محللون: الاندماج «طوق نجاة» شركات النفط العالمية لتحاشي الإفلاس

  • 12/27/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قررت بلدية مدينة أبردين الاسكتلندية الدعوة لعقد قمة لقادة صناعة النفط البريطانية على أن يحتل جدول أعمالها بندا واحدا هو، "كيف يمكن لصناعة النفط في بحر الشمال مواجهة الانخفاض الراهن في الأسعار وإعادة هيكلة نفسها"؟ تأتي هذه الدعوة مع تزايد الجدل على صفحات الصحف وشاشات التلفاز بين مختصي النفط البريطانيين بشأن الفترة الزمنية للوضع الراهن في أسواق النفط العالمية، حيث تتباين الآراء حول مواصلة أسعار البترول انخفاضها وانحيازها لمصلحة المستهلكين على حساب المنتجين. وتتوزع وجهات النظر تلك بين متفائل يعتقد أن الأسعار ستعاود الارتفاع في غضون ستة أشهر، وتراهن على أنه بحلول منتصف عام 2015 سيعاود سعر برميل البترول ارتفاعاته لمستويات قد تبلغ 85 دولارا للبرميل، أما المتشائمون فيعتقدون أن الأسعار ستواصل الانخفاض مستقبلا، وأن الأزمة ستمتد ربما لث سنوات حتى تفلح الأسواق في امتصاص الفائض المطروح حاليا في السوق. ويبدو الأمر المؤكد للجميع سواء كانوا من معسكر المتفائلين أو خصومهم من المتشائمين أن صناعة النفط في بريطانيا مستقبلا لن تكون على وضعها الراهن حاليا، وأن هيكل تلك الصناعة عليه أن يتغير، لمواجهة تحديات سوق النفط العالمية. ومع إقرار الجميع بهذه الحقيقة، تنصب المناقشات حاليا بين رؤساء مجالس إدارات الشركات النفطية والمختصين والمسؤولين الحكوميين في البحث عن إجابة لسؤال هو طبيعة الهيكل الجديد المقترح لتلك الصناعة؟ وكيف يمكن إعادة هيكلتها بأقل الخسائر الممكنة؟ ويقول جريتيل مورتيمر المختص النفطي لـ "الاقتصادية"، "إن الدعوة لعقد قمة أبردين جاءت في أعقاب التحذيرات التي تعالت بأن صناعة النفط البريطانية على شفا الانهيار، وعلى الرغم من أن بعض أقطاب الصناعة النفطية اعتبروا أن التحذير مبالغ فيه، وأن قدرات الصناعة النفطية في بريطانيا يمكنها التصدي للأزمة، إلا أنهم لم يستطيعوا أن ينفوا أن مواصلة أسعار النفط لانخفاضها، يمكن أن يوجه لصناعة البترول البريطانية، وتحديدا في بحر الشمال ضربة قوية صحيح أنها لن تؤدي إلى انهيارها، ولكنها ستجعلها مصابة بإعاقة يصعب الشفاء منها". ولكن لماذا حملت بلدية مدينة أبردين الاسكتلندية لواء الدعوة لعقد قمة عاجلة لقادة الصناعة النفطية في بريطانيا وبحضور ديفيد كاميرون رئيس الوزراء، السؤال حملناه إلى أندروا دان نائب رئيس بلدية أبردين الذي أكد لـ "الاقتصادية"، أن الأمر مرجعه للوضع المميز للمدينة في اسكتلندا وبريطانيا، مشيراً إلى أن الأمر لا يرتبط فقط بأن أغلب الاحتياطات النفطية للمملكة المتحدة توجد في بحر الشمال وأعني في اسكتلندا، ولكن أيضا أبردين التي تعد عاصمة النفط في أوروبا، وواجبنا العمل مع الحكومة الاسكتلندية ومكتب رئيس الوزراء البريطاني وقادة صناعة النفط لضمان أمرين، الأول أن صناعة النفط البريطانية لن تشهد تقليصا ضخما في أعداد العاملين، وثانيا أن شركات النفط لن تغلق أبوابها وتغادر مدينتنا. ويعتقد البعض أن المهمة الكبرى الملقاة على عاتق المؤتمر ستتركز على دعم استراتيجية الدمج بين الشركات البريطانية لمواجهة التحديات الناجمة عن انخفاض الأسعار، ويرجح كثير من المختصين أن تشهد صناعة النفط البريطانية عمليات دمج متعددة بين الشركات النفطية وكذلك الشركات العاملة في مجال الخدمات النفطية خلال الأشهر المقبلة. ويطالب البعض الحكومة البريطانية بالتغيير من اهتمامها الحالي، المنصب على البحث عن حلول للمصاعب التي تواجه شركات النفط الكبرى، وأن تركز اهتمامها أكثر على الشركات الصغيرة العاملة في مجال الخدمات النفطية والتنقيب أو الخدمات اللوجستية. ويطرح عدد من مختصي النفط خططا متنوعة لدمج الشركات الصغيرة سواء كانت عاملة في مجال إنتاج النفط مباشرة أو في تقديم الخدمات، لتفادي انهيارها وخروجها من الأسواق، وعلى الرغم من ترحيب بعض أصحاب الشركات الصغيرة بهذا الاتجاه، إلا أنهم يعيبون على الحكومة عدم اتخاذها إجراءات كافية لتشجيع المضي قدما في عمليات الدمج. وأكد هودج هيفر رئيس القسم المالي في شركة ال بي للخدمات النفطية، وهي شركة صغيرة برأسمال يقدر بعشرة ملايين جنيه استرليني، وتعمل على تقديم الخدمات الغذائية للعاملين في منصات النفط في بحر الشمال، لـ "الاقتصادية"، أن الشركات العملاقة مثل "بي بي" يمكنها أن تعيد هيكلة ورسم خططها المستقبلية، وتحمل الخسائر، أما بالنسبة للشركات الصغيرة مثل شركتنا، فإن مصيرها معرض للخطر، لأن خدمتنا تعتمد في الأساس على أعداد العاملين في المنصات البحرية. وأشار هيفر إلى أن تقليص أعداد العاملين يعني عمليا خروجنا من السوق، لأن الشركات الصغيرة لديها ميزانية ضعيفة نسبيا، وتعمل وفقا لحد أدنى من الأرباح، ونحن لا نمتلك احتياطيا ماليا ضخما يمكننا من مواصلة العمل لفترات طويلة في ظل انخفاض الأسعار النفطية، ولهذا نرى أن الدمج هو الحل. وتشهد أسواق النفط البريطانية محادثات للدمج بين عدد من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشير بعض التقارير الإخبارية إلى أن محادثات الدمج التي كانت تتم في الماضي خلال شهور، تحقق الآن نتائج خلال أسابيع جراء الضغوط المتصاعدة على الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في المجال النفطي. ولكن هل تكفي عمليات دمج تلك الشركات لإحداث تغييرات جذرية في هيكل الصناعة النفطية البريطانية؟، يعتقد المختصون أن الصناعة في حاجة لعمليات دمج بين الشركات الكبرى، للقيام بتغييرات ملموسة، أما الاكتفاء بدمج الشركات الصغيرة والمتوسطة فلن يحدث انعكاسات جوهرية على مصير صناعة البترول البريطانية. وإذا صدقت التكهنات الراهنة بأن هناك محادثات سرية تجري بين عملاق النفط البريطاني "بي بي"، وشركة شل بريطانية – هولندية للاندماج معاً، فإن ذلك سيعني بروز عملاق جديد بين شركات النفط الدولية. وكان التقرير الذي أصدره بنك مورجان ستانلي من إمكانية انخفاض الأسعار إلى 43 دولارا للبرميل خلال الربع الثاني من العام المقبل، قد عزز هواجس الشركات الكبرى بشأن الأعباء الناجمة عن تكلفة الإنتاج المرتفعة، لأنه عندما كانت الأسعار نحو 100 دولار للبرميل، كانت الشركات البريطانية العملاقة تسعى من خلال التعاون فيما بينها لخفض تكاليف الإنتاج، خاصة في المناطق الجغرافية ذات الطبيعة الإنتاجية الصعبة مثل بحر الشمال، والآن تحولت القضية من هواجس تدفع للتعاون إلى عبء حقيقي يجعل من الاندماج خيارا شبه وحيد لضمان البقاء في السوق مستقبلا.

مشاركة :