لغة الإشارة.. بين الاعتراف والجحود!

  • 12/24/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا أحد ينكر أهمية اللغة بين بني البشر، بهذه اللغة تنتشر الثقافات، وتتلاقح الأفكار، وتنتقل الخبرات والتجارب. لغة الإشارة، بالنسبة للصم هي الهوية التي لا يمكن التواصل إلا بها، والرئة التي لا يمكن التنفس إلا من خلالها، وهي أبرز ملامح ثقافة الصم. مرت لغة الإشارة عند الصم بمراحل ومنعطفات تاريخية، بدأت بالمصادمة والمواجهة من قبل المجتمعات الغربية، ثم مرحلة المنع والحظر بل والتعذيب عند استخدامها أحيانا وذلك في أعقاب مؤتمر ميلان المشؤوم عام ١٨٨٠م، حتى جاء من صور العسف أن الأصم تربط أذرعه بأذرع الكرسي حتى لا يستخدم الإشارة! جاء المنع لسببين رئيسين هما؛ الاتجاهات السلبية تجاه الصم في ذلك الحين والمعتقدات السائدة بأن الصم عالة على المجتمعات يجب عزلهم ولا يجدي تعليمهم، والسبب الثاني هو طرق تعلم الكلام والتي كان أحد عرابيها ألكسندر جراهام بل، مخترع التليفون. بعد الفشل الذريع لتبني طرق الكلام تم السماح للصم باستخدام لغة الإشارة فيما بينهم، ثم في مرحلة لاحقة متطورة لم يكن بد من الاعتراف الرسمي بها عند بعض الدول، والتي كان من أبرزها أميركا وبريطانيا وإسبانيا والنمسا والبرازيل وغيرها. كيف يمكن لأصم أن يحقق معاني التواصل الإيجابي في مجتمع لا يعترف رسميا بلغته؟! إن الاعتراف «الرسمي» بلغة الإشارة حق يجب أن نكفله للصم ونشجعهم على بلوغه دون أدنى منه، ولا يعني هذا أبدا إهمال اللغة العربية، أو التعارض مع لغة الدولة الرسمية، وإنما يعني احترام ثقافة الصم ولغتهم وتسهيل الخدمات المترتبة على ذلك، ومنها معاملاتهم في الدوائر الحكومية، وتخصيص العوائد المالية وتوظيف المترجمين لذلك. إن من الجهود التي تذكر فتشكر، وجود بعض البرامج التلفزيونية المترجمة وترجمة خطب الحرمين الشريفين وبعض نشرات الأخبار، وتخصيص بعض الحلقات لمناقشة قضايا الصم، بيد أن هذه الجهود لا تكفي لحمايتهم واحترام حقوقهم إذا لم يتم الاعتراف بها رسميا من قبل الدولة. إن الاعتراف الرسمي بلغة الإشارة كان، ولا يزال، من ألح مطالب الصم على مستوى العالم، ومن أبرز توصيات الملتقيات والمؤتمرات العلمية، ففي قطر عقد مؤخرا المنتدى الدولي للصم المسلمين في بداية عام ١٤٣٥، وفي تونس عام ٢٠١٣ أقيم المؤتمر الإقليمي للأشخاص الصم العرب، وخلصت هذه الملتقيات إلى أن الاعتراف الرسمي بلغة الإشارة يحقق أعلى درجات التواصل، ويكفل الحقوق، ويجعل الصم أكثر تفاعلا وإنتاجا في مجتمعاتهم. هذا بالإضافة إلى الاتفاقية الدولية لحقوق المعاقين عام ٢٠٠٨، والتي وقع عليها عدد من الدول، من ضمنها المملكة العربية السعودية، حيث نصت بنودها على الاعتراف بلغة الإشارة وتشجيع هوية الصم وثقافتهم، وهي أيضا مشابهة لبيان منظمة اليونيسكو الصريح عام ٢٠٠١ والذي نص على أهمية وتشجيع التعدد الثقافي واللغوي. في سطور هذا المقال دعوة صادقة للاعتراف الرسمي من الدولة، عل هذه الدعوة تجد آذانا صاغية، وعقولا واعية. وليكن هذا الاعتراف سابقة في تاريخ المملكة العربية السعودية، إذ لا يوجد حتى الآن دولة عربية أو حتى إسلامية اعترفت بلغة الصم بشكل رسمي.. والله من وراء القصد رابط الخبر بصحيفة الوئام: لغة الإشارة.. بين الاعتراف والجحود!

مشاركة :