رحيل جون ماكين يطوي صفحة في أميركا

  • 8/27/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

رحل السيناتور الأميركي جون ماكين، أحد أعمدة السياسة الأميركية غير التقليدية و «بطل حرب سابق»، عن 81 سنة بعدما خسر معركته مع سرطان الدماغ. وأعلن مكتبه أن ماكين «خدم بلاده بإخلاص لـ60 سنة»، علماً أنه كان أسير حرب في فيتنام. ومارس السيناتور الجمهوري السياسة لـ35 سنة، عُرف خلالها باستقلاليته في الرأي، وكاد يفوز في انتخابات الرئاسة أمام الرئيس السابق باراك أوباما عام 2008. كما اشتهر بأنه متمرد لا يلتزم دوماً خط حزبه. وتوالت ردود فعل الطبقة السياسية الأميركية، تكريماً لذكرى ماكين الذي كان من ركائز الحزب الجمهوري، وأغضب كثيرين، ينتمي بعضهم إلى دائرته السياسية، لكنه لم يخسر يوماً تقدير الأميركيين لإخلاصه الوطني. واكتفى الرئيس دونالد ترامب الذي كان على خصام علني مع ماكين، بتقديم تعازيه في تغريدة مقتضبة لم يذكر فيها حياة ماكين أو مسيرته السياسية، وكتب: «أقدم تعازيّ وأصدق احترامي لعائلة السيناتور جون ماكين. قلوبنا وصلواتنا معكم!». وكانت إحدى الرغبات الأخيرة لماكين واضحة، إذ أعلن رفضه أن يحضر ترامب تشييعه. أما أوباما فقال: «تَشاركنا، على رغم اختلافاتنا، ولاءََ لما هو أسمى، للمُثل التي ناضلت وضحّت من أجلها أجيال من الأميركيين والمهاجرين». ودعا تشاك شومر، زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، إلى إطلاق اسم ماكين على مبنى في الكونغرس حيث كان مكتبه. وأصدر معظم أفراد الطبقة السياسية، حاليين وسابقين، بيانات عدّدوا فيها بعضاً من مآثر الراحل، إذ أشاد الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش الابن بـ «رجل ذي قناعة عميقة ووطني لأعلى درجة». واعتبر الرئيس الديموقراطي السابق بيل كلينتون أن ماكين «غالباً ما نحّى الانتماء الحزبي» من أجل خدمة الولايات المتحدة، فيما رأى السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن «أميركا والحرية خسرتا واحداً من أعظم أبطالهما». واعتبر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن «حياة ماكين وخدمته العامة شكلتا مصدر إلهام للكثيرين»، فيما قال الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن ماكين سيُذكر بأنه «مؤيّد للتقارب عبر الأطلسي» وداعم للحلف. ورأى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن ماكين «مثّل أميركا يمكن الاعتماد عليها»، كما وصفته صحيفة «تشاينا ديلي» بأنه «عملاق السياسة الأميركية، وضمير الحزب الجمهوري». وفوق مبنى الكونغرس، نُكست الأعلام تكريماً لماكين الذي سيُسجى جثمانه في باحة المبنى، قبل تشييعه في كاتدرائية «ناشونال كاثيدرال». وسيوارى في الأكاديمية الحربية في أنابوليس في ولاية ميريلاند. وعلى رغم علاجه الذي حتّم عليه التغيّب عن واشنطن منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بقي ناشطاً سياسياً في شكل نسبي. وتحدى ترامب عام 2017، إذ صوّت ضد إصلاحه لنظام الضمان الصحي. وكان ينتقد الرئيس علناً، من دون أن يخفي ازدراءه لسلوكه وأفكاره، فيصفه بأنه «نزق» و «غير مطلع». وفي مذكراته الصادرة في أيار (مايو) 2018، ندّد بتودّد ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، علماً أن عقوبات روسية استهدفته، وهذا ما شكّل بالنسبة إليه مصدر اعتزاز. ماكين الآتي من عائلة من العسكريين، إذ إن والده وجدّه هما أميرالان بأربعة نجوم، يحملان كذلك اسم جون ماكين، بدأ حياته العسكرية طياراً حربياً شارك في حرب فيتنام، حيث أُصيب ووقع في الأسر لأكثر من 5 سنوات. عُذِب ماكين في فيتنام، وبات لاحقاً من أشدّ معارضي التعذيب، منتقداً بشدة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) لممارستها استجوابات «مشددة» خلال عهد بوش الابن. وبعد عودته إلى الولايات المتحدة عند انتهاء حرب فيتنام، انتُخب نائباً ثم سيناتوراً عام 1986، واحتفظ بمقعده منذ ذلك الحين. وواجه أصعب انتخابات تشريعية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، إذ لم يغفر له ناخبون محافظون انتقاداته ترامب. وخسر ماكين أمام بوش الابن، في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة عام 2000، ثم فاز بترشيحه لانتخابات 2008، لكنه هُزم أمام أوباما. وكان ماكين من أنصار نهج التدخل في السياسة الخارجية، مقتنعاً بأن من واجب الولايات المتحدة الدفاع عن قيمها في العالم. ودافع عن ملفات داخلية كثيرة، أبرزها إصلاح نظام الهجرة وقانون التمويل الانتخابي.

مشاركة :