رياح وأوتاد: فن إدارة الفتن والإشاعات وتفتيت المجتمع

  • 8/27/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

في مقالتي يوم الخامس من مارس الماضي نقلت بياناً لشركة "تويتر" حددت فيه يوم 23 من الشهر نفسه لتطبق الشركة قوانينها الجديدة بشأن الحسابات الوهمية والمتعددة، وتجاه نشر المحتوى المتشابه من حسابات عشوائية، وجاء في بيان "تويتر": "إن هذه القوانين ستجعل تويتر أكثر شفافية ومصداقية، وسيؤثر ذلك في معرفة مصداقية المغردين والوهميين، وكذلك من اعتادوا على شراء المتابعين". وطالبت في مقالتي تلك بأن تتخذ الحكومة إجراءات أو يقر المجلس قوانين مشابهة تجاه الحسابات الوهمية والأكاذيب التي تنشر بأسماء غير حقيقية، والتي تؤدي إلى إشاعة الكراهية والبغضاء، والتي تبث الفتن والإشاعات والتنابز بالأقوال، وتعمل على تفتيت المجتمع الكويتي، ولكن للأسف لم تتحرك الحكومة ولم يتحرك المجلس. ومنذ ذلك التاريخ ازداد تفاقم وتفاعل الموضوع في العالم بأسره، وتبينت أكثر فأكثر خطورة هذه الوسائل إذا تركت دون تقنين دقيق لها. فقبل أيّام قليلة صرحت شركتا "فيسبوك" و"تويتر" أنهما علقتا أو ألغتا حسابات مرتبطة بإيران وروسيا بسبب تصرفات تتصف بالتلاعب والزيف، ووصفت "فيسبوك" أكثر من 650 صفحة ومجموعة بأنها مضللة، وقالت شركة "تويتر" إنها علقت 284 حساباً ذات صلة بإيران، ويأتي هذا بعد يوم واحد من إعلان "مايكروسوفت" كشف حسابات تنشر تصرفات زائفة وذات صلة بحملات بدأت في إيران وروسيا بعد تحقيقات استغرقت عدة أشهر. وجاء في بيان الشركة: "نحن نحظر مثل هذا السلوك". وقبل أسابيع قليلة وبعد القمة التي جمعت ترامب وبوتين أعلن ترامب أنه يثق بتطمينات بوتين بأن روسيا ليس لديها سبب يدعوها للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، وهذا الإعلان من ترامب يناقض بيانات المخابرات ومكتب التحقيقات الفيدرالي التي تحقق في تقارير تبدو حقيقية عن تورط روسي مؤكد في التأثير في نتيجة الانتخابات باستخدام وسائل الاتصال الاجتماعي الحديثة عبر أحد أشهر "الهاكرز" الروس، وإحدى الشركات التي تعمل في مجال الإنترنت ومواقع التواصل، وذلك باقتحام ملايين حسابات "فيسبوك". وإذا كان المال قد نجح في شراء الأمن القومي الأميركي في دولة المؤسسات والأحزاب الراسخة ذات التاريخ، فماذا يمكن أن يفعل في الدول الضعيفة التي تخلو من المؤسسات القوية وأحزابها طائفية كانت أو قبلية أو مصلحية؟ وفي الأسبوع الماضي نشرت قناة CNN خبر اكتشاف مركز للاتصالات الإلكترونية في شمال مانيلا يعمل فيه عشرات الأشخاص من بينهم ثمانية إسرائيليين، يقوم بعمليات مشبوهة باستخدام وسائل الاتصال هذه. جميع هذه الأحداث وغيرها الكثير تدعو كل من قلبه على البلد وخصوصاً على الناشئة الذين لا تكاد أصابعهم تفارق هذه الأجهزة للتحرك عاجلاً لوضع حد للحسابات الوهمية والتراشق البغيض والسباب والكذب والنميمة، وكل هذه الآفات التي وصلت حتى إلى بيت الحكم والمجلس والحكومة وكل الأسر والأفراد وشوهت الاقتصاد الوطني وطعنت النسيج الكويتي من أجل تفتيته. ولا شك أن المستفيد من هذا التفتت هو الفساد بأفراده ومؤسساته الذي جند حسابات حقيقية ووهمية لبث الأكاذيب والإشاعات والإساءة للخصوم. لذلك يجب ملاحقة الكذابين والمأجورين الوهميين ومنع سمومهم، كما يجب تشجيع الكتّاب والمغردين الشجعان الذين يكتبون بأسمائهم ويلتزمون بالخلق الإسلامي في النقد والنقل. قبل أسابيع التقيت في لندن بالأخ عيسى الكندري نائب رئيس مجلس الأمة، وأخبرني أنه وقع عندما كان وزيراً للمواصلات عقدا لإنشاء مقسم (سنترال) جديد يستطيع حجب المواقع المسيئة والمخالفة للقانون، كما يمكن من خلاله معرفة الحسابات الوهمية والعشوائية، وأنه بالإمكان عند انتهاء العمل في هذا المقسم وضع قانون يحقق الغرض المطلوب. آمل أن تكلل جهود الأخ عيسى بالنجاح هو وكل من يسعى؛ لكي تسود الكلمة الصريحة المستقيمة وسائل الاتصال الحديثة، وتختفي كلمة الفتن البغيضة المستترة بالوهم والكذب. والله الموفق.

مشاركة :