نشرت «مونت كارلو الدولية» يوم الأربعاء الماضي تقريراً مطولاً للصحفي الفرنسي آلان غريش يكشف معلومات خاصة تتعلق بإنتاج قناة الجزيرة القطرية لفيلم وثائقي «خطير» حول نفوذ اللوبي «الإسرائيلي» في الولايات المتحدة قبل أن تمنع عرضه ما تسبب في سخط داخل أوساط القناة.ورفع، غريش،في تقرير استقصائي مطول نشره على موقع المجلة الإلكترونية، التي يشرف على إدارتها، «أوريان 21»، الغطاء عن أسرار هذا البرنامج الذي حمل عنوان «ذا لوبي»، والذي يفضح قصة التجسس والابتزاز المتبادل بين قطر و«إسرائيل».يقول غريش عن البرنامج «كان من المتوقع أن نعيش حدثاً إعلامياً خطيراً، وإنكاراً ساخطاً، وسجالاً عنيفاً. إلا أن شيئاً من ذلك كله لم يحدث. تم تأجيل البث الذي كان منتظراً مطلع عام 2018 إلى أجل غير مسمى، وذلك دون أيّ تعليل رسمي».ويضيف «وتبين من أخبار وردت في الصحافة اليهودية الأمريكية قبل أي مصدر آخر أن بث البرنامج لن يحدث إطلاقاً، الأمر الذي أكده في ما بعد كلايتون سويشر، مدير القسم المختص بالتحري والاستقصاء في القناة، وذلك في مقال أعرب فيه عن أسفه لتجميد الشريط. ثم أعلنت القناة أن سويشر سيكون في إجازة لمدة طويلة».ويواصل غريش قائلاً :من أجل ترجيح كفة الميزان قررت قطر تأجيل البث المبرمج، مقابل توقف الجناح الأيمن للوبي الصهيوني عن التحريض على قطر داخل الإدارة الأمريكية؛ هؤلاء الذين كانوا منذ زمن ليس بالبعيد يتهمون قطر بتمويل حركة حماس والإرهاب وافقوا على تغيير موقفهم مقابل تجميد التحقيق. ويوضح غريش طريقة حصوله على المعلومات والتفاصيل حول هذا البرنامج مشيرا إلى أن «دفع هذا العمل الذي تطلب مجهود أكثر من سنة كاملة إلى تململ داخل قناة الجزيرة ولّد الرغبة لدى البعض بعدم ترك هذه الحقائق تضيع في الرمال المتحركة للتسويات الجيوسياسية». وهكذا أتيحت لنا الفرصة، بفضل أحد الأصدقاء المقيمين في الخليج، لمشاهدة الحلقات الأربع ومدة كل منها خمسون دقيقة، في شكلها شبه المُنجَز.وظهرت على «يوتيوب» مقاطع فيديو من الفيلم الوثائقي تم تسريبها إلى وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة حول قصة «مندس» شغلته قناة الجزيرة في أوساط الجماعات الموالية ل «إسرائيل» في الولايات المتحدة منذ عام 2016 اسمه «طوني كلاينفيلد» تمكن من جمع كل «المكونات المطلوبة لإنتاج تحقيق باهر».وقالت صحيفة «هارتس» «الإسرائيلية» في تقرير لها نشر أمس إن «مصدرين من داخل المنظمات الموالية ل «إسرائيل» «في الولايات المتحدة» اتصل بهما مندوب الجزيرة السري أكدا لها أن مقاطع الفيديو قد صورت بالتأكيد من قبله وأنه اختفى منذ أوائل عام 2017، وذلك بعد أن تمكن من أن يصبح متدرباً في منظمة «مشروع «إسرائيل»» المؤيدة لتل أبيب في واشنطن».في أحد المقاطع المسربة من الفيلم، يظهر أن «المتدرب» وكأنه يتحدث إلى أحد رؤسائه في «مشروع «إسرائيل»» الذي يخبره بأن المليونير «الإسرائيلي» الأمريكي آدم ميلشتاين الذي يدعم عدداً من الجماعات الموالية ل «إسرائيل» في أمريكا يموّل أيضاً منظمة «Canary Mission» السرية التي تستهدف النشطاء المعادين ل «إسرائيل» والاحتلال في الجامعات الأمريكية، وهو الأمر الذي نفاه ميلشتاين لاحقاً.في المقطع نفسه يظهر ميلشتاين نفسه متحدثاً مع «طوني» مباشرة هذه المرة حول كيفية تشويه صورة الناشطين ويطلب منه «التحقق من هوياتهم وأجندتهم يجب أن نظهر حقيقة أنهم ضد كل ما نؤمن به أنهم عنصريون ومتعصبون ومعادون للديمقراطية. القول إنهم معادون للسامية فقط لا يكفي. يجب أن نقدمهم على ما هم عليه: معادون للحرية وللمسيحيين».يبين مقطع آخر كيف يتم تنظيم مظاهرة طلابية «مؤيدة ل «إسرائيل»» رغم أن بعض المتظاهرين لا يهتمون في الواقع بالموضوع الذي يعتبره بعضهم «احتجاجات زائفة». وليس المقطعان سوى جزء يسير من مادة وثائقية وفيرة، بحسب آلان غريش، تسمح للمراقبين برؤية «حقيقة» النفوذ وأساليب العمل والممارسات التي تعتمدها منظمات «مستقلة» داعمة ل «إسرائيل» في الولايات المتحدة. لكن السؤال الذي يطرح بشكل طبيعي هو عن مدى صدقية «الصفقة» التي يعتبر الإعلام «الإسرائيلي» أنها عقدت بين الحكومة القطرية واللوبي اليهودي لمنع عرض الفيلم وتالياً عن مدى استقلالية قناة «الجزيرة».
مشاركة :