كم عدد الشائعات التي تنتشر بيننا في الأسبوع الواحد والتي تصلنا عبر تويتر أو الانستغرام؟ وكم عدد الرسائل (الواتسابية) التي تروج لتلك الشائعات وتلقي عليها مزيداً من الحطب لتشتعل وتنتشر أكثر وأكثر؟! وكم يبلغ عدد الأسماء المستعارة في برامج التواصل الاجتماعي؟ كثير منا ينخدع أحياناً ويتحمس لما قرأ ويبدأ بترويجه، وبخاصة لو وصله الخبر وهو يحمل اسم إحدى الصحف الالكترونية التي يعتقد بعضنا أنها تقوم مقام (جهينة) صاحبة الخبر اليقين! ولكن المؤسف أن كثيراً منها ليس كذلك، بل هم أبعد ما يكونون عن المهنية التي اعتقدوا أنها لا تهم، طالما أنهم يبتعدون عن الشكل التقليدي للصحف! إن قلة منا فهموا الدرس وامتنعوا عن نقل الروايات المشكوك فيها أياً كان مصدرها، ولكن هل يكفي أن نعتمد في رفض الشائعات على وعي بعض منا؟ أم أن هناك إجراء يجب أن تتخذه الجهات المعنية لوقف هذا الأمر والتخفيف منه إلى درجة كبيرة. مؤخراً أعلنت هيئة رقابية في الصين أنها ستحظر الحسابات التي تنتحل أسماء شخصيات بارزة من الصين أو من غيرها من الدول، كما أنها ستفرض على مستخدمي الإنترنت بكل ما فيه من برامج أن يستخدموا الأسماء الحقيقية فقط. نحن اليوم في أمس الحاجة لهذا القانون، فخطورة بعض الحسابات أكثر مما نتوقع، وبخاصة تلك التي تدعي ارتباطها بالسلطة العليا في البلاد، سواء بالأشخاص أو المؤسسات. تلك الحسابات بعضها يدار من قبل أشخاص ليسوا منا، بل من خارج البلاد وهدفهم لا يخفى على عاقل متبصر (لا حقق الله لهم هدفاً). إن خطورتها تتضح أولاً من الأعداد الكثيرة لمتابعيهم السذج الذين يتلقفون كل شيء وينشرون أي شيء! وهناك حسابات شخصية تنحصر إساءتها في إلحاق الضرر بالآخرين سخرية أو قذفاً أو أي نوع من أنواع الحاق الضرر الاجتماعي أو الاقتصادي، وهذه أمور ترتب عليها ضرر بالغ ضد أفراد أو مؤسسات، وهي حسابات تبدأ بسوء نية وتعمد الإساءة، ثم يشارك فيها أشخاص ليس لهم من الأمر إلا ظاهره، ومع هذا يندمجون في الإساءة بشكل حماسي عجيب يتناقض مع الأخلاق التي يفترض أن الدين أسسها في النفوس كما يجب!!. إن ما نتابعه يومياً من إساءات منتشرة عامة وخاصة يؤكد حقيقة مرة أشرت إليها في كثير من المقالات السابقة، وهي الجانب الأخلاقي من الدين، وهو جانب يتضخم إهمالنا له يوماً بعد آخر، ويظهر هذا الإهمال بوجه قبيح ومخيف يطل علينا في كثير من المجالات العلمية والعملية والحياتية بشكل عام. هذا الأمر يكشف أن بعضنا يملك مفهوماً غير سوي لمسألة الستر؛ إذ يظن بعضهم أنه طالما يستر نفسه باسم مستعار فهو في مأمن، وبالتالي فهو في حل من الأخلاق! وطالما هو يستر نفسه أمام من يعرفه شكلاً ولفظاً فهو في مأمن؛ إذ لا يمكن أن تشك في شخص ملتزم دينياً في شكله أو ألفاظه التي يكون ذكر الله فيها يمثل نصف ما يقول!! بالأمس كتبت إحدى السيدات في الانستغرام عن إساءة تعرضت لها، أهملتها في البداية ولم تلق لها بالاً؛ لأن الأمر لم يخرج عن حدود الاستيلاء على صور خاصة بحسابها، وهي صور غير شخصية، ولكنه وصل في النهاية إلى تعد في رسالة بدأ بعضهن يتناقلنها في واتس اب!! وعندما تعرفت على من أساءت إليها وتواصلت معها أصرت تلك على الإساة أكثر بالتهديد، حين أوحت للمعتدى عليها أنها تملك صوراً خاصة لبناتها في حفل خاص، وهي صور لم تضعها في حسابها!! وهنا تقدمت السيدة بشكوى للجهات الرسمية التي قامت بواجبها حتى وصل الأمر إلى حد السجن بالحق العام بعد تنازل المعتدى عليها عن حقها الخاص؛ لأنها أرادت فقط أن تلقن المعتدية درساً ينبهها لخطورة ما فعلته واستهانتها بالأمر الذي بدأ بصور عملية خاصة، ولم تنسبها لصاحبتها فقط!! تلك المعتدية حين حضرت للتحقيق الرسمي لم يكن في هيئتها الخارجية ما يدل على أنها شخصية منحرفة أو غير مهذبة اخلاقياً! ولكن للأسف فهي في الحقيقة كانت بعيدة تماماً عن الأخلاق التي تناستها تماماً، وهي تركع وتسجد وتمد يديها إلى الله تسأله الخير كله!!. مؤسف جداً جداً أن يكون ديننا هو مجرد ستار نخفي وراءه قبحاً شديداً من الداخل لأشخاص لا نعرفهم ولم يؤذونا في شيء أبدا!! هذه المرأة المعتدية انكشف أمرها، ولكنْ هناك كثير غيرها من الإناث والذكور الذين يستهينون بكل شيء في سبيل الإساءة للآخرين، فمن سيؤدب هؤلاء إن لم يكن هناك قانون يمنع الحسابات ذات الأسماء الوهمية التي ملأت أجهزتنا بكل مشين، وضررها لا يمس شخصاً واحداً بل يمس الدين والأخلاق والحياة. عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام
مشاركة :