محمد إبراهيم / الأناضول تتزايد عدوى خروج الشركات الأوروبية والعالمية من السوق الإيرانية؛ إذ بدأ الكثير منها يحزم حقائبه فور إعلان الولايات المتحدة فرض العقوبات على إيران. وبدأ، الثلاثاء، سريان الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران، بهدف تكثيف الضغط عليها، بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب، انسحابه من الاتفاق النووي، الذي تم إبرامه مع طهران في 2015. وقال ترامب، الثلاثاء، إن بلاده ستوقف تعاملاتها التجارية مع أي جهة تتعامل مع إيران بعد العقوبات. وتستهدف الحزمة الأولى من العقوبات، النظام المصرفي الإيراني، بما في ذلك شراء الحكومة الإيرانية للدولار الأمريكي، وتجارة الذهب، ومبيعات السندات الحكومية. وأضاف ترامب، في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": "في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، سنفرض الدفعة الثانية من العقوبات على إيران". وأعلن الرئيس الأمريكي أن العقوبات التي تم فرضها على إيران هي الأشد قسوة على الإطلاق؛ وسط توقعات أن تكون عقوبات نوفمبر المقبل أشد قسوة لارتباطها بصناعة النفط. ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، قال مسؤولون بوزارة الخارجية الأمريكية إن أكثر من 100 شركة عالمية أعلنت بالفعل، مغادرة إيران مع بدء سريان العقوبات. ومن بين أبرز الشركات الأوروبية التي أعلنت الخروج من إيران خشية العقوبات الأمريكية (إيرباص الأوروبية لصناعة الطائرات، والنفط الفرنسية "توتال"، سيمنز الألمانية، ساغا إينرجي النرويجية للطاقة الشمسية، أليانز الألمانية للتأمين، "ميرسك" الدنماركية للشحن، الصلب الإيطالية دانييلي، صناعة السيارات الفرنسية "بيجو"، "دايملر" الألمانية لصناعة المركبات). وقالت شركة النفط الفرنسية "توتال" إنها ستنسحب من صفقة بقيمة مليار دولار كانت قد توصلت إليها مع إيران، بالاشتراك مع شركة النفط الصينية، إذا لم تحصل على إعفاء أمريكي. وقالت شركة صناعة السيارات الفرنسية "بيجو"، أيضا، إنها ستنسحب ما لم تحصل على إعفاء من الولايات المتحدة، رغم أن مبيعات سياراتها بإيران تبلغ نحو 44 ألف سيارة في العام. وسحبت شركة "ايني" الإيطالية استثماراتها من إيران، وألغت اتفاقية لدراسة حقول النفط والغاز. وبينما قررت شركة أليانز للخدمات المالية مغادرة طهران، أوقفت دانييلي للصلب تنفيذ عقود لصالح إيران بقيمة 1.5 مليار يورو (1.740 مليار دولار). كما أوقفت شركة "ساغا إينرجي" النرويجية للطاقة الشمسية، تنفيذ عقد بقيمة 2.5 مليار يورو (2.9 مليار دولار)، فيما ألغت وزارة الخزانة الأمريكية تراخيص لشركتي بوينغ وإيرباص لبيع طائرات الركاب إلى إيران. ** أقرب وقت وتعليقا على ذلك، قال جاسم عجاقة، الخبير الاقتصادي والأستاذ في الجامعة اللبنانية، إن خروج الشركات الأوروبية العاملة في إيران، سيكون في أقرب وقت ممكن. لكن الإشكالية -وفق عجاقة- أن البعض من الشركات ضخ استثمارات ضخمة ما يجعلها مضطرة لتلك الخطوة، الأمر الذي يكبدها خسائر كبيرة تجاه مشروعاتها الحالية في طهران. وأضاف عجاقة في اتصال هاتفي مع "الأناضول" من بيروت: "رغم وجود جبهة رفض من دول أوروبية تريد الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران، لكنها لن تتمكن من حماية تلك الشركات". ورأى أن "الولايات المتحدة تفرض ضغوطا على دول الاتحاد الأوروبي من خلال حلف الناتو وفي النهاية ستذعن تلك الدول للقرار الأمريكي". ولفت إلى أن المفاجئ للمسؤولين في إيران، هو استجابة بعض الشركات الأوروبية لكافة القرارات الأمريكية، وسجل بعضها انسحابا فعليا خاصة أنها لن تقف في وجه العقوبات. وتوقع عجاقة -الذي عمل سابقا مستشارا لوزير الاقتصاد والتجارة اللبناني- أن تتواصل انسحابات الشركات الأوروبية والعالمية من إيران، خاصة الاستثمارات في سوق النفط الإيرانية خوفا من استكمال العقوبات في الأشهر المقبلة. واعتبارا من 4 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تبدأ عقوبات أمريكية إضافية على التعاملات النفطية مع طهران، بناء على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي. ** أزمة حقيقية من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، عدنان الدليمي، إن الاقتصاد الإيراني عانى من أزمة حقيقية فور إعلان "ترامب" إلغاء الاتفاق النووي، تجلى ذلك في أزمة تراجع العملة المحلية (الريال) لتصل لأدنى مستوياتها أمام الدولار الأمريكي. وذكر الدليمي، في اتصال مع الأناضول، أن الشركات لن تخاطر بتحدي قرار أمريكا، رغم الخسائر الكبيرة التى ستتكبدها جراء تخارجها من السوق الإيرانية، معتبرا أن "تحدي القرار الأمريكي سيقود لخسائر أكبر". ويرى أن طمأنة الاتحاد الأوروبي للشركات المستثمرة في إيران، غير ذات جدوى، مع تخوفاتها من العقوبات الأمريكية (أكبر اقتصاد عالمي). والإثنين، أعلن كل من الاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا وألمانيا التزامهم بحماية الشركات الأوروبية التي تجري نشاطات تجارية مشروعة مع إيران. ** تهديد كبير وعقب تغريدة ترامب، الثلاثاء، أصدرت مؤسسة كابيتال ايكنوميكس، تقريرا حول الآثار السلبية لفرض العقوبات على إيران، أوضحت فيه أن العقوبات ستؤدي إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية. وقالت المؤسسة إن هناك انكماشا متوقعا للاقتصاد الإيراني، مع دخول الحزمة الأولى للعقوبات حيز التنفيذ، لكن التأثير على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لن يكون قاسيا. وذكر التقرير -الذي اطلعت عليه "الأناضول"- أن الريال الإيراني تراجع بنسبة 30 بالمائة مقابل الدولار في السوق السوداء، منذ إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي. وأشار إلى أن اقتصادات الخليج قد تحقق استفادة من العقوبات من خلال زيادة إنتاج النفط لتعويض الفاقد الإيراني. وتلقت أسعار الخام خلال الأشهر الماضية دعما من العقوبات المفروضة على إيران، ثالث أكبر منتجي النفط في أوبك (3.82 ملايين برميل يوميا). الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :