تعلمنا وجبلنا على «أن لكل مجتهد نصيبا»، و«أن من جد وجد» و«أن السعي طريق النجاح والسعادة»، ولكنني عندما انظر حولي فلا أرى تطبيقاً لذلك ولا صحة الإيمان به! على الرغم من الجهد والكدح والسعي المتواصل الذي يقوم به الكثيرون، فأرى أن النجاح والتفوق حليف من هم أقل درجة في الكدح والجهد وممن يأخذون الأمور ببساطة وسلاسة من دون كفاح خارق وسلسلة من التحديات والحروب! بتجارب شخصية مررت بها وشهدتها من مقربين لي، استوعبت أن الدنيا لا تؤخذ غلابا كما تعودنا أن نسمع دوماً وكما تربينا، ولكنها غالباً ما تؤخذ بالحيلة.. وحكمة ومعرفة: متى أسعى وأكافح، ومتى أسمح للأمور بالتدفق والاسترسال بوقتها وسرعتها الطبيعية من دون تدخل أو تشويش! أرجوك ألا تعتبرني أنني أدعو إلى الكف عن السعي والكفاح والعمل الجاد، بالطبع لا، فلقد جبلت على ذلك، استشعر لذة السعي والكفاح وتجاوز العقبات وخلق واقع وحياة أريدهما، فتعريف السعادة بقاموسي يتمحور حول البساطة والكفاح! لكنني أدعو إلى استشعار شغفك الداخلي، وإعطاء نفسك مهلة لتحديد ما تريد والانصات إلى صوت الحدس الملهم لك! أنا متأكدة من أنك قد مررت بتلك التجربة أو كنت شاهداً عليها: عملت وسعيت وكافحت وتحديت، وعندما وصلت إلى هدفك، لم تكن سعيداً كما توقعت! أو أنك حاربت وجاهدت لتحقيق أمنية ما، وكلما زاد كفاحك زاد بعد هدفك عنك أو أنه حتى قد يهرب منك بعدما تيقنت أنك مدركه لا محالة، وعندما أدرت ظهرك، تحقق ما عز تحقيقه بسهولة مثيرة لدهشتك! دعوتي ببساطة أن نفرق بين العمل وأخذ خطوات ميكانيكية لتحقيق الهدف وبين الاستماع إلى صوتنا الداخلي ولحدسنا ورغباتنا الحقيقية لأخذ خطوات ملهمة تتناسق مع إرادتنا وشغفنا وليس الركض خلف القطيع! أن تدرك أن كل شيء بقدر وأن كل شيء يحدث لسبب فإما منحة أو درساً يؤهلك لما تستحق، بذلك تحمي نفسك من الضياع في طاحونة الحياة بين تروس دواليبها، تعمل وتعمل بلا نتيجة، فقط، لأنهم يريدون لك ذلك! حدد ما تريده بدقة، قم بدورك بشغف، وتحل بحكمة: متى أكافح ومتى أسمح بتدفق الوفرة إلى حياتي، وتذكر أن في الأخيرة أيضاً أكبر جهاد وهو جهاد النفس. وما زلت أنا أشق طريقي في هذا الاتجاه. رولا سمور Rulasammur@gmail.com www.growtogether.online
مشاركة :