هناك عديد من الوسائل الجديدة المتاحة عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا، مثل محرك البحث "جوجل"، وبرمجيات "إينتويت كويكن" و"ويكيبيديا" وكذلك "يوبر" التي حققت نجاحا كبيرا، ليس بفضل التكنولوجيا، لكن بما توفره هذه المنتجات والخدمات من قيمة عالية للمستهلكين، فهي سهلة الاستخدام وممتعة وذات فائدة، الأمر الذي أسهم في جذب المستخدمين وتفضيلهم لها. بإمكاننا القول إن ابتكار قيمة هو الذي يسهم في فتح أسواق جديدة، وليس الابتكارات التكنولوجية في حد ذاتها، حيث تنجح المنتجات والخدمات الجديدة في فتح سوق جديدة بفضل القيمة الإنتاجية التي تقدمها، سواء بسبب بساطتها وسهولة استخدامها، أو مدى ملاءمتها، وشكلها والمتعة التي توفرها، حتى حفاظها على البيئة. الخطأ الرابع: المساواة بين التدمير الخلاق وإيجاد سوق تكمن نظرية جوزيف شومبيتر "التدمير الخلاق" في صميم الاقتصاد المبتكر. حيث يحدث التدمير الخلاق عند ظهور ابتكار جديد في السوق ليستبدل تكنولوجيا سابقة أو منتج أو خدمة موجودة بشكل فعلي. ففي نظام شومبيتر، غالبا ما يتم تدمير القديم ليحل مكانه الجديد. ولكن إيجاد سوق جديدة لا ينطوي دائما على سياسة التدمير. فخطوات إيجاد سوق بعيدا عن سياسة التدمير تقدم حلولا جديدة. ومثال على ذلك، لعبة "وي" من "نينتندو"، قامت باستكمال منظومة الألعاب الموجودة بدلا من استبدالها، فلعبة "وي" نجحت في جذب شريحة الأطفال الأصغر سنا والأشخاص الأكبر سنا الذين لم يسبق لهم أن لعبوا ألعاب الفيديو. لذا، فإن ربط عملية إيجاد سوق جديدة بسياسة التدمير الخلاق، لا يحد من فرص المؤسسة فقط، بل من شأنه أيضا أن يعرقل استراتيجيات إيجاد سوق جديدة في الشركات القائمة، كما يدفع الشركات الناشئة إلى دخول صراع مع الشركات الكبرى من دون داع لذلك. الخطأ الخامس: المساواة بين استراتيجية إيجاد سوق جديد واستراتيجية التميز تميل الشركات المتنافسة في المجال نفسه إلى تحديد موقعها بحسب ما يطلق عليه الاقتصاديون "الحدود الإنتاجية"، والمفاضلة بين التكلفة والقيمة تكون بحسب بنية وقواعد هذه الصناعة. وغالبا ما تختار هذه الشركات استراتيجية التميز التي تخول الشركات أن تتمايز عن منافسيها من خلال توفير قيمة استثنائية؛ غالبا ما تكون هذه المفاضلة بين زيادة التكلفة على الشركة ورفع السعر على المستهلك. يفترض عديد من المديرين أن إيجاد سوق جديدة يعني الشيء ذاته. ولكن في الواقع إن خطوة إنشاء سوق جديدة تختلف عن مبدأ المفاضلة بين التكلفة والقيمة، وتنتهج استراتيجية التميز وخفض التكلفة معا. الخطأ السادس: المساواة بين استراتيجية إيجاد سوق جديدة باستراتيجية خفض التكلفة تركز المؤسسات التي تتعامل مع استراتيجيات إيجاد سوق على أنها مرادف لاستراتيجيات خفض التكلفة، على استبعاد وتقليص ما تقدمه من عروض، وتتجاهل إلى حد كبير ما ينبغي عليها تطويره أو إيجاده لزيادة قيمة المعروض. كما ذكر أعلاه، تنتهج استراتيجية إيجاد السوق مبدأي التميز وخفض التكلفة. في هذا الإطار، فإن إيجاد مساحة سوقية جديدة لا يتم من خلال سياسة تسعير تستهدف المنافسين في هذه الصناعة، لكن من خلال البدائل والخيارات المطروحة التي يلجأ إليها المستهلكون المحتملون. بناء على ذلك، فإن إيجاد سوق جديدة لا يعني بالضرورة تقديم سعر أقل مما هو مطروح في السوق، بل على العكس قد تكون من خلال رفع السعر وتحسين النوعية، كما فعل "سيرك دو سوليه" في صناعة السيرك، و"آيفون" في الهواتف الذكية، و"دايسون" في المكانس الكهربائية. تحدث أسترو تيلر رئيس مختبر أبحاث "جوجل إكس" في أيار (مايو) 2015 خلال مؤتمر مطوري البرامج، عن خطأ "جوجل" في إحداث ضجة كبيرة عند إطلاقها لنظارات جوجل - سواء بارتداء أربعة مظليين لنظارات جوجل والقفز من منطاد إلى ارتداء نظارات جوجل خلال عرض للأزياء. مثل هذه الجعجعة ليست الطريقة الصحيحة لاختبار النموذج الأولي. وأكد تيلر للعالم خلال المؤتمر أن شركة جوجل أدركت الأمر، وأنهم سيسعون جاهدين لتجنب الوقوع في فخ استراتيجية المحيط الأحمر، والتعامل مع الابتكارات التكنولوجية على أنها قيمة مبتكرة، ووعد بالتركيز على تقديم نقلة نوعية في القيمة التي يقدمها المنتج للمشتري في النسخة الجديدة للنظارات. فهل ستنجح نظارات جوجل في دخول المحيط الأزرق في نهاية المطاف؟ بالتأكيد سيساعد إدراكها لكمائن استراتيجية المحيط الأحمر على تحقيق ذلك.
مشاركة :