المساواة بين الجنسين ورأس المال البشري «2 من 2»

  • 9/15/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

في ضوء الاستثمارات الكبيرة في فرص التعليم في السنوات الأخيرة، فإن الفجوات القائمة في الإلمام بالقراءة والكتابة بين السكان البالغين تبدو مختلفة تماما عنه بين الشباب. ومنذ عام 1985، تقلصت الفجوة القائمة في معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة بين الشباب والشابات في كل مكان. ولا يزال هناك حاليا بعض الفجوات بين الشباب في مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وجنوب آسيا، وإفريقيا جنوب الصحراء. إلا أن الفجوة القائمة بين الجنسين أقل كثيرا مقارنة بالفجوة التي تبعدها عن حد الإلمام الشامل بالقراءة والكتابة. لكن النساء البالغات حاليا لا يزلن في وضع أدنى مقارنة بالرجال، وتعد هذه الفجوات كبيرة. وسيكون من الضروري القيام بحملات شاملة لمحو الأمية لدى الكبار لسد الفجوات في الإلمام بالكتابة والقراءة بين عموم السكان البالغين حاليا. ونستطيع فقط ملاحظة الفجوات التي يمكننا قياسها. لكن هذه الملاحظات لا تخلو من المحاذير. فحالة التفاوت بين الجنسين في رأس المال البشري غير واضحة تماما في معظم المناطق بسبب سوء نوعية البيانات المتوافرة. ولا يشتمل زهاء 20 في المائة من البلدان المدرجة في ترتيب مؤشر رأس المال البشري لعام 2018 على بيانات مصنفة حسب نوع الجنس، ويقع معظمها في مناطق إفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب آسيا، وشرق آسيا والمحيط الهادئ. وترجع الفجوات في بيانات رأس المال البشري المصنفة حسب نوع الجنس بشكل رئيس إلى عدم وجود بيانات مصنفة عن سنوات الدراسة المتوقعة ودرجات الاختبارات. وفي حين لا تتوافر بيانات مصنفة عن معدلات الإصابة بالتقزم لعدد أكبر من البلدان، فإنها لا تشكل فجوة في بيانات مؤشر رأس المال البشري المصنفة حسب نوع الجنس، حيث يمكن بناء المؤشر باستخدام معدل بقاء البالغين على قيد الحياة فقط في غياب معدلات الإصابة بالتقزم. ومن شأن زيادة توافر البيانات المصنفة حسب نوع الجنس أن تمكن مزيدا من البلدان من تقييم حجم التفاوتات بين الجنسين، وتطبيق السياسات الملائمة، وضمان ألا يتخلف أحد عن الركب. ومن الضروري الاستفادة من إمكانات رأس المال البشري لتحويل التحسن في الإنتاجية إلى نمو يتشارك الجميع في جني ثماره. رغم تحسن رأس المال البشري للفتيات، فإن قدرتهن على تحويله إلى فرص اقتصادية تبقى غير مستغلة بالكامل، حيث تقل نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة على مستوى العالم بواقع 27 نقطة مئوية عن الرجال. ولا تزال هناك ثغرات كبيرة في الأجور بين الجنسين قدرها 20 في المائة، وما زال جانب كبير من هذه الفجوة دون تفسير على أساس الفروق في مستوى التعليم، وثمة عوامل عديدة تفسر ذلك، منها التمييز بين الجنسين في مكان العمل، والأعراف الاجتماعية المجحفة بشأن أدوار الأسرة والسوق، ونقص خدمات رعاية الأطفال وعدم ملاءمة السياسات المتعلقة بالإجازات لكل من الآباء والأمهات، ووسائل النقل غير الآمن، والقيود التمييزية في الحصول على التمويل والوصول إلى الأسواق، والحواجز القانونية والتنظيمية التي تعوق إنشاء الشركات وتطويرها. على سبيل المثال، تظهر هذه المدونة أنه لا تزال هناك حواجز تحول دون حصول المرأة على التدريب الملائم ووظائف ذات إنتاجية أعلى. وما لم تحل هذه المشكلات وتحصل المرأة على الفرص نفسها التي يحصل عليها الرجال في سوق العمل، فإن التقدم المحرز لن يسهم إلا بدرجة محدودة في النمو الاقتصادي وتحسين الأحوال المعيشية. ومن الممكن أيضا أن يؤدي تصور تدني انخفاض العائد على التعليم في سوق العمل إلى إثناء الأسر المعيشية عن إرسال بناتها إلى المدارس، وأن يعرقل التقدم المحرز في المستقبل في زيادة التحاق الفتيات بالمدارس. ويتيح ذلك فرصة لواضعي السياسات ومجتمع التنمية للعمل على إزالة الحواجز المتبقية أمام تحقيق المساواة بين الجنسين.

مشاركة :