لم تعد معظم القنوات الفضائية تهتم كثيراً ببرامج المنوعات أو الأعمال الكوميدية والدرامية قدر اهتمامها بالبرامج الحوارية المباشرة أو برامج ما يسمى ب"التوك شو"، بل إن بعض القنوات أصبحت تراهن على هذه البرامج وتوليها عناية أكبر. قناة "روتانا خليجية" وعلى لسان مسؤولها الأول تركي الشبانة منحت برامج الحوارات المباشرة النصيب الأكبر من الاهتمام الإنتاجي مما جعل برنامج "يا هلا" مع علي العلياني و"حديث الجمعة" لعبدالله المديفر يحظيان بنجومية خاصة من خلال القضايا التي تطرح فيهما أو نوعية ضيوفهما الأمر الذي انعكس بشكل واضح وملموس على دخول الإعلان بشكل كبير. وليست روتانا خليجية الوحيدة المهتمة بهذه النوعية من البرامج بل معظم القنوات الفضائية أصبح لها برنامج أو اثنان يمثلان أهمية كبرى ويحققان متابعة لدى المشاهد تفوق بكثير متابعة مسلسل درامي بل أصبحت تلك البرامج تحظى بدعم ورعاية الشركات الإعلانية مما جعل بعض مقدمي تلك البرامج من الأعلى دخلاً في صناعة التلفزيون. ولعل في برنامج "الثامنة مع داوود" على MBC والنجاح الكبير الذي ما زال يحققه حتى اليوم أغرى المحطة بإنتاج برامج شبيهة بالثامنة وإن كانت معظم تلك البرامج الشبيهة لم تصل إلى ما وصل إليه "الثامنة" من نجاح ومتابعة. الزميل يحيى الأمير ومن خلال برنامجه "المواجهة" والذي يعرض على التلفزيون السعودي بات قريباً من الدخول إلى عالم البرامج الحوارية المتميزة من خلال ما يطرحه من موضوعات مهمة وحساسة ومواكبة لما يحدث في المجتمع السعودي. المواجهة ناقش وبشفافية كبيرة العديد من الأحداث كحادثة الدالوة والفكر الداعشي وطرح من خلال نوعية متميزة من الضيوف العديد من الحلول والتصورات الكفيلة بالمساهمة بالقضاء على الفكر المتطرف. وما يميز المذيع تمكنه من إدارة الحوار برقي وحرفية وربما ساعده في ذلك ما يملكه من مخزون ثقافي وتجربة صحيفة وإن كانت هناك ملاحظة على تواضع مستويات بعض الضيوف وعدم أهميتهم. ولعل النجاح والمتابعة لبرنامج "المواجهة" يغري التلفزيون السعودي على التركيز على برامج "التوك شو" والاهتمام بها والاستعانة بأسماء إعلامية وصحفية متميزة؛ وباعتقادي ستعيد تلك البرامج توهج القناة الأولى مرة اخرى لأن إنتاج برنامج حواري واحد متميز ومتقن ومؤثر أهم وأجدى بكثير من إنتاج مسلسلات لا قيمة لها تكلف ملايين من الريالات.