إبداعنا قبلاً..! - سعد الحميدين

  • 12/24/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

"ما أندر الكتب التي تملأ النفس وتحرك الذهن هذه الأيام. يبدو أن أسئلة العربي – فضلا عن العالمي – أصبحت أشد صعوبة وتعقيدا من أجل الإجابات الممكنة أو الميسّرة! ولكن لابأس أن تظل أسئلتنا مشرعة بحثا عن إجاباتها العصية " (محمود أمين العالم) *** عندما يتوجه بعض الكتاب بنتاجاتهم الإبداعية المحلية إلى الناقدين المعنيين بالنقد طالبين منهم الالتفات إلى ما قدموه للساحة يريدون من خلالهم أن يجدوا موطئ قدم بين إخوانهم الكتاب، حيث إن الناقد يمكن أن يساعد ويساهم في لفت النظر الى أعمال جديدة ظهرت في واقعنا لاقلام تتلمس الطريق، وقد تعني شيئا ذا قيمة في حركتنا الثقافية. إن طلب هؤلاء وهدفه تلقي التوجيه من قبل القادرين على أن يعرّفوا بأعمالهم ما يدفعهم الى الاستمرار، والاستزادة من المعارف، ومحاولة التوسع في التناول والشمول التي تؤدي بدورها إلى توجيه الإبداع نحو الصواب، لكن الذي يحدث أن تكون الإجابة من بعض المهتمين أن النقد لا يصنع مبدعاً.. وهذا صحيح ولكن المطالبة ليست بخلق أو تنصيب أديب أو مبدع فنان، فالطلب ينحصر في أن يُلْفَتَ النظر إلى تلك الأعمال التي يرى أصحابها أنهم اجتهدوا فيها، ومع هذا وبكل وضوح وإصرار تتكرر الكتابات عن أعمال إبداعية لأخرين لها أشباه ونظائر في الساحة، ولكن ما هو في الدائرة المحلية لا يلتفت إليه. لا أطلب عدم الالتفات إلى الأعمال الأخرى العربية والعالمية المشاعة للجميع، فالفكر والفن وكل عمل ثقافي هو ملك للجميع في المعمورة، وللإنسان في كل مكان، ولكن الهدف من الكلام السابق أن يعطى العمل المحلي حقه من التوجيه في العمل النقدي لكي تُزرع الثقة في المبتدئين من مبدعينا ومحاولة مساعدة البعض وتوجيهه إلى الطريق السليم والتحليق، وبعضهم سلك وتوجه ونَفَذَ إلى الخارج بعمله وبحكم تواصله وبما قدم من عمل تساوى وربما تجاوز أعمالا اشتهرت وكتب عنها نقاد من خارج البلاد، ولكن الغيرة لم تحرك ممارسي النقد عندنا – ليس جميعا – ولكن الأغلبية منهم دوما لم يتوجهوا نحو الأعمال المحلية. إن نتاجات كثيرة تندرج في خانة الإبداع صدرت لكتاب محليين لم يُلتفت إليها ولم تلق إلا أخبارا مجتزأة تشير إلى الإصدارات ثم تذهب مع الوقت ما قد يؤدي بالشك إلى نفوس أصحابها بأن ما قدموه غير مقنع أو هابط دون أن يعرفوا لذلك سببا، ليس من سبب إلا أن هناك من جعل اسمه في خانة الناقدين حسب تصوره، فذهب مع المتوجهين إلى تسطير المصطلحات، والمقولات، والتماري والتشدق بها ووضعها بين الأقواس، واجترار الحديث عن الحداثة دون إدراك للمعنى الحقيقي للحداثة وما هي أبعادها ومؤثراتها في ثقافات الأمم. يكتبون عن كتب مضت عليها سنوات وكتب عنها من قبل المتابعين والمناقشين، وانتقلوا إلى غيرها، ولكن هنا من لازال يكتب عنها وكأنها نتاج اليوم وتستحق كل جهد، وهذا يؤكد عدم الجدية والقصور المعرفي لدى البعض ممن يذهب إلى الدوران والخوض في أمور أصبحت من البداهة بمكان الصدارة. صدرت كتب جديدة وعديدة خصوصا في مجال الرواية وفيها الجيد الذي يستحق التناول، وقد اكْتُفيَ بأخبار صدورها دون متابعة أو تقويم بينما هناك من يذهب إلى الكتابة عن أعمال أقل مستوى لآخر من أصحاب المقابلات التي تجرى معهم، وإذا ما سألتهم عن الأعمال المحلية وصموها بكل نقيصة دون أن يبدوا تلك النقائص علنا وإنما في المجالس. إن هناك تجارب أدبية قريبة الأمد صدرت في بلدان أخرى استطاعت في مدة قصيرة أن تتواصل مع التجارب الأخرى عبر وسائلها وبواسطة أصحابها أنفسهم الذين توجهوا جديا إلى الأعمال وسلطوا عليها الأضواء دراسة، ونقداً، وتوجيها، وليس في ذلك إقليمية كما يتهم البعض، بل هناك خدمة لأعمال يراد بها مد جسر للمشاركة، وهذا لن يكون إلا من قبل أصحاب الأعمال النقدية والوقوف بجانبها وكذلك من قبل المبدعين أنفسهم إذا ما توالت جهودهم نحو التمازج والاندماج من أجل رؤية واسعة تستوعب المد المعرفي وتتعامل معه بشكل حضاري يشمل الآخر بالانطلاق من القاعدة المحلية التي هي ضمن محيط الدائرة الواسعة. * لقطة كلما بريت قلمي براني (ميخائيل نُعيمة)

مشاركة :