لم تكن ليلة عرفات لتمر كغيرها من الليالي على كافة الحجاج، فهي تختلف عن بقية الليالي باختلاف يومها عن سائر الأيام، إلا أن هذه الليلة سجلت تأريخا جديدا في حياة الحاج اليمني حسن العرادة الذي فقد ابنه مع ساعات الغروب المعلنة بهدوء دخول ليلة عرفات من عام 2015، قبل أن يستعيد تلك الذكريات على ضفاف مشعر عرفات بعد استضافته للحج من خادم الحرمين الشريفين هذا العام. هدوء وسكينة قطعتهما أصوات القذائف التي أودت بحياة الشاب عبدالمجيد الذي كان والده على أمل لقياه بعد عودته من انشغالات والتزامات أخرجته من حدود المدينة التي تشربت أرضها دم ولده. وفاة عبدالمجيد سببت فجوة كبيرة في صدر والده، إلا أن وقت الوفاة وظروفها في الدفاع عن الدين والوطن كانت لا تلبث تعطي إشارة طمأنينة لوالد عبدالمجيد أن اصبر فإن موعدكم الجنة. الشهيد عبدالمجيد كان على موعد مسبق مع أمنيته التي أخبر أهله عن دنوها واقترابها، حتى أن وداعه لم يكن اعتياديا، الأمر الذي لم يكن ليمر بردا وسلاما على قلب والده الذي شعر صدره باختلاجات توحي إلى أمر تأبى مشاعر الأبوة أن تستسلم له. كان عبدالمجيد على علم ويقين بما سيصير إليه، إذ قال لصاحبه لا تحزن: سيؤتى بي إليكم محمولا إثر إصابتي بقذيفة هاون تنقلني من عالم الأحياء إلى الشهداء، الأمر الذي تحقق بتفاصيله، إذ تم حمله إلى أهله في لحاف يضم ما تبقى من أشلائه التي فرقتها نيران الظلم والعدوان. كان يأبى أن يحلق شعره المنسدل على كتفيه في قتال الصفويين، قاطعا على نفسه وعدا بأنه لن يزيل عن شعره عن رأسه إلا بنصر أو شهادة، كان يستبسل في قتاله لأنه يعلم أن انتصار الحوثيين في تلك المنطقة يعني استيلاءهم على مابين مأرب والحدود الشرقية للبلاد، الأمر الذي استوجب شراسة وتضحية في القتال أودت باستشهاد أعداد كبيرة لم يكن آخرهم الشاب عبدالمجيد. والد عبدالمجيد يرى أن ما يحاك لليمن والدول العربية والإسلامية يستحق تضحية ابنه، وجميع أبناء اليمن، إذ أن الصفويين يهدفون إلى تغيير عقيدة الشعب اليمني، والتأثير على عاداته وتقاليده، بالإضافة إلى بث الأفكار المسمومة والعقائد الضالة التي يتبناها الصفويين في المناطق التي يقيمون بها.
مشاركة :