ثقافة الأسماء المستعارة عند شاعرات الخليج التي لا تزال قائمة وحاضرة إلى وقتنا هذا وإن عرفت أو صرحت الشاعرة بالاسم الصريح إلا أن الاسم المستعار الخاص بها يظل له بريقه ووهجه عند جمهورها ويظل هو الغالب، فهل الأسماء المستعارة هروب من جمر المجتمع الذي تحت الرماد أم إن هناك أسباباً أخرى، ولماذا لا تزال الشاعرة إلى يومنا هذا تختبئ خلف الاسم المستعار خاصة من يكتبن الشعر الشعبي؟ حول ذلك الموضوع تحدثت لليمامة مجموعة من الشاعرات عن الأسباب وراء الأسماء المستعارة التي لا تزال تستعمل في الساحة الشعرية خاصة الشاعرات اللواتي يكتبن الشعر الشعبي. استفتحت الشاعرة هيلة القحطاني المعروفة بشواهق نجد الحديث قائلةً: يلجأ الشاعر والشاعرة في البدايات للكتابة بالاسم المستعار ليستكشف مدى تأثير كتاباته على المتلقي، وحين يرى أنه تمكن من أدواته فإنه يكشف عن اسمه الحقيقي غالباً؛ وهذا ما لمسناه حتى في كبار الشعراء مثل سمو الأمير خالد الفيصل والأمير نواف بن فيصل وغيرهم كثير، أما ما يختص ببعض الشاعرات فقد يكون المحيط الذي تعيشه لا يسمح لها بالكتابة مطلقاً فتضطر للتنفيس عن موهبتها بالدخول لهذا العالم بالاسم المستعار ويظل ملازماً لها ما دامت تكتب ولا تكشف أبداً عنه لأحد حتى أقرب الناس، أما بالنسبة لشواهق نجد هيلة القحطاني فهما وجهان لشاعرة واحدة أفتخر بكليهما والكل يعرف الاسمين. أنا شواهق والعرب تعرفني من روس قوم للعدو غلابه أنا شواهق نجد يا للي تنشد بنت قحطان اكرم بها من لابه هيله انا عزوة هلي واخواني بيني وبين النايفات مشابه بينما قالت:الشاعرة دلال القحطاني في اعتقادي أن الأنثى سواء كانت شاعرة أو غير ذلك ما زالت تخشى من همزات المجتمع؛ لذلك تجدها تختبئ خلف اسم مستعار حتى تأخذ مساحة من الحرية في التعبير عن رأيها أو موهبتها بدون قيود أو تأويل ولكن في الآونة الأخيرة أصبحنا نرى أسماء حقيقية لشاعرات وهذا يدل على الوعي وعلى تحرر فكر الشاعرة أو الأديبة من خوفها وترددها على أن المجتمع بدا بتقبل ظهور الاسم الأنثوي في وسائل الاتصال، بل وأصبح يدعمها؛ وهذا مؤشر إيجابي على التحول الفكري في المجتمع. ما ني بخاف أني على غيمتي همت اسمي دلال ولابتي هم قحاطين دامي عريبة ساس ومن الردا شمت وأاش له أجنب مسلكٍ جيته بحين أما الشاعرة شمس العنزي المعروفة باسم غروب الشمس قالت: الاسم المستعار ما هو إلا ستار يخفي خلفهُ شخصية الشاعر أو الشاعرة وله أسبابه؛ إما خوفاً من الظهور أمام المجتمع أو خوفاً من الأهل والانتقادات الجارحة وأحياناً يكون للفت الأنظار؛ لأن البعض يحاول يعرف من وراء ذلك الاسم وأي شخصية تختبئ تحت هذا الاسم المستعار؟ أنا ذاك الغروب اللي رسم تحت الشروق ظلال غدى عمره ظلام وماتلمه رغم أنفه وأنا ذاك الغريب اللي قضى عمره وهو رحال يتمتم لو يموت البعيد؟! وفجأة ماتت الصدفة وأكدت الشاعرة روح الخمعلي أن من أسباب إخفاء الاسم واستبداله باسم مستعار هو ليس خوفاً إنما ابتعاد عن القيود التي تفرضها علينا بعض العقول المريضة التي لا ترى المرأة إلا من خلال منظورها ووفق ما يريدونه فقط. نخفي الأسماء ما هو قصد خوف بس نداري هالعقول الخايبه الخفا يعني بإن حنا نروف باللي ألسنتهم طويله وسايبه الشاعرة ريوف - القوافي قالت: اسمي المستعار.. ليس هروباً من المجتمع أو كما يقال قناع نتستر به، إطلاقاً.. وإنما هو خصوصية تعطيني مساحة أوسع للكتابة.. ومع الوقت أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتي.. لا تقل مكانته عن اسمي الحقيقي.. وفي اعتقادي.. سواء ظهرت الشاعرة باسمها الحقيقي أو المستعار... فإن ما يثبت وجودها على الساحة هو ما تقدمه من شعر.. وتعبيراًِ عن رأيي كتبت هذه القصيدة القصيرة: الشعر (زبده).. واصْلَها رايب احساس لاهْتزت أوتار المشاعر.. غرفْنا ما يْهم ويش اسمي! ولا مَنْ! مِنْ الناس واللي يدوّر للجزايل.... عرفْنا نكتب على الأوراق زفرات الأنفاس بسمٍ حقيقي أو لقب!