استعرضت المتخصصة في علم الأعصاب البارونة سوزان قرينفيلد, مسيرتها العلمية والعملية، وأجابت على تساؤلات عدة، خلال اليوم الثالث من المنتدى الدولي للمعلمين والمعلمات بالرياض، بحضور معالي نائب وزير التعليم الدكتور عبدالرحمن العاصمي. وقالت سوزان: إنها لم تكن معلمة يوماً على الرغم من أنها قضت أكثر من 40 عاماً تعلم طلاب الطب في كلية الطب بأكسفورد، وحصلت على 32 درجة فخرية من حكومات متعددة، وأثرت المكتبة العلمية بـ 10 إصدارات من الكتب التي احتوت العديد من التجارب العلمية والاكتشافات، وهي عضو في مجلس النواب البريطاني الذي منحها لقب “البارونة”. وتناولت في محاضرتها الإجابة على مجموعة من التساؤلات حول العقل البشري وبماذا يتأثر, وما الذي يحمله لنا المستقبل وما نوع حياتنا القادمة وكيف يمكننا تشكيل المستقبل ليكون ملائما لنا ويمنحنا الراحة والرفاهية؟ وكشفت أن كل ذلك مرهون بأمر واحد هو العقل البشري. وأوضحت البارونة أن خلايا الدماغ البشري تتجدد وتتحدث كل فترة من العمر، ولدينا وصلات دماغية كبشر أكثر من أي كائن آخر، وهذا ما يطلق عليه المرونة والقدرة على التشكل حسب ما نعيشه كل يوم، مشيرة إلى أن العقل ينمو حسب التغيرات الفيزيائية والبيولوجية للجسم الذي يعد للعقل هو إضفاء الطابع الشخصي على الدماغ من خلال تشكيلات حيوية فريدة تتكون من الاتصالات العصبية، وتكون مدفوعة بتجارب فريدة وهو قادر على التكيف . وأفادت أن البيئة المحفزة تجعل الدماغ أكثر قابلية للتعلم والتدريب حين تتعرض للخبرات والتجارب، وسيتم الانتقال من الخلايا الحسية إلى الإدراكية ، لذا تبدو انفعالاتنا أكبر والوصلات الدماغية تبدأ بتحرير العقل وتبدأ الذاكرة بالعمل ويصبح لدينا ماض خاص بنا وذكريات نحتفظ بها وكل ما تقدمنا للأمام يزيد مخزون الذكريات ومخزون التعلم. وتناولت الخبيرة في جانب آخر الإجابة عن سؤال: هل يحُدث العالم الذي يتم عرضه من خلال الشاشات المختلفة أي فارق؟ بقولها: “جمعية الأطفال الأمريكية أوصت بعدم تعريض الأطفال لأجهزة الآيباد قبل عمر سنتين، لأن التقنية تعرض الدماغ لأنواع من التلف والتشوهات، ووصفت منظمة الصحة العالمية عقول الأطفال المدمنين على الألعاب الإلكترونية بأنهم تماماً مثل عقول الأشخاص المدمنون على لعبة القمار، ومخزون الدماغ من “الدوبامين” وهو الجزء المسؤول عن الإثارة في الدماغ يبدأ بفقدان مخزونه لأنه يكون أكثر استهلاكا لديهم، وهذا الجزء يحتاج للتطور والنمو حتى تبلغ العشرين من العمر”. وأشارت إلى إصابة الأطفال المدمنين على الألعاب الإلكترونية بأنهم أكثر عرضة للسمنة والعصبية لأن عاداتهم تتكون من خلالها، وغالباً ما يتكون لديهم أعراض انسحابيه نتيجة اللعب ويفقدون الاهتمام بهواياتهم نتيجة الإفراط بها، ويخسرون الوقت ويتحايلون للحصول عليه، وتتغير أمزجتهم وعلاقاتهم الأسرية ويصبحون في عالم من التوحد الافتراضي, كما تناولت تأثير أجهزة الحاسوب على السلوك الإنساني، مستشهدة بأن موقع “فيسبوك” اعترف بأن وسائل التواصل الاجتماعي ضارة بالصحة العقلية. ودعت المتخصصة في علم الأعصاب في نهاية محاضرتها, إلى إيجاد البديل المناسب للأطفال، والبديل الجاذب، كالنشاط الرياضي والحركي، الذي يدعم خاصية التخيل لديهم، وإلى قراءة القصص والحكايات التي تثري العقل وتجعلهم يحسنون التواصل الاجتماعي مع الأشخاص ويتحدثون معهم لتتشكل لديهم اللغة السليمة ويفهمون لغة الجسد وتتشكل هوياتهم وتجعلهم يواصلون ما بدأوا به ليصلوا إلى النهاية التي يبحثون عنها.
مشاركة :