شارك فريق من طلاب جامعة قطر، تحت إشراف الدكتور محمد عبد الحليم أستاذ اللغة العربية بمركز اللغة العربية للناطقين بغيرها في كلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، في تعليم مجموعة من الطلبة الأتراك اللغة العربية في إطار مختلف ومبتكر، ضمن دورتين مكثفتين متوازيتين في تنمية مهارات التواصل باللغة العربية. وتأتي هذه الدورات في إطار التعاون الأكاديمي بين جامعة قطر وجامعتي مرمرة وسكاريا التركيتين، وقد سبقت هاتين الدورتين 6 دورات سابقة متواصلة على مدار السنوات الست الماضية، وتضم الدورة 30 طالباً وطالبة.قُسّم الطلاب إلى 3 مجموعات، وقام الدكتور محمد عبدالحليم بإعطاء المحاضرة النظرية للطلاب من الأحد إلى الخميس على مدار شهر كامل، وقامت الجامعة بتوفير الفصول الدراسية لاستضافة الطلاب. وقام الطلاب محمد رامي، وتميم قناعة، وميرال عبدالسلام، وكنان لالا، بالتعاون مع الدكتور عبدالحليم في هذه الدورة التدريبية لتعليم الطلاب الأتراك اللغة، في جو من المرح والألفة، من خلال بعض الألعاب الترفيهية والأحاديث الشبابية والتسلية، وذلك بعد انتهاء المحاضرة النظرية لتحقيق 3 مخرجات رئيسية، هي: الانغماس اللغوي: ويُقصد به تعرّض متعلمي اللغة العربية لتواصل لغوي طبيعي مع أهلها، وممارسة اللغة خارج الإطار التعليمي الذي تُقدّم فيه بصوره رسمية، فضلاً عن تعلّم اللغة عبر ثقافتها التي يمثّلها متحدثوها الأصليون في بيئتها الأصلية، وهو الهدف الرئيس من قدوم الطلاب الأتراك واشتراكهم في هذه الدورات المكثفة، لتنمية مهارات التواصل باللغة العربية، بممارستها مع أهلها مشبعة بثقافتها وفي بيئة من بيئاتها الأصيلة بأبعادها الاجتماعية وعاداتها وتقاليدها ومعطياتها الجغرافية (ممثلة في دولة قطر في هذا المقام)، فضلاً عن توفير بيئة أقران من متحدثين أصليين باللغة الهدف يماثلون المتعلمين الأجانب في أعمارهم وخلفيتهم التعليمية والفكرية. وأكد الدكتور محمد عبدالحليم أن الهدف الأساسي من إشراك هذه المجموعة المتميزة من الطلاب العرب، هو تعزيز مهارات التواصل باللغة العربية مع الطلاب الأتراك المشاركين في الدورتين الحاليتين، بتوفير بيئة لغوية عربية أصيلة في قالب ومحتوى ثقافي عربي، يتيح للمتعلمين التواصل مع أهل اللغة في بيئة طبيعية مصغرة، وفقاً لأحدث المداخل العلمية لتعلم واكتساب المهارات اللغوية». ولفت الدكتور عبدالحليم إلى أن هناك مخططاً لاستكمال هذه الفكرة ضمن حزمة من المبادئ الحديثة المتبعة في تعليم اللغات الأجنبية التي يتبناها ويطبقها مركز اللغة العربية للناطقين بغيرها في جامعة قطر، وتتبلور في إنشاء نادٍ لأصدقاء متعلمي العربية من غير العرب ضمن أندية الأنشطة الطلابية بالجامعة، وأضاف أنه اقتُرحت هذه الفكرة عقب التجربة التي أُقيمت في دورة صيف عام 2016. وأشاد في الوقت نفسه بأداء طلاب جامعة قطر في مساعدة الطلاب الأتراك، بعد أن حققوا نجاحاً باهراً في تحقيق الأهداف المنشودة من برنامج الانغماس اللغوي، وكانت لهم أفكار رائعة ولديهم حماس فائق، وقد تميز أداؤهم وأفكارهم في تحقيق الانغماس اللغوي المنشود؛ مما خلق حافزاً ودافعاً إضافياً للطلاب الأتراك للاجتهاد والاستفادة القصوى من هذه الدورات المكثفة. وأوضح أن الطلبة الأتراك كانوا يتلقون 4 ساعات تدريسية يومياً لكل دورة، إضافة إلى ساعة يومية لنشاط الانغماس اللغوي والثقافي الذي نفّذته هذه النخبة من الطلاب. وقال الدكتور عبدالحليم: «نحن نسعى لتطبيق هذه الفكرة على طلاب المركز، الذين يمثّلون كل عام أكثر من 35 جنسية، خاصة أن الفكرة مطبقة بطريقة أخرى لمتعلمي اللغات (الفرنسية والإنجليزية والألمانية) في بيئاتها الأصلية». وقال الطالب محمد رامي، من كلية الشريعة؛ مؤسس الفريق المشارك في تدريب الطلبة الأتراك: «اقترح الدكتور محمد عبد الحليم الفكرة، وطلب مساعدته في تدريس العربية بطريقة ترفيهية وتكوين رابطة اللغة العربية لغير الناطقين بها، وبدأ الموضوع منذ عامين اثنين خلال الفترة الصيفية، وكنت وحدي، ولكن هذا العام قمنا بتكوين فريق». وأكد رامي أن تكوين الفريق أضاف مزيداً من الابتكار، من خلال مناقشة الأفكار ووجهات النظر المختلفة، والتعاون لتحقيق المطلوب. مشيراً إلى أن الأساس لم يكن فقط تعليم الطلاب اللغة العربية، بل يمتد إلى تعليمهم العادات والتقاليد والثقافة العربية وكل شيء، وذلك لغرس حب اللغة في نفوسهم. وأضاف رامي أن وجود الفريق أدى إلى مزيد من الإتقان بتواجد الخبرات والأفكار المختلفة من باقي أعضاء الفريق وقوة روح التعاون في ما بينهم. لافتاً إلى أن عدد الطلاب الذين يأتون لتعلّم اللغة العربية أصبح يزيد في كل مرة. وقال رامي: «نخطط لتطوير الفكرة واستقطاب الطلاب الأجانب من مختلف الدول لتعلّم اللغة العربية وإتقانها». مشيراً إلى أنهم بانتظار موافقة إدارة الجامعة، خاصة أن التجربة كانت ممتعة ومفيدة. ومن جانبه، قال الطالب تميم قناعة، من قسم الإعلام بجامعة قطر وأحد أعضاء الفريق: «استمتعت كثيراً بهذه التجربة، وأضافت لي الكثير، خاصة في دراستي بمجال التواصل مع الناس والإلقاء. والأهم تعلّمت كيف يكمن تطبيق فكرة وتحويلها إلى عمل على أرض الواقع، من خلال الأنشطة التي مارسناها مع الطلاب». وأوضح تميم: «نفّذنا بعض الألعاب والأنشطة التي تستخدم اللغة العربية، وكان آخرها دوري المناظرات. وكانت التجربة مفيدة للطرفين، وساهمت في تبادل الخبرات وتكوين علاقات إنسانية مهمة». ولفت إلى حماسه لإعادة التجربة مع جنسيات أخرى من غير الناطقين باللغة العربية. وقالت الطالبة ميرال عبدالسلام، من كلية الصيدلة بجامعة قطر: «في بداية هذه التجربة، كانت لدينا مخاوف آنية من التعامل والتقبل المتبادل من جهة الطلاب الأتراك، ولكن سرعان ما تلاشت هذه المخاوف، وكوّنّا جواً من الألفة والصداقات التي تستمر لاحقاً، وليس خلال فترة الدورة التدريبية فقط». كما أكدت ميرال أنها استعادت اللغة العربية الفصحى مع الطلاب، وخاصة أنهم غير معتادين في حياتهم العادية على الحديث بالفصحى، وأن الاستفادة كانت متبادلة. وأكدت كنان لالا -طالبة الصيدلة من سوريا- أنها كانت لديها رهبة في استخدام اللغة العربية الفصحى وممارستها في البداية، ولكن مع الوقت اكتسبت خبرة وقوّمت لغتها ومصطلحاتها العربية. وأضافت أن أكثر ما يميز هذه التجربة هو التعاون والاستفادة المتبادلة، وثقل الخبرات الحياتية، وتكوين علاقات ودية مع ثقافات مختلفة. ولفتت إلى أن جميع الأنشطة التي قدّموها للطلاب الأتراك خلال الدورة التدريبية كان لها أثر كبير، وساعدتهم كثيراً في تعلّم اللغة بسهولة وسرعة. إشادة بحفاوة الاستقبال أشاد الدكتور محمد عبد الحليم، أستاذ اللغة العربية بمركز اللغة العربية للناطقين بغيرها، بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، بحفاوة الاستقبال الذي أقامته «دار العرب» للطلبة الأتراك، وقال «سعدنا جداً باستقبال الأستاذ جابر الحرمي العضو المنتدب الرئيس التنفيذي للمؤسسة، ونخبة من العاملين فيها». وأضاف: «شملت هذه الضيافة الكريمة زيارة تعريفية إلى الحي الثقافي « كتارا»، واتسمت الضيافة بوجود متحدثين قطريين تناولوا جوانب مختلفة عن المحتوى الاجتماعي والثقافي والتراثي القطري، وزيارات للمجالس القطرية»، لافتاً إلى أن هذه الزيارات تمت بدعوة من أعضاء في هيئة التدريس القطريين بجامعة قطر، إلى جانب زيارات للمتاحف القطرية، والتي تحوي التراث القطري والإسلامي، برفقة مرشدين ناطقين باللغة العربية، مما أتاح للطلبة الأتراك التواصل الفعال مع أهل اللغة العربية.;
مشاركة :