ماختلفنا! كنا.. ولا زلنا على العرش جلاس على مشاريف الحضارة.. وقفْنا حبّ الوطن يسمو وله نرفع الراس تبطي المظاهر نهْرها.. ماجرفْنا داخل تجاويف الصّدر منجم الماس واللي عشق درّ القصايد.. صدفْنا وهذي تحيّه.. عانقت شامخ الراس للشاعرات اللي.. لقاهم.. هدفْنا الشاعرة حصة البقمي قالت: يابنت ردي باسمك اللي تحبين وش فيه يابنت الرجال أن بدعتي وللدين والعادات بالك تخلين وارقي سنودالرجم الياطمعتي ولكلمة الجهال بالك تحسبين أنتي على الشرع القويم استندتي زوجة نبي الله أم المؤمنين ترد عنه العلم لو ماسمعتي وكثير من نساء الصحابيين قالت بالاسم بالله قولي وش أنتي واللي يهمش دوركي نعرفه زين جاهل ضعف العرف وأنتي علمتي الشاعرة الملتاعة قالت: كثيراً ما يكون الاسم المستعار له جاذبيته في بدء مشواره ولكن من الجميل أن يصاحب تلك الانجذابية كشف ملامح الهوية الأصلية؛ فليس من المعقول أن تختبئ حروف الإبداع تحت مظلة المجهول، ولا أعتقد أن الأسماء المستعارة تضطر للهروب؛ والدليل على ذلك انطلاقة بدايتي بالاسم المستعار لسنوات طويلة وما زلت مستمرة فأين الهروب في ذلك فالهروب ليس للواثقين من قدراتهم، بل لمن لا قدرة لديه كتبت قصيدة أخاطب بها اسمي المستعار وهي أول بدايتي الشعرية الموجودة بديوان دموع وأحزان لعام 1408 وهي كتالي: واعذابك ياعيونٍ تشوفين ضيم الليالي بين ساعه وساعه والى ظلام الليل أقبل تنوحين من لاهبٍ بالقلب ولّع ولاعه والله مالومك من اللي تلاقين مير اصبري يمكن بصبرك شفاعه انا ادري أنه من بلا الجرح تبكين وعن الفرح ياعين عندك مناعة ملتاعةٍ ولجرح قلبي تشلين حكم القدر مالي عليه استطاعه اصرخ بتالي الليل مالي مجيبين واهل دمع العين واشكي القطاعه والجى لرب الكون والناس غافين عسى يجيب دعاي عقب استماعه حيرانةٍ وأمشي ولا ادري على وين سود الليالي زادت القلب راعه كل من نظرني قال وش بك تحلين وليش الحزن خيم عليك بشراعه وش فيك وش بدل حياة السعيدين يا بنت عمرك وش سبايب ضياعه قلت الزمن لوع حياتي من سنين اخفي الأمل واحرم عيوني شعاعه الشاعرة فوزية الحربي قالت: الاسم المستعار يستخدم لأن فيه حرية أكثر في حال لو عرفت بالاسم الحقيقي سوف تتعرض لانتقاد أكثر من الأقارب ومضايقات من الناس، ولا راح تأخذ حريتها في البوح وخاصة شعر الغزل مثلًا، وإن لم يكن هناك عيب ولا حرام ولقد كتبت لك هذين البيتين: أنا افتخر باسمي وباسم القبيلة ولا همني حكين يقلونه الناس والشعر ما هو عيب ولا فشيلة امشي مع العالم وانا رافع الراس واكتفت الشاعرة غزيل آل ثامر القحطاني بذكر بيتين في ذلك المقام، حيث قالت: ما استعرت الشعر وما أبي الاستعاره وما استعرت الاسم واسمي ذا صريح لي بسوق الشعر رخصة واستماره واعرف انه ما يصح إلا الصحيح بينما ذكرت الشاعرة الكايدة أن الاسم المستعار في مواقع التواصل الاجتماعي هو كحماية شخصية واحترازية من انتقادات المجتمع وتطفلات بعض الأشخاص بحيث تكون لنا حرية في كتابة ما نود إيصاله للمجتمع دون تردد أو خوف من الانتقادات السلبية الساخرة، مضيفة وثانياً أنه من خلف الأسماء المقنعة استبدلت بالألقاب هناك حروف من ذهب تناثرت بالإبداع في مجال الشعر وبانت غزارة مشاعرهن وأحاسيسهن المرهفة تعزف على الوتر بإبداع وحصلن على شعبية كثيرة عرفت بهذا الاسم على الرغم من افتخارنا بأسمائنا الحقيقية إلا أنه لا يزال مقنعاً، وأما عن التصريح هناك عادات وتقاليد تحكمنا كشاعرات عن الإفصاح باسمائنا الحقيقية.
مشاركة :