شهامة عابرة للأجيال

  • 8/15/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أعادت قناة MBC نهاية الأسبوع الماضي عرض فيلمٍ وثائقيٍ أنتج في نهاية التسعينات الميلادية عن حرب الخليج الثانية، التي بدأت شرارتها الأولى مطلع شهر آب (أغسطس) قبل 28 عاماً وانتهت بتحرير الكويت من غزو نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، كما أعادت شهادات قادة ومسؤولين في الفيلم ممّن تولوا مسؤولية القرار السياسي والعسكري من مختلف الدول التي شاركت في الحرب، التذكير بشهامة مواقف المملكة العربية السعودية وقادتها مع كل جيرانها العرب، كحالة استثنائية في المنطقة التي تتسارع فيها الأحداث السياسية وتتبدل معها مصالح الدول وتبقى مواقف السعودية ثابتة في إغاثة الملهوف وتقديم العون للمحتاج بسخاء وبلا منة. الوثائقي روى تفاصيل الجهود السعودية عبر محيطها العربي وعبر أوبك في محاولة احتواء أزمة صدام المفتعلة عن حجم إنتاج البترول من الكويت وأثره في سعر البرميل عالمياً، ثم روى حجم الصدمة التي سببها قرار الغزو للكويت ومهاجمة حدود المملكة وإطلاق صواريخ سكود تجاه الرياض التي كانت خير جار للعراق وخير سند لنظام عربي أثناء حرب الخليج الأولى ضد إيران التي استمرت ثمان سنوات. وأهم من ذلك قرار السعودية التاريخي بالوقوف إلى جانب الكويت واعتبار مصير الدولتين واحد، قبل قيادة تحالف دولي ضخم وقيادة معركة انطلقت من الأراضي السعودية، فضلاً عن استضافة الحكومة الكويتية بمدينة الطائف واستضافة نحو 300 ألف مواطن كويتي في مختلف مدن البلاد. حلقات الوثائقي الست حملت عناوين معبرة عن كل مرحلة تبدأ بـ«ليلة الغدر»، يتبعها حلقات «مواجهة الغزو» و«معركة القاهرة» ثم «الجبهة السعودية»، تليها حلقة بعنوان «المحافظة التاسعة عشر»، وسادسة بعنوان: «كلمة السر»، لكن العنوان الذي يقرأه المشاهد للوثائقي والمتابع للمشهد السياسي في المنطقة اليوم، هو تفرد السعودية بمواقفها النبيلة الثابتة تجاه الدول العربية المجاورة لها على الحدود، وغير المجاورة طوال تاريخ هذه الدول، وتقديم العون من دون مساومة وبلا ثمن، حتى مع تلك الدول التي أيدت صدام ضد السعودية وضد الكويت. وهي مواقف عابرة للتاريخ أيضاً، لعل في مقدمتها نصرة القضية الفلسطينية منذ نشأتها في أربعينات القرن الماضي، إذ سجلت كتب التاريخ روايات مشرفة من بطولات السعوديين على أسوار بيت المقدس، وفي كثير من مدن الأراضي المحتلة منذ عام 1948 ومدن الضفة الغربية، بجانب كونها الداعم الأول للفلسطينيين في كل التحديات التي مرت بها قضيتهم، سواء في الحروب مع إسرائيل التي رهنت السعودية أهم مواردها دعما للقضية في 1973، أم تبني مبادرات السلام العربية في 2002 وتوحيد صفوف الفلسطينيين كما في محطة اتفاق مكة المكرمة بين فتح وحماس في 2007. ولم تكن هذه المواقف المشهودة حكراً على الفلسطينيين، بل كانت مبادئ السعودية ثابتة كما هي دائما حين وقفت مع مصر في العدوان الثلاثي في 1956 ومع لبنان في كل وقت، ولا أدل من اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية الأهلية، وقصص ومواقف تاريخية أخرى كبيرة ومشرفة بحجم نبل السعودية، لدول عربية وغير عربية، إذ بلغت قيمة المساعدات والمشاريع الانسانية والتنموية والخيرية المقدمة من السعودية أكثر من 33 بليون دولار لـ78 دولة خلال السنوات العشر الماضية، كأحد أهم الدول في العالم في هذا المجال. إن حلول الذكرى الـ28 على حرب الخليج لا يوثق «الأحداث السياسية والاقتصادية والخسائر البشرية في حرب الخليج الثانية، باعتبارها تاريخ أول صراع عسكري كبير بين الدول العربية في منطقة الخليج» فحسب، بل يوثق أخلاق السعوديين الأصيلة وصورتهم المشرقة عبر الأجيال. * كاتب وباحث في الإعلام والاتصال. woahmed1@

مشاركة :