«فرقة كركلا» تحتفي بيوبيلها الذهبي بالعودة إلى «فينيقيا»

  • 8/19/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في يوبيلها الذهبي، وعيدها الخمسين، عادت «فرقة كركلا» إلى الفولكلور اللبناني، إلى الأصل الذي منه كان البدء. عرض «فينيقيا الماضي والحاضر» من قصته إلى أدواته وملابسه ورقصاته طالع من الأجواء اللبنانية، انطلاقاً من فينيقيا، يوم كانت تنشر الحرف، من هنا، حيث يقام الحفل على المرفأ القديم لمدينة بيبلوس. تداخلت الرمزيات مع القصة التي تروي حكاية الملك الفينيقي أحيرام وهو يستلم رسالة من الفرعون رمسيس عبر مبعوث خاص، يستقبله في بلاطه ويتسلم منه الهدايا وورق البردي الممهور بالكتابات الأولى. مناسبة للعودة إلى الملابس الفينيقية والعربات واستعراض الحراس في ساحة البلاط. مطلع موفق لعمل استعراضي راقص يعتمد أيضاً على الحوار والحكاية، والمؤثرات التي تأتي من شاشة خلفية ضخمة استخدمت بمهارة فائقة، وتنزل من أمامها أدراج تنتهي عند الساحة، بينما ترتفع إلى جانبيها شرفتان تسمحان بتنويع المشاهد والأماكن التي تدور فيها القصة. من مدينة بيبلوس ينطلق العرض، إذن، ذاهباً بتطوراته إلى القرية اللبنانية التي كما في الكثير من الاستعراضات اللبنانية هي في خلافات أهلها مرآة لما يحدث اليوم، حيث يدب النزاع رغم وحدة العادات والتقاليد التي يتغنون بها، وتشكل منطلقاً للشدو بالأغنيات، وتقديم الرقصات وتبادل الحوارات. لكن الخلاف يبقى هو الخلاف ولا خروج منه إلا بزواج بين الطرفين لتحقيق المصالحة. النجوم أنفسهم الذين اعتدناهم في أعمال سابقة مع كركلا، هدى حداد، غبريال يمين، رفعت طربيه، جوزيف عازار، ومنير معاصري. والكوريغرافيا لأليسار كركلا، في حين الإخراج لشقيقها إيفان، أما الأزياء والموسيقى والحوارات فهي للأب عبد الحليم كركلا، وشارك كالعادة مستشار الفرقة الشاعر طلال حيدر. العمل الذي انقسم إلى جزأين، يتابع حكاية حب ليلى ومزيان، التي تقف في طريقها هذه الزيجة المدبرة بهدف المصالحة. وهي فعل اتفاق بين هندومة والدة ليلى ووالد فضلو. ونرى أن العريس لا يتمتع بجمال، لكنه صاحب مال وجاه. وكما تجري قصص الحب التقليدية، حيث تنتصر العاطفة الصادقة على المصلحة، وتحتفي القرية بالعرس الذي يصل إلى خواتيمه السعيدة، بعد انتهاء مشروع الزيجة الأولى، بالدبكة والابتهاج الجماعي، ويصبح الفرح الصادق هو الذي يتغلب على العداء. القصة البسيطة هي دائماً الحجة الظريفة التي تنبت من حناياها الرقصات والتشكيلات، وهي تسمح بمجموعة لوحات تتكامل مع الخلفية التي تأتي، تارة فينيقية من حروف تتطاير وحراس يسيرون في حركة جماعية جارفة أو معابد وآلهة، أو شلال هادر تتساقط مياهه من عل، أو ربما مدينة حديثة من عالم اليوم، أو مسارب القرية وأزقتها وبيوتها القرميدية. الرقص المحترف للمؤدين، كما رشاقة الحركة، وضبط إيقاع الأجساد كان ماهراً كالعادة، وطغى على بعض الرتابة التي تخللت جزءاً من اللوحات في تشكيلاتها المتشابهة. ويبقى أن كركلا أثبت لمرة جديدة أنه ملك الدبكة التقليدية اللبنانية، التي حين يؤديها راقصوه، فثمة سحر ما من الصعب أن تجده في أي عرض أو مع أي فرقة أخرى. هذا المجال الفولكلوري التقليدي، الذي قليلاً ما أدركت الفرقة أنها قادرة على الإجادة فيه وتعميق تقديمه بأفضل من أي أحد آخر. روعة الملابس ووزن الخطوات الثابت، وانضباط الراقصين يجعل من دبكة كركلا شيئاً مختلفاً، ومن عميد الفرقة عمر كركلا أحد السحرة في الأداء. ولعل المفاجأة التي لم تكن منتظرة، في نهاية العرضين يومي الجمعة والسبت، في حين كل الأجواء هي ضمن التقليدي والريفي، خروج شبان بين الراقصين بملابسهم الحديثة، وسراويلهم الضيقة ليؤدوا رقصة راب زاهية، تفرح قلوب الشباب الحاضرين. في هذه الخمسينية التي تستحق الاحتفاء لـ«فرقة كركلا» بعد تجوال وحفلات في قارات العالم، وأرشيف من 17 عرضاً كبيراً، وتاريخ طويل في عالم الرقص والاستعراض، كانت تحية ليس فقط لجبيل، وإنما أيضاً لكل المناطق اللبنانية شمالاً وجنوباً رقصاً وأغنيات. وليختتم العرض بالموسيقى التي اعتمدت لتنهي كل عروض كركلا وهي تعريب للأغنية الهندية الشهيرة «عظيم شانينشاه» ومأخوذة من الفيلم البوليوودي الشهير «جواد أكبر». حتماً، ليست بعيدة «فرقة كركلا» عن أجواء الهند والصين والشرق الأقصى، فعرضها «طريق الحرير» في بعلبك العام الماضي، كان أيضاً نوعاً من الاحتفاء بما اختزنته تجربتها الطويلة من تفاعل مع حضارات الشرق وثقافته وموسيقاه وأزيائه.

مشاركة :