سبحانه من قهر عباده بالموت والفناء، وسبحانه مغير الأحوال، حكيم خبير، في تدبيره شؤون. تعودنا أن نفرح ونتهلل بالخير والسعادة عندما تأتينا بها الأيام، ونحزن وننكسر للألم عندما يجتاح جوارحنا. يقول الحديث: مثل المؤمن ككفتي الميزان متى ما زيد في إيمانه زيد في بلائه، ولكن السؤال هنا: ما مدى استطاعتك أن تقف شامخاً بعد انكسارك، وأن تعود خَضِراً يانعاً كما كنت قبل فقدهم؟ فالفقد أحياناً لا يكون بموتهم وابتعادهم الجسدي فقط عنا، ولكن ابتعادهم الروحي وهم أحياء قد يكون مؤلماً ووقعه أكبر وأعظم علينا. كانت تتحدث إلي ودموعها قد ملأت عينيها، وكانت الكلمات بالكاد تخرج بوضوح من فمها، من شدة صدمتها وانكسارها منه، تقول: كم كنت أنا محبوبته، وكان لا يمر يوم إلا وذكرني، وكان أجمل خليل لروحي، كان هو ذلك الجمال الذي اعتقدت أنه سلوتي وهنائي، واعتقدت أنه التعويض النفسي الذي طالما انتظرته، ولكنني لم أبرح لأهنأ بكل ذلك، فقد تغير مجرد ما ظهرت من كان يودها في السابق، وتركني بكل سهولة، كأنني كنت أملأ فراغاً عاطفياً له بصورة مؤقتة، أنا اليوم أريد حلاً لذلك الفقد! وكم آلمتني وكسرتني تلك الأم، التي فقدت ابنها الشاب، بعد صراع طويل مع المرض، صحيح أنه ارتاح مما كان فيه، ولكنه خلّف ذكرى لا تُنسى، تقول كلما نظرت إلى أبنائه تذكرته وما يحرقني سوى ذكرى فقده! فماذا عساي أن أفعل؟! وهناك صور تهز المشاعر الإنسانية أكثر، عندما يفقد الأب تواصل أبنائه له.. فهو على سرير المرض في ذلك المشفى، يُقلبه الممرض ومرضه، تارةً يُمنى وتارةً يُسرى، عيناه تنتظران وتنظران إلى الباب لعل حبيباً من أحبائه يطمئن عليه، ففقد الأحبة غربة (الإمام علي بن أبي طالب). والكثير الكثير من صور الفقد النفسي الروحي المزمن والمؤقت، الذي يتحول مع الوقت – إن لم نعالجه – إلى مزمن أيضاً. في كل الأحوال قل الحمد لله رب العالمين ثم ابدأ بالرضا، لأن الرضا يقود الى الراحة، ولا تنتظر قدوم من لا يأتي، وابتعد عما يؤلمك، فالله يعوض الصبر بالفرح، ويسخر الطيبين لنا من الخلق ولو من غير أرحامنا، والدنيا سلف ودين، ويبقى الحي أبقى من الميت. هنادي ملا يوسف Thepresenter369@gmail.com
مشاركة :