حجّم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي طموحات الحشد الشعبي في استمالة الأكراد والسنة إلى تحالف الكتلة الأكبر في البرلمان لتشكيل الحكومة الجديدة، وألغى تحركات قيادته الأحادية للانسحاب من مناطق كردية وسنية. في خطوة تهدف إلى قطع طريق إبرام تفاهمات بين "التحالف الكردستاني" و"المحور الوطني السني" من جهة و"ائتلاف الفتح" بقيادة زعيم "ميليشيا البدر" هادي العامري، كشفت وثيقة صادرة من مكتب رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة العراقية، حيدر العبادي، توجيه الأخير بإلغاء مضمون الكتب الصادرة من ميليشيات الحشد المنضوية ضمن القوات النظامية. وبحسب الوثيقة التي تداولتها وسائل الإعلام العراقية وقناة "العربية"، قرر العبادي إلغاء مضمون الأوامر الصادرة من الميليشيات الخاصة بتنقل وحداتها وضرورة الالتزام بالقانون والتعليمات، التي تقضي عدم تسييس هيئة الحشد. كما أكدت الوثيقة عدم إلغاء أو استحداث تشكيلات، إلا بعد استصدار موافقة القائد العام للقوات المسلحة. واستهدف الإلغاء وقف تحريك أي تشكيل مسلح إلا بعد التنسيق الكامل مع قيادة العمليات المشتركة والحصول على موافقة القائد العام للقوات المسلحة، وفق السياقات المتبعة. وجاء بعد إصدار نائب رئيس ميليشيات الحشد، أبومهدي المهندس، كتاباً، في وقت سابق، يقضي بإلغاء محاور عمليات غرب وشرق نينوى، وعمليات بيجي، ونقل اللواء الموجود في سنجار إلى خارج المدينة، بالإضافة إلى إخراج مقرات الألوية من المدن. وهي مناطق يغلب عليها السنة والأكراد. وتزامن الإجراء مع المباحثات الجارية بين الكتل السياسية بشأن تشكيل الكتلة الأكبر بالبرلمان، تمهيداً لتكليفها تشكيل الوزارة المقبلة. ويؤكد مراقبون أن تشكيل الكتلة الأكبر، مرهون بانضمام "التحالف الكردستاني" و"المحور الوطني" إلى إحدى الجبهتين السياسيتين، التي يقود أحدهما زعيم التيار الصدري، مقدى الصدر، بمشاركة قوائم العبادي، وعمار الحكيم وإياد علاوي وصالح المطلك، في حين يقود الجبهة الأخرى زعيم ائتلاف "الفتح" بمشاركة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وكان رئيس "حزب الحل" وأحد قياديي "المحور السني"، جمال الكربولي، قد كشف على "تويتر"، أبرز شروط المحور للتحالف، الذي يقضي بإخراج ميليشيات الحشد الشيعية من المدن المحررة من قبضة تنظيم "داعش". في سياق قريب، أعلنت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة كركوك، أمس، رفضها "المساومة على خطة فرض القانون في المحافظة" المختلطة بين العرب والأكراد. وقال نائب رئيس اللجنة، برهان مزهر العاصي: "إننا كممثلين لعرب كركوك نرفض المساومة والتنازل والتآمر على خطة فرض القانون لأجل عودة قوات "البيشمركة" للمحافظة والحصول على مكاسب سياسية وصفها بالزائلة". وهدد العاصي بـ"فضح كل طرف سياسي أو أشخاص يعملون على عقد اتفاقيات مشبوهة مع الأحزاب الكردية، على حساب نجاح خطة فرض القانون وإضعاف المؤسسة الأمنية". يذكر أن أحد شروط الأحزاب الكردية للانضمام إلى باقي الكتل لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان هو إعادة قوات "البيشمركة" إلى كركوك وخروج ميليشيات الحشد منها. وانسحبت "البيشمركة" من كركوك بعد دخول القوات الاتحادية وميليشيات الحشد على خلفية إجراء إقليم كردستان استفتاء الاستقلال من العراق سبتمبر 2017. نفي وتقارير في غضون ذلك، نفت الحكومة العراقية تفشي الأوبئة في مدينة البصرة نتيجة تلوث مياه الشرب، مؤكدة في الوقت نفسه إرسال شحنات إضافية من الأدوية إلى المحافظة تحسباً لأي طارئ أمس. وذكرت في بيان أن وزارة الصحة أرسلت فريقاً وزارياً من الخبراء والمتخصصين في التحري الوبائي والأمراض المعوية والفحص المختبري إلى البصرة لمتابعة الحالات المرضية المسجلة هناك. وأوضحت أن الفريق أكد عدم وجود دليل على حالة تفشي وبائي خطير كالكوليرا وأن كل الحالات المرضية المسجلة أخيراً في المحافظة هي حالات بسيطة أو متوسطة وأنها انتهت بعلاجات بسيطة ولم تستلزم الرقود بالمستشفى. ورغم نفي بغداد تفشي الأوبئة، حذرت المرجعية العليا بزعامة السيد علي السيستاني، من مخاطر تفشي حالات التسمم والإصابة بالأمراض الجلدية بين أهالي مدينة البصرة، جراء عدم توفر المياه الصالحة للشرب وعدم صلاحياتها للاستهلاك البشري. وقال الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، معتمد المرجعية الشيعية خلال خطبة صلاة الجمعة، بمرقد الإمام الحسين وسط كربلاء: "لاتزال شكاوى المواطنين من أهالي مدينة البصرة تتواصل، حاملة شديد المعاناة والنقص الحاد إلى مياه الشرب وعدم صلاحية المياه، التي نتج عنها إصابة العديد منهم بحالات التسمم والأمراض الجلدية. ورغم مناشدات المرجعية الدينية، فإن الجهود المبذولة لحل المعضلة لاتزال دون حدودها الدنيا". وسجلت مستشفيات محافظة البصرة خلال الأيام الماضية إصابة المئات من المواطنين بحالات تسمم وإسهال الأمر الذي عزاه البعض إلى تلوث مياه الشرب وارتفاع معدلات الملوحة فيها. وتشهد البصرة منذ نحو شهرين مظاهرات شعبية للمطالبة بتحسين الخدمات لاسيما تجهيز الطاقة الكهربائية وتأمين المياه الصالحة للشرب. توثيق جرائم إلى ذلك، بدأ فريق تحقيق تابع للأمم المتحدة العمل في العراق هذا الأسبوع، بعد نحو عام من تشكيل مجلس الأمن الدولي له، بجمع وحفظ الأدلة المتعلقة بارتكاب "داعش" جرائم قد تصل إلى حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية تمهيداً لمحاسبة الإرهابيين. وحذر خبراء من الأمم المتحدة في يونيو 2016 من أن التنظيم المتشدد يرتكب إبادة جماعية بحق الإيزيديين في سورية والعراق بهدف القضاء على الأقلية الدينية من خلال القتل و"الاستعباد الجنسي" وجرائم أخرى.
مشاركة :