هستيريا الخوف من المصالحة | شريف قنديل

  • 12/27/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

فرق كبير بين الحذر بل التحذير من وقوع أخطاء أو حتى تنازلات عند بدء المصالحة، وبين الحذر والتحذير من الاستقرار! انزعوا بشكل حاسم وعاجل، والآن الآن وليس غدًا كل السكاكين والألعاب النارية! الصحف والقنوات لم تكن أبدًا ألعابًا نارية، ومنصات صواريخ أو توبيخ لكل من تسوّل له نفسه التفكير في المصالحة! افسحوا المجال ولو لسويعات لروح السماحة والود والألفة والوئام.. فالبديل الوحيد الجاهز أمامنا هو التخبط في غياهب الظلام! افسحوا المجال من فضلكم لروح المصالحة، فهذه أبدًا لم تكن ولن تكون حرية إعلام! إنها أو إنه في الحقيقة الخوف من الاستقرار بمفهومه العام.. استقرار الأوطان.. فمع استقرار الأوطان تفر الخفافيش والغربان وتختفي كل الأمراض والفيروسات تمامًا مثلما يحدث في الأبدان! فرق كبير بين التخدير الذي يستهدف مصلحة الوطن وذلك الذي يستهدف مصلحة شخصية، أو حتى مصلحة هيئة أو حزب أو كتلة أو جماعة! فرق كبير بين الدفاع عن مصالح الأوطان، والخوف من انتهاء أو فض المهرجان.. هيّئوا الشعوب للسماحة والتسامح والوئام بدلًا من الاستمرار في تهيئتها للقبول بفكرة الانقسام.. وضرورة الانقسام وحتمية الانقسام! لا وقت للاستعراض ولا المعايرة.. هذا كان له دور بارز.. وتلك كانت لها صوت مسموع.. هذا كان له برنامج صارخ.. وذاك كان له قناة.. لا فضل لأحد منكم على وطن، خاصة وقد تقاضيتم وما زلتم الأجر أو الثمن.. وما أبخسه من ثمن! نرجوكم أو نستسمحكم ألا تمعنوا هذه الأيام.. أيام المصالحة.. في تحويل الأخوة أعداء، ونثر الوطن وشرذمته شظايا وهباء. دعوا هذا العبث أو اللعب، فالوطن كل ليلة من هول ما يسمعه منكم يبكي وينتحب. أعود فأقول: إن استمرار الانقسام داخل الوطن الواحد وبين الأوطان يعني منح المزيد من فرص الوقوع أو التعاطف أو الانضمام لقوى الظلام! استمرار الانقسام يعني أن البلد الواحد ينشطر إلى بلدين، والشعب إلى شعبين، والعلم الواحد إلى علمين وقد حدث! في العراق الآن ليس علم واحد ولا علمان بل ثلاثة وأربعة! دعك من كردستان فلها حكاية خاصة، أو رعاية دولية خاصة، وأنظر في بقية الأركان! أصبح لكل ميليشيا هناك علم! ثم اذهب أو لا تذهب من فضلك، وإنما انظر إلى سوريا حيث تتعدد الأعلام، وقبلهما لبنان وقبلهم السودان، وآسف للسجع -لكني مضطر لأن أُردِّد كل مرة: يا هوان الهوان! في أجواء المصالحة يحلو للبعض الآن أن يُروِّج لفكرة أن هذا الطرف شعر وأيقن أنه بات ضعيفًا، وأن ذاك بات أكثر اقتناعًا بأنه أصبح مضطرًا! سيروج البعض كذلك لفكرة المؤامرة، وسيعتبرها البعض تجارة أو مقامرة، والحق أنها كانت ومازالت محض استشعار للخطر الداهم من لدن حكيم العرب عبدالله بن عبدالعزيز. لقد بات من الواضح أن هناك من لا يقبلون بل لا يطيقون فكرة المصالحة، ليس انتصارًا لكرامة وطن قد أهدروها من زمن، وإنما انتصارًا لروح الفرقة، وإصرارًا على الإخلاء ما بين المديّة والرقبة! إنهم يريدون ذبح الأمة! ويا أيتها الشعوب العربية الأبية المستقلة، أفيقي فليس كالفتنة ميتة، وليس كالقسمة علّة! دعي الوطن العربي الكبير يخرج من أسر حقائب أطفالنا الصغار ليحمي الحدود والخرائط التي يلهو بها الكبار. sherif.kandil@al-madina.com

مشاركة :