سوف تظل ثقافتنا العربية مضيئة بكل روافدها التاريخية لكونها الضمير الحي الذي يكتب فينا اسمى معاني الحلم المنبثق من جوهر كل إبداعات وطن! وما نراه من تسطيح لثقافتنا العربية اليوم من خلال كم الدراما التلفازية التي هبطت علينا فجأة بالباراشوت من دون سابق معرفة يؤكد مضمون ثقافتنا العربية الأصيلة أنها ليست للبيع ولن تكون للبيع اليوم وغدا ومستقبلا! فقد تابعت، كاتب تلك السطور، بعض المسلسلات الدرامية مؤخرا والتي تبث عبر الفضائيات العربية المتعددة بالصدفة وقد تألمت حقيقة لما شاهدته من مضمون ثقافي فارغ بل مجرد من أدنى ثقافة بناءة لا تعي مستقبل جيل ووطن! فكلها تدور حول الجنس والخيانة بشيء من الفخر بل الرغبة المتحفزة تجاه الآخر بكل المعاني الهدامة التي تنال من الأسرة العربية عماد بناء الوطن وكل الأوطان، فهل تكون الخيانة والجنس حلا لقضايا وطن كما يقول مضمون بعض تلك المسلسلات الدرامية بلا افتراء عليها وعلى من يقدم تلك الأعمال على أنها إبداعات جريئة جدا وشابة جدا؟! فهل من المعقول أن تعتذر أم لخطيبة ابنها لسبب تشكر عليه أنها قالت لها -أي خطيبة ابنها الطبيب- لا تقبلي ابني بهذه الطريقة اثناء زيارتك لنا في البيت لكونك مازالت فتاة محرمة عليه وقالتها لها الأم بكل ضمير حي يؤكد معدنها العربي الأصيل كأم لها وحضن أمن لها من كل غوايات شيطانية! لتملأ الفتاة الدنيا صراخا وعويلا تحت دعوى واضحة وصريحة بأن تلك الأم عار على مجتمعنا بتخلفها ورغبتها في العيش بمعزل عن عصر الإنترنت والسوشيال ميديا وعالم كل الرغبات المجنونة! وما نهدف إليه هو بناء ثقافة عربية تعي اخطار الحاضر وليست ثقافة تيك آواي ثقافة للبيع جاءت من عالم غير عالمنا في غفلة من أصحاب الضمائر النائمة كحل ثانوي لإشباع رغبات الشباب العاطفية والحسية على حساب العقل سيد كل إبداع قادم كما كان هو حال سيد كل إبداعات الماضي لجيل حفظ لثقافتنا العربية قدرها وعراقتها بل كان مجددا في كل عناصر الثقافة العربية سواء كانت نثرا أو شعرا أو رواية أو دراما أو سينما أو مسرحا.. الخ، فكلنا عشنا في فلك بعض من تلك الإبداعات كجيل شباب في حينها والتي تبنت مفهوم العقل والضمير حتى تحقق النصر على كثير من الأزمات الداخلية في اوطاننا العربية من المحيط إلى الخليج سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية بفعل تراكم ثقافي عربي يؤمن بحرية عقل لا انغماسه في الشهوات ليل نهار على حساب وطن! ولهذا ينبغي علينا من خلال مؤسسات الثقافة العربية في أوطاننا وضع استراتيجيات تهدف إلى عدم الحاق الضرر بالعقل تحت مزاعم حرية الإبداع! لكون كلمة حرية المبدع والإبداع مطاطية ولا تتفق مع ما نراه البتة من اعمال درامية وثقافية هابطة جدا في جوهرها بل نخشي أن تكون سببا في كثير من الانهيارات النفسية والمادية والمعنوية والأخلاقية والفكرية لجيل وأجيال قادمة مما سيعرضنا بالتأكيد لكثير من المحن والكوارث الثقافية والتي سوف ندفع بسببها فاتورة باهظة من التكاليف غير المحتملة والتي سوف تضعف من الكيان الإنساني داخل رحم أوطاننا العربية لكون الثقافة العربية جنسا واحدا كما هي قلب وضمير وعقل فيه الموت موت والحياة حياة بلا دبلوماسية لا وجود لها في مثل تلك القضايا الثقافية الشائكة عبر قنوات إعادة الإبداع الهادف إلى عقل جاء من رحم شبكات التواصل الاجتماعي الفيسبوكية لينسف كثيرا من القيم والعادات العربية بكل فجاجة ورغبة مدمرة في موت عقل! لكن ستظل ثقافتنا العربية ليست للبيع مهما كانت الرغبات الشاذة من قبل أصحاب الضمائر الميتة، فكل إبداعات ما قبل زمن الإنترنت والفيسبوك وتويتر واليوتيوب وانستجرام مازالت بيننا كأنها عروس بكر وما نأمله أن نرى كثيرا من إبداعاتنا الفيسبوكية والفضائية وغيرهما من الوان الثقافة العربية ترجمة صادقة لعقل يعيش داخل وطن له حاضر ومستقبل وتاريخ عريق!! عبدالواحد محمد روائي عربي جمهورية مصر العربية
مشاركة :