أن يزعزع الاستقرار سواء على المستوى القُطري أو العالمي، وهو ما يثبته تاريخ الأزمات المالية الطويل. وتواجه البلدان ذات الفوائض المفرطة تحديات مختلفة، مثل مخاطر استثمار مدخراتها في الخارج، بينما يمكن أن تدر الاستثمارات الداخلية عائدا اجتماعيا أعلى. وهناك أمر آخر مهم أيضا، وهو أنها قد تصبح هدفا للإجراءات الحمائية من جانب الشركاء التجاريين. ويلاحظ أن تحليل الاختلالات الخارجية معقد بطبيعته، وذلك لأسباب منها ضرورة اتساقه عالميا، فيجب أن تكون العجوزات المفرطة متسقة مع الفوائض المفرطة. ويركز تقرير القطاع الخارجي على رصيد الحساب الجاري الكلي في كل بلد وليس على الأرصدة التجارية الثنائية تجاه مختلف الشركاء التجاريين، إذ إن الأخيرة تعكس في الأساس تقسيم العمل دوليا وليس العوامل الاقتصادية الكلية. وهدفنا هو تنبيه الأعضاء إلى المخاطر المحتملة التي تنطوي عليها هذه الاختلالات، وتسليط الضوء على المسؤولية التي تشترك فيها البلدان لمعالجة هذه الاختلالات بالصورة الملائمة. ويعتبر هذا الهدف وثيق الصلة بالظرف الراهن. بعد انخفاض فوائض وعجوزات الحسابات الجارية العالمية في أعقاب الأزمة المالية العالمية، ظلت ثابتة نسبيا على مدار السنوات الخمس الماضية، وذلك عند مستوى 3.25 في المائة تقريبا من إجمالي الناتج المحلي العالمي. ويشير تحليلنا إلى أن نحو 40 في المائة إلى 50 في المائة من هذه الأرصدة العالمية مفرطة، وتزداد تركزا في الاقتصادات المتقدمة... يتبع. ملخص المادة : الاقتصادات التي تفرط في الاقتراض من الخارج عن طريق العجوزات المفرطة في حساباتها الجارية قد تصبح معرضة لتوقف التدفقات الرأسمالية بصورة مفاجئة، ما يمكن أن يزعزع الاستقرار سواء على المستوى القُطري أو العالمي، وهو ما يثبته تاريخ الأزمات المالية الطويل.
مشاركة :