قبل سنوات قريبة كان الرسام التركي الضرير منذ ولادته أشرف أرمغان قد خلب لب العالم. الرجل لم يعرف مثلنا بعينيه أن البحر أزرق والشمس صفراء والعشب أخضر. لم يعرف ألوان البشر أو الزهور ولا طلاء البيوت، لا التراب ولا فساتين النساء ولا المراكب والطرقات، ولا أبعاد الأشياء، لكنه عرف كل هذا بمخيلته. أصاخ طويلا فرأى داخل خياله كل ما نراه وبعمق أكبر وانزلقت عيناه إلى أصابعه، وصار بتلك الأنامل المدهشة يرسم الأشياء من حوله بغاية الفتنة. قال أشرف: "حين أغرق في رسم لوحات البحر أشعر وكأني بحاجة لطوق نجاة". مثله ذلك المجنون الضرير توم سولفيان الذي صارت قصته وحياته فيلما من أعجب ما أنتجته السينما في العالم 1982 If you could see what I hear. توم الأعمى عاش حياته ببصر مضاعف. رقص وغنى ووقع في الغرام ودخل في المشاجرات. قاد السيارة مرارا بلا حوادث، قالت له زوجته: "توم.. كل الناس يعرفون أنك أعمى إلا أنت". اللحظة التي اصطدم فيها توم بعماه وكادت تكسره، حين سقطت طفلته في المسبح. لم يكن في البيت أحد سواهما. كان على الهاتف وسمع خبط يديها في الماء، خرج الأعمى وهو يكاد يجن وقفز إلى المسبح، وغاص غاص في كل جهة حتى وجدها في القاع وانتشلها قبل أن تفارق الحياة، حين أسعفها وقامت الطفلة انهار تماما وراح يرجف. أدرك لوهلة ما معنى أنه بلا عينين، لكن هذا الجحيم والعماء لم ينل منه سوى ذلك اليوم. أشرف وتوم.. مثلٌ لحياة رجل خارق. http://youtu.be/_zXM9Eh33w8
مشاركة :