العين: هديل عادل تتواصل الجهود البحثية الإماراتية للحفاظ على مصادر المياه، خاصة الجوفية منها المستخدمة بكثرة في الزراعة، إذ أجرى فريق بحثي من قسم الجيولوجيا بجامعة الإمارات، يشرف عليه د.أحمد مراد، عميد كلية العلوم، دراسات عن مستواها، وجودتها في بعض مناطق الدولة، إضافة إلى تركز الإشعاع فيها، ودور النظائر الثابتة والمشعة في التعرف إلى نوعية وجودة تلك المياه، بهدف عمل خريطة للإشعاع فيها تغطي أرجاء الدولة.وفي السطور التالية يطلعنا مراد على أهم نتائج الدراسة التي شملت مناطق عدة في الدولة.يقول مراد: أجرينا تقييماً دورياً لمصادر المياه في الدولة، وتضم مصادر تقليدية متمثلة في: المياه الجوفية، الينابيع، الأفلاج، المياه السطحية، وأخرى غير تقليدية مثل: مياه التحلية، مياه الصرف الصحي المعالجة. وأظهرت النتائج أن المياه السطحية في الدولة موسمية مرتبطة بالأمطار، وتبلغ كميتها 150مليون متر مكعب، وتكون محجوزة خلف السدود. وأظهرت الدراسة أن المياه الجوفية في حالة تردي من حيث الجودة والكمية، بسبب الضخ الشديد لها للأغراض الزراعية بشكل رئيسي، إذ بلغ انخفاض منسوبها في مناطق عدة إلى 20 متراً، بينما تشهد ارتفاعاً ملحوظاً لمنسوبها في مناطق أخرى في العين، خاصة القريبة من جبل حفيت.ويستكمل مراد: إن من أهم أسباب تردي جودة المياه الجوفية بشكل مستمر، ارتفاع الملوحة في الخزانات، إضافة إلى النمو السكاني، والطفرة الاقتصادية التي تشهدها الدولة، إذ تزيد هذه العوامل من الطلب على المياه، وبالتالي يزداد الضغط على الخزانات الجوفية، لذا اتجهت الحكومة إلى إيجاد بدائل للمصادر التقليدية، بينها مياه التحلية، ومياه الصرف الصحي المعالجة. وتوسعت في بناء محطات التحلية التي زاد عددها على 26 محطة موزعة في مناطق الدولة المختلفة. وزادت من إنتاج المياه المعالجة المستخدمة بشكل رئيسي في ري المسطحات الخضراء. وبذلت الإمارات جهوداً كبيرة في توفير مياه تغطي احتياجات المجتمع، لتحقيق الأمن المائي فيها. ويضيف: استخدمنا الطريقة الجيوفيزيائية السيزمية، لتحديد منسوب المياه الجوفية في المنطقة القريبة من جبل حفيت، وكشفت النتائج أن منسوب الماء يراوح ما بين 2.5 متر إلى 15 متراً في المنطقة. وتبين أن سبب العمق الضحل للمياه الجوفية في هذه المنطقة قد يرجع إلى وجود طبقة غير منفذه على الأعماق لا تسمح بمرور المياه المتسربة إلى الخزان الجوفي.وأوصى الفريق البحثي بالمراقبة الدورية لمناسيب المياه الجوفية في منطقة الدراسة والمناطق المجاورة، لمنع التأثير السلبي في المناطق السكنية.وفي ما يخص تركيز الإشعاع في المياه الجوفية شرقي مدينة العين، يقول مراد: تعتبر دراسة الإشعاع في المياه الجوفية من الدراسات الحديثة في الدولة، والهدف منها وضع خريطة للإشعاع في المياه الجوفية تغطي أرجاء الدولة، وتمثل نقطة بداية لدراسات أخرى تغطي بقية مناطق الدولة.وأظهرت الدراسة، بحسب مراد، أن تركز الإشعاع في المياه الجوفية وخزاناتها الفيضية في المناطق الجافة، فيه تفاوت ملحوظ، مقارنة مع الخزانات الأخرى، خاصة في عنصري «الراديوم-226»، و«الرادون-222». ومن ناحية الجودة، فإن نتائجها تشير إلى أن تركز الإشعاع في المياه الجوفية أقل من معايير منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب، إضافة إلى أن تركزه في الخزانات الجوفية الفيضية أقل من نظيرتها الكربوناتية، وبالتالي يعتبر الخزان الجوفي الفيضي هو خزان ذو جودة عالية. وأكدت الدراسة ضرورة تعميم هذه الأبحاث على مستوى الدولة، للحصول على قاعدة بيانات كاملة تساعد متخذي القرار في هذا الشأن.ويوضح مراد دور النظائر الثابتة والمشعة في التعرف إلى العوامل المؤثرة في نوعية وجودة المياه الجوفية، قائلاً: النظائر الثابتة هي العناصر الكيميائية التي لا تتحلل، ومنها الأوكسجين، والهيدروجين، أما المشعة فهي التي تتحلل كاليورانيوم، والثوريوم، والرادون، والراديوم. وتستخدم النظائر الثابتة والمشعة في دراسات هيدرولوجية للتعرف إلى العوامل المؤثرة في نوعية المياه وجودتها، وتغذية خزانات وآليتها وعمرها، والعلاقة بين صخور الخزان الجوفي والمياه الحاملة له، وحركة الميا ه والملوثات فيه.ويضيف: أجرينا دراسات هيدرولوجية عدة في مناطق مختلفة بالدولة، منها جبل حفيت، الهير، المناطق الشرقية والشمالية، وادي البيح برأس الخيمة، استخدمنا فيها النظائر الثابتة والمشعة، شملت أيضاً المنطقة الشرقية من كلباء إلى دبا، واستخدمت فيها النظائر الثابتة كالأوكسجين والهيدروجين.وتوصلت الدراسة، وفقاً لمراد، إلى أن تبخر مياه الأمطار والسطحية والمستخدمة في الزراعة يعد من العوامل الرئيسة المؤثرة في تركيز النظائر في المياه الجوفية، وبالتالي يؤثر في نوعيتها عند استخدام نظير «الكلورين - 36».وأظهرت النتائج أن تداخل ماء البحر مع اليابسة يؤثر أيضاً في نوعية المياه، وجودتها. وأوضحت أن بخار الماء القادم من البحر المتوسط، يعد من مصادر الأمطار المهمة في الدولة، وأن الإمارات تتأثر صيفاً بالأمطار الآتية من المحيط الهندي بما يسمى «المانسون».
مشاركة :