إيقاف تدهور رأس المال البشري «2 من 2»

  • 8/9/2018
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

يؤدي سوء التغذية إلى مشكلات إنمائية طويلة الأجل، ولاسيما في مجال التعليم. يُسبِّب نقص التغذية الإصابة بالتقزُّم والهزال في الأطفال، وكذلك مجموعة متنوعة وواسعة النطاق من عيوب الإدراك. ويؤدي ضعف تنمية القدرات الإدراكية إلى ضياع سنوات من التعليم في مرحلة الطفولة، وفقدان سنوات من التشغيل في مرحلة البلوغ. وفضلاً عن ذلك، كثير من الأطفال النازحين محرومون من التعليم. تُظهِر الشواهد أن انخفاض مستوى التعليم يقلل الإنتاجية والدخل، وهو ما يجعل كسر حلقة الفقر أمراً أشد صعوبة. وتُؤثر الأضرار التي تصيب القدرات الإدراكية للأطفال من جرّاء عدم التعليم أو تدني جودته في المناطق المتأثرة بالصراع، على رفاهيتهم وتؤدي إلى انخفاض دخولهم في المستقبل. يؤدي نقص فرص عمل كريمة وتدني الدخل للبالغين من الشباب المتعلمين، إلى زيادة تشغيل الأطفال، وزواج القاصرات، مع سعي الأسر للتغلُّب على الضائقة المالية. وكلما طال أمد بقاء النازحين بلا عمل، قلت احتمالات عثورهم على وظيفة، إذ يفقدون مهاراتهم ويجدون أنفسهم معتمدين على المساندة الاجتماعية والاقتصادية المقدمة من الدولة إذا كانت متاحة لهم.. إنهم محصورون في حلقة مفرغة. ويؤدي اعتلال الصحة، وضعف نواتج عملية التعلُّم، وطول أمد البطالة، إلى تدهور رأس المال البشري، وهو ما يستتبع تكاليف وتبعات اجتماعية واقتصادية مرتفعة؛ لا على البلد المضيف وحده، وإنما أيضاً على المجتمع الدولي. وينتج من هذا تناقص معدلات تكوين رأس المال البشري من حيث المعارف والمهارات اللازمة لتعزيز إنتاجية الأيدي العاملة، وهو ما يُؤثر في النمو الاقتصادي والنواتج الإنمائية على الأمد الطويل، ويفسد السلام والاستقرار وجهود إعادة الإعمار. وأفضل سبيل يمكن لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تسلكه لعكس اتجاه تدهور رأس المال البشري، ولاسيما فيما بين النازحين قسراً، هو زيادة الاستثمار في لبنات رأس المال البشري، وهي: التغذية، والرعاية الصحية، والتعليم الجيد، ولاسيما للأطفال النازحين، وتوفير فرص عمل كريمة للنازحين البالغين من الشباب المتعلمين والنساء. هذه الاستثمارات ستؤدي إلى تحسين إنتاجية العمال وتعزيز النمو الاقتصادي؛ لا في البلدان المضيفة والبلدان المجاورة فحسب، وإنما أيضاً في بلدان أخرى بعيدة. وسيساعد أيضاً على إعداد النازحين للعودة، وإرساء الأساس للتنمية الاقتصادية وتحقيق نمو شامل للجميع في وطنهم. إن بناء رأس المال البشري ضروري للتنمية واحتواء الأجيال القادمة. وإذا تقاعس المجتمع الدولي والبلدان المضيفة عن الاستثمار في رأس المال البشري للنازحين، فإن التكاليف والتبعات ستكون كبيرة وستجعل الأجيال القادمة في وضع لا تُحسد عليه. إن عدم الاستثمار في رأس المال البشري يعرّض الاستقرار أيضاً للخطر؛ لأن الآمال والطموحات إذا لم تتحقق قد تؤدي إلى الصراع في المستقبل.

مشاركة